زيارة الملك السعودي لموسكو كيف تنعكس سوريا؟!

دمشق ــ خاص بوابة الشرق أوسط الجديدة

زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، مهمة في زمانها ومكانها ليس بالنسبة للطرفين وحسب، بل بالنسبة إلى السوريين أيضا الذين يبحثون عن كل المعطيات التي تساعد على وقف الحرب في بلادهم..

وروسيا ، واقعيا، تحتضن غالبية الملفات التي تتناقض مع التوجهات السياسية السعودية المتعلقة بها، ومن بينها الملفان السوري و الإيراني، وهما ملفان مترابطان إلى أقصى حالات الترابط، وإذا كان يمكن البناء على خطوات إيجابية يشهدها الملف السوري نتيجة هذه الزيارة فكيف سيتم التوفيق مع الملف الآخر، وقد سادت قناعات تحدث عنها فيتالي نؤومكين قائلا : إن سُنة العالم العربي نظروا إلى روسيا كدولة تنحاز للشيعة!

هذا هو أحد الأسئلة التي يمكن التعاطي معها بشأن نتائج زيارة الملك سلمان إلى موسكو ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن السؤال يفتح تلقائيا على وقائع الحرب الدائرة في سورية، وتداخلاتها العربية والدولية، وإذا كان التحليل يبني على ذلك فإن القمة الروسية السعودية يفترض أن تسمى ( قمة انتهاء الحرب) والبحث عن المصالح القادمة بين الطرفين، على الأقل لأن الطرف الروسي زج بكل قوته في الحرب السورية وتمكن من تغيير موازين القوى ضد الأطراف الأخرى ومن بينها السعودية.

ووفقا للتقارير الروسية، فقد وقّع الطرفان أكثر من 10 اتفاقيات، ولم تتوقف المحطات التلفزيونية والصحف عن سرد التفاصيل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي وآفاقه، بل حتى على صعيد التعاون العسكري، وتعتبر هذه الانطلاقة في تمتين العلاقة مفصلا هاما على صعيد السياسة السعودية وماتشهده من مستجدات في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد قمة الرياض التي جمعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .

وقد لحظت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية الجوانب السياسية المتعلقة في القمة الروسية السعودية، فقالت إن الدولتين أبديتا في الآونة الأخيرة الاستعداد لتوثيق العلاقات بينهما، وأن الخبراء يرون أن الطرف السعودي يحتاج إلى روسيا لجملة أسباب في مقدمتها تضعضع الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط.

من هنا يرى كل من تابع تفاصيل هذه القمة أن نتائج مهمة ستنعكس على ساحة الحرب السورية والطرق الكثيرة التي فتحت لحلها، وتتنامى أهمية الموقف السعودي الآن بعد تراجع الموقفين القطري والتركي المتعلقين بدعم الفصائل والمجموعات المسلحة التي تقاتل الدولة السورية من أجل تغيير نظام الحكم فيها ، والسؤال في هذه الحالة : هل سنشهد تغيرا ذا معنى في المواقف السعودية؟!

قبل الحديث عن هذا التغير، من المفيد الاطلاع عن مانقل عن غريغوري كوساتش وهو مصدر مطلع في روسيا ، وذلك قبل بدء القمة بين سلمان وبوتين فقد سرب الخبير المذكور معطيات مهمة من بينها أن زيارة الملك السعودي إلى روسيا باتت ممكنة بعدما قدمت موسكو عددا من التنازلات، ومن تلك التنازلات منح السعوديين الحق بالتحكم في مختلف جماعات المعارضة السورية، وهذا يعني أن الفرصة مواتية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين من جهة وقف الحرب في سورية وبما يفيد بأن اقترابا سعوديا قد تم مما تريده موسكو، وقد تعرف على جزء منه العالم وهو يسمع بعض التصريحات السعودية المتعلقة بالملف السوري.

وهنا من الطبيعي السؤال عن إيران، وهي طرف ساخن في الموضوع، ويراقب العالم باهتمام تفاصيل تدهور تنفيذ الاتفاق النووي الايراني وتصعيد لهجة ترامب على هذا الصعيد، وقد نقلت صحيفة كيهان (العربي) عن آنا بورشيفسكايا الباحثة في سياسات روسيا تجاه الشرق الأوسط في معهد واشنطن أنّ السعودية غيّرت على ما يبدو موقفها تجاه الرئيس السوري بشار الأسد في الأسابيع الأخيرة، وتقبّلت أنه سيبقى في السلطة، على الأقل في الوقت الراهن.

وتذكرنا هذه المعطيات بتلك التي كشف عنها المعارض السوري الدكتور قدري جميل عقب اجتماع الرياض الذي جمع ثلاث منصات من المعارضة السورية، وأشار فيه إلى عبارات مهمة لمسؤول في الخارجية السعودية تشير إلى تبدلات هامة في الموقف السعودي تجاه التعامل مع الأزمة السورية.

ويفترض أن تنعكس كل هذه التطورات على مواقف القوى المسلحة وغير المسلحة التي تدعمها السعودية في سورية وفي المدى المنظور يمكن أن نلمسه في اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات، والاجتماع المتوقع في الرياض للمنصات من جديد، وربما يحمل هذا المستجد على بناء قاعدة مواقف موحدة سياسية تتعلق بآليات الحل السوري يتقارب فيها الجميع وتجعل المنصات متفقة على وفد موحد وهو ما تتطلبه عملية البحث عن حل في سورية .

أين هو الموقف الأمريكي من كل هذا ؟ وهل سيعيق هذا الموقف نتائج قمة موسكو، والآمال التي عقدت عليها بشأن الحل السوري؟ هذا سؤالان تحتاج الاجابة عليهما إلى انتظار !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى