سباق الطاقة الرخيصة
يعتقد معظم المتابعين لشؤون العلوم والتكنولوجيا أنّ السباق بدأ لتحقيق التمويل الرئيسي لمشاريع صنع مفاعلات انصهار مصغّرة. وفي السنوات القليلة الماضية، أنفقت البحرية الأميركيّة ملايين الدولارات لدعم بحوث في شركة «إي أم سي2 فيوجن» الأميركيّة. وتبحث تلك الشركة عن مستثمرين وشركاء كي تتمكّن من إنجاز التجارب على المرحلة اللاحقة من مشروعها المسّمى «بولي ويل» المُشابِه لـ «سي إف آر». ويتعلق الأمر بصنع مفاعل تجريبي الهدف منه توضيح آليات صنع مفاعل بحجم صغير.
وتستند «إي أم سي 2 فيوجن» إلى بحوث دؤوبة لعالم الفيزياء روبرت بوسّارد الذي يعتبر من المرجعيات العلميّة في الانصهار النووي. وثمة حفنة من الشركات الأميركيّة التي تعمل على مشاريع مُشابهة أيضاً. وأعرب جايونغ بارك، رئيس «إي أم سي 2 فيوجن» عن اعتقاده بأن «لوكهيد مارتن» تقلّد شركته، لأنها تعتمد الأسلوب العلمي عينه الذي استندت إليه شركته طويلاً! في حديث إلى محطة «إن بي سي نيوز» التلفزيونيّة، أوضح بارك «أنّ توم مغواير، وهو رئيس فريق بحوث مفاعلات الانصهار المصغّرة في «لوكهيد مارتن»، أقرّ بأنّ المفهوم العلمي في مشروعه لديه بعض أوجه من التشابه مع مشروع «بولي ويل»… ويعتمد كلاهما على «ملاحقة» مكوّنات ذريّة لها شحنة موجبة داخل حقل كهرومغناطيسي قوي… أنا سعيد لرؤية اعتماد المبدأ الأساسي لمفهومنا حول المشروع من قبل آخرين، في جهودهم لانتاج طاقة انصهار اقتصاديّة».
مشاريع متقاطعة ولكن…
يذكر أن بعض الجهود البحثيّة حول الانصهار يخصّص لها مئات الملايين (بل بلايين) الدولارات كدعم حكومي، كحال «الجهاز زد» في «مختبرات سانديا الوطنيّة» في ولاية «نيو مكسيكو» الأميركيّة، و «المرفق الوطني للإشعال النووي» في ولاية كاليفورنيا الذي يعتمد على أشعة الليزر في إشعال آليات الانصهار النووي. وحظي الأخير بتمويل فاق الثلاثة بلايين دولار.
ويقول معلّقون إن سعي «لوكهيد مارتن» لإيجاد شركاء يضيف فائدة كبيرة لبحوث الانصهار النووي. إذ يستثمر البليونير جيف بيزوس، مؤسس شركة وموقع «أمازون.كوم»، في مشروع «جنرال فيوجن» الكندي، فيما يضخ بول آلن، وهو الشريك المؤسّس لشركة «مايكروسوفت» العملاقة، أموالاً في مشروع «ثلاثي ألفا للطاقة» في كاليفورنيا.
تحاول مشاريع أخرى كـ «لورنسفيل بلازما فيزيكس» تحقيق اختراقات كبيرة في فيزياء الانصهار النووي. وفي «جامعة واشنطن»، تعكف شركة «هيليون للطاقة» على مشروع بحثي آخر حول الاندماج النووي، بعد أن أعلنت الجامعة عن ضخ رأسمال يفوق المليون دولار لتمويل ذلك المشروع.
وفي ظل تلك المنافسة، يتوقع مغواير أن يتوصّل فريقه في «لوكهيد مارتن» إلى بناء نموذج أولي لمفاعل انصهاري مصغّر في غضون خمس سنوات. وتقدّم «هيليون للطاقة» جدولاً زمنيّاً أكثر طموحاً. إذ يأمل ديفيد كيرتلي، وهو الرئيس التنفيذي للشركة، في الوصول إلى انتاج طاقة من مفاعله الانصهاري تكون أعلى بأضعاف من الطاقة المستخدمة في تشغيله وإشعاله، في غضون ثلاث سنوات.
من يفوز في سباق مفاعلات الانصهار النووي المصغّرة؟ أي مشروع ينجح في الوصول إلى مستوى انتاج طاقة وافرة ورخيصة، قبل غيره؟ متى يحصل ذلك؟
صحيفة الحياة اللندنية