سانتا كلوز …

كنت مستلقية في سريري أتظاهر بالنوم محاولة أن استرق السمع الى حديث أمي وأبي وهم يتهامسون في غرفة الجلوس حول الهدية التي طلبتها من بابا نويل لعيد الميلاد ..

اشعر بالسعادة والاثارة وهم يقرؤون رسالتي التي تركتها تحت الشجرة حول امنياتي وطلباتي والهدية التي أريدها ..

لم يكن عمري قد تجاوز الاحدى عشر سنة  .. وانا احلم بكل المتعة والسعادة التي سأعيشها وانا افتح هديتي التي سيتركها لي حتما سانتا كلوز تحت الشجرة ..

كمية الاثارة والمتعة والترقب والانتظار كانت كافية لتبقيني مستيقظة لعدة ليال قبل الحدث المهم..

كم من مرات حاولت البقاء مستيقظة حتى أراه قادما على عربته الطائرة تجرها غزلان برية لينزل من الصوبيا ( لم يكن عندنا مدفأة وقتها ) ويضع هدايانا تحت الشجرة ..

تخيلات جميلة .. جعلت هذه الفترة من العام من اجمل الفترات .. أنتظرها من العام الى العام .. ونعلق عليها اجمل رسائلنا وأحلامنا وطلباتنا ..

كان هناك تحت الشجرة  دوما هدية يجلبها لي سانتا كلوز منذ ٥ سنوات وهي مجلد سامر .. مجموعة من القصص الجميلة المصورة إضافة الى مجموعة قصص المكتبة الخضراء استمتع بقراءتها .. اضافة الى هديتي التي أطلبها منه .. والتي ما زالت ترسم على وجهي كلما تخيلتها أقصى ملامح السعادة والنصر ..

أرهفت السمع الى حديث ابي وامي .. لاتأكد من ان هديتي مقبولة عندهم .. لاسمع ابي يقول ( سألت ابو زكي قال ماعندو ياها بكرى بجيبها وبيلفلنا ياها وانا بمر لعندو بعد بكرا بجيبها ومنخبيها )

شعرت بالدوار .. ماذا اسمع ؟؟

هل عمو ابو زكي هو سانتا كلوز ؟؟ ام والدي هو !!!!!؟؟؟

لاسمع امي تقول ( وين بدنا نخبيها ؟؟ حجمها كبير لتقوم تشوفها وتحس..اتركها عندو لبعد بكرى احسن )

لم اصدق ما اسمع ..!!

اختنقت اشارات الاستفهام في حلقي ..

ماذا يقولون ؟؟ ماذا يفعلون ؟؟

اين سانتا كلوز في كل هذا الحديث ؟؟؟ ماذا يحصل ؟؟

لم اصدق اذني .. شعرت بالحزن الشديد .. بالاحباط ..

هل يضحكون علي وسانتا كلوز ليس حقيقيا ..

لا لا اريد ان اصدق ..اين سانتا كلوز

للحظة تحطمت أمامي كل احلامي الجميلة .. .. نزلت دموعي بصمت .. وانا مصدومة .. أردت ان اخرج  لمواجهتهم ..هل سانتا كلوز حقيقي ام لا ؟؟؟  لاصرخ عليهم .. لماذا تكذبون علي .. لماذا تتركوني اعيش بالوهم .. بالكذب .. !!

كنت اعيش الحيرة والشك منذ مدة .. ولكنهم كانوا يقولون لي انه حقيقي وانا اريد ان اصدقهم ..

شعرت بالغضب والحقد .. شعرت بخيبة امل شديدة .. شعرت ان كل شيء جميل في حياتي ينهار فجاة  ..

حاولت ان انهض من الفراش ولكن خفت .. خفت من المواجهة .. خفت ان افقد فرصة ان احصل على هديتي .. وان يعرفوا اني اكتشفت الحقيقة ويتوقف سانتا كلوز عن احضار الهدايا لي ..

عشت للحظات صراعا بين الحقيقة والحلم وبين الوهم الجميل .. والواقع المؤلم ..

عدت الى فراشي ودموعي تحرقني ..

سأصمت وامثل اني اصدق خدعة سانتا كلوز ..

واحصل على الهدايا .. !!

.. كانت اول خيبة امل حقيقية لي في الحياة ..

ولكن مع الوقت أدركت .. كم جميلة تلك الاحلام والأوهام التي تبقينا على قيد الأمل .. والتي نورثها لأولادنا ..

واستمريت في الحصول على الهدايا .. رغم معرفتي ان سانتا ليس حقيقيا ..

واستمريت باحضار الهدايا لاولادي حتى اليوم أاضعها تحت الشجرة .. بشرط ان يكتبوا احلامهم وأمنياتهم برسالة الى سانتا كلوز ويضعونها تحت الشجرة ..!!

ليبقى سانتا كلوز رغم كل الخيبات حقيقيا …. !!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة