سفيتلانا ألكسييفيتش.. حاولت إنقاذ الإنسان من الكذب والنسيان

لم تخِب توقعات المراهنين على صاحب جائزة نوبل للآداب هذا العام (راجع «سفير» الأمس)، إذ ذهبت إلى الصحافية والكاتبة الروسية البيضاء سفيتلانا ألكسييفيتش بسبب «أدبها المتعدّد الأصوات والذي يمثل شاهداً على العذاب والشجاعة في عصرنا الحاضر»، كما جاء في حيثيات منح الجائزة من قبل الأكاديمية السويدية.

بفوز الكاتبة تعود اللغة الروسية إلى منصة التتويج إذ كان آخر مَن يكتب بالروسية وفاز بنوبل للآداب الشاعر جوزف برودسكي في العام 1987، لكنه حازها بصفته كاتباً أميركياً لا «روسياً»، بالأحرى لم يفُز بعد بجائزة نوبل للآداب أي كاتب «روسي» إذ إن بوريس باسترناك (1958، الذي أُرغم على رفضها) وميخائيل شولوخوف (1965) وألكسندر سولجنتسين (1970) فازوا بها بكونهم من «الاتحاد السوفياتي»، أما إيفان بونين التي فاز بها العام 1933 فكان من روسيا البيضاء وكان يعيش في منفاه الباريسي. بهذا تكون سفيتلانا أول امرأة تكتب بالروسية وتفوز بأكبر جائزة أدبية في العالم. كما تجدر الإشارة إلى هذه المفارقة الكبيرة: ثمة لغة تتوّج على منصة الأدب، لكنها تأتي عبر «دول» مختلفة، إن جاز القول.

المفارقة الثانية التي تجدر الإشارة إليها أن الكاتبة وقبل ساعتين من إعلان الجائزة، غرّدت على صفحتها في «التويتر» بأنها حازت الجائزة. وتساءلت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي كما بعض المواقع الأدبية عن معنى ذلك، وعن كيفية معرفتها بالأمر (قالت الكاتبة إن اللجنة اتصلت بها لتخبرها عن فوزها قبل ساعتين من إعلان النتيجة)، في حين مالت «لو نوفيل اوبسرفاتور» (المجلة الفرنسية) إلى القول إن تغريدتها هذه قد تحجب عنها الجائزة إذ تفضل اللجنة الملكية السويدية الكتمان إلى أقصى الدرجات.

في أي حال تكافئ اللجنة الملكية كاتبة كلّ همها تصوير الواقع بأدق حيثياته، إذ عرفت هذه الكاتبة «الملتزمة» بقضايا المجتمع كيف تقف «ضد الحرب والعنف والكذب» وهي «الصفات التي كانت تلفّ الاتحاد السوفياتي السابق» وكيف «تنسج تاريخه». بمعنى آخر، هي كاتبة تستند إلى الواقع كي تسائل التاريخ والشرط الإنساني «لأولئك الذين يقفون قبالتي». ومن دون شك كان الشرط الإنساني الذي تحدثت عنه هو شرط الإنسان خلال الحقبة السوفياتية «ومصيره الذي تحطم من طوباوية تلك المرحلة التي كانوا يبشرون بها».

من روح إلى روح

يعتبر النقاد أدب سفيتلانا أدباً «قوياً ومتناغماً»، فكتبها الستة (الصادرة لغاية اليوم) تقع على «تخوم الكتابة الوثائقية»، لكنها تنطلق فيها دوماً من قصص حقيقية «مليئة بهمّ الحقيقة والعدالة». تقول الكاتبة عن ذلك: «أذهب نحو الإنسان كي ألتقي بغموضه (وسرّه) أذهب من روح إلى روح، لأن كل شيء يحدث هنا (في هذه الروح)». لهذا لم تلجأ يوماً في كتبها إلى «المتخيّل» إذ إن السرد «وحده هو الذي يتراءى لي بمستوى ما يحدث».

هذا ما حاولته في كتابها الأول «ليس للحرب وجه امرأة» الذي نشرته العام 1985، والتي جمعت فيها ذكريات ومذكرات المحاربين في الحرب العالمية الثانية. كتابها هذا افترق بشكل جذري عن «الأدب السوفياتي» الرسّمي الذي كان سائداً، والذي كان يمنع أي كتابة لا تمجّد تضحيات الجيش الأحمر والمحازبين والأنصار في تلك الحرب. بمعنى آخر حاولت، ومثلما تصف، أن تبتعد عن كل البطولات الزائفة أن «أُسمِع الحقيقة حول لاإنسانية العمل الإنساني الذي تمثله الحرب». حين صدر كتابها وصفته السلطة في تلك الفترة بأنه كتاب «غير وطني، طبيعي، منحطّ». إلا أن ميخائيل غورباتشيف، وبالرغم من كل الجدل الذي أثير، لم يمنع الكتاب، بل سمح له أن يكون في المكتبات، فبيع منه في «الاتحاد السوفياتي» ملايين النسخ.

وإذا كانت سفيتلانا نجت من المحاكمة مع كتابها الأول، إلا أنها لم تستطع النجاة من ذلك مع كتابها الثاني «نعوش الخارصين» («الزنك»، وفق الترجمة الفرنسية، أما العنوان بالروسية «أطفال الزنك») الذي أصدرته العام 1989 والذي دار حول شهادات الجنود المشاركين في الحرب الأفغانية. إلا أن الكتاب كان سبب شهرتها في أوروبا، إذ ترجم إلى العديد من اللغات، وقد وجد فيه «الغرب» ما كان يبحث عنه في تورط الاتحاد السوفياتي وغرقه في مستنقع الحرب الأفغانية. سبب هذا الكتاب دعوة تلقتها من السلطة، مع العديد من الكتّاب غيرها، لتمضية شهر على الجبهة الأفغانية. من هذه الرحلة انبثقت فكرة الكتاب، ويشير العنوان إلى الصناديق المعدنية (من الزنك) التي كان يعود فيها الجنود الشبان. من هنا طرحت فيه معنى هذه الحرب، ليشكل ما كتبته في تلك المرحلة أحد رموز البريسترويكا.

الاستجداء وتشيرنوبيل

هذه الشهرة، وهذه «الموهبة» في الكتابة تأكدتا مع كتابها الثالث الذي صدر بعد سبع سنوات بعنوان «الاستجداء، تشيرنوبيل، حوليات العالم بعد القيامة» ـ وهو الكتاب الذي لا يزال ممنوعاً في روسيا البيضاء لغاية اليوم ـ وتروي فيها سيرة «رجال ونساء» يتحدثون عن «درب الجلجلة» التي عانوها بعد حادث تشيرنوبيل النووي. كتاب قيل عنه إنه كتاب «متعدّد الأصوات» و«رائع». نعتان نعود لنجدهما في توصيف كتابها الأخير الصادر العام 2013 بعنوان «نهاية الرجل الأحمر» (الذي حاز جائزة ميدسيس الفرنسية بعد ترجمته)، وهو يختصّ «بهذا الرجل السوفياتي» (Homo sovieticus) إذ رغبت الكاتبة، على قولها، بأن تنقذه من الكذب الذي لفّه ومن النسيان الذي وقع فيه من خلال روايتها لأحلامه وما تعرّض له من براهين على الأرض وبخاصة أنها أرادت إنقاذه من هذا المصير المأساوي الذي عرفه. ما كان يهم الكاتبة «أن تعيد نحت تلك الحقبة»، أن تعيد التذكير بتلك «التشنجات» وبتلك «الارتجافات» التي كان يعاني منها الجميع. الهمّ الآخر الذي أرادت التعبير عنه في كتابها هذا أن تعيد التذكير بالتاريخ، لا التاريخ الموجود في الأرشيف والحوليات الرسمية والمسموح بتداولها، بل حاولت أن تكتب «تاريخ العواطف والروح والتجربة الإنسانية».

يميل العارفون بأدب سفيتلانا إلى القول إنها وبالرغم من إعلائها السرد كطريقة جوهرية في التعبير عن هذه المصائر إلا أنها في الواقع، كانت تعلي أيضاً شأن الصوت أو اللغة، إذ إنها تتمتع «بقوة كتابية كبيرة» إذ نجحت في إعادة بناء «إيقاع اللغة المحكية» من دون أن تنزع عنها صفاتها الأدبية: الأمر بالنسبة إليّ مثل الموسيقى. أصوات هؤلاء الأشخاص في داخلي وهم يرغبون في الخروج. عليّ أن أجد لذلك شكلاً». من هنا، لم تكن تخترع شيئاً، أو تستنبط حوارات، بل تجمع أقوال الأشخاص الذين تلتقيهم، «كلمات الشهود»، لتعود وتعمل على «تأليفها» مجدداً: «لا أبدل الجُمل أبداً. بيد أنني أحياناً لا أحتفظ إلا ببعض الكلمات التي أستلّها من صفحات حوارات طويلة. ألتقي بمئات الأشخاص، وربّما هناك شخص واحد بين عشرة أشخاص، أجد الكتاب لديه».

لست بطلة.. لقد لاحقتني تلك الأصوات

^ بالرغم من أنكِ تقولين إن هدف أبحاثك هو تاريخ العواطف لا الحرب بالفعل، إلا أننا نجدها حاضرة في كل مكان من عملك…

} كانت (الحرب) الحديث الوحيد عند العائلات. لقد توفي جدي لأمي في المعركة، وجدتي لأمي، قتلها الألمان. لقد قُتل شخص من بين أربعة في روسيا البيضاء خلال الأزمة، وكانت حركات المقاومة قوية جداً. بعد الحرب، كنّا نخشى الذهاب إلى الغابات التي تمّ تلغيمها. (في تلك الفترة) كنّا نرى العليلين الذين يتسولون الإحسان، إذ لم يكن لديهم أي مكان ليبيتوا فيه. بقوا على هذه الحال لغاية العام 1960 قبل أن يموتوا كلهم. في فترة مبكرة، بدأ اهتمامي بأولئك الذين لم يلتفت إليهم التاريخ. أولئك الناس الذين يتنقلون في العتمة من دون أن يتركوا وراءهم أثراً، والذين لم يطلب منهم أي شيء. لقد روى لي أبي كما جدتي العديد من هذه الأقاصيص وهي أكثر رعبا من تلك التي سجلتها في كتابي. لقد شكل لي ذاك الأمر صدمة في طفولتي وقد وسم ذلك ذاكرتي إلى الأبد.

^ كتبت خمــسة كتب خلال ثلاثين سنة، وآلاف الشهادات التي جمعتـــها، تعرضــت للعديد من النقد الشخصي، حتى أن قضــية رفعـــت ضدك: كيف نجحت بالقيام بهذا المشـــروع الفريد؟

} غالباً ما شعرت بأنني لن أمتلك القوة لأتمكن من الوصول إلى نهاية هذا المشروع. أذكر أنني ذات يوم تحاورت مع امرأة أمضت 15 عاماً في أحد المعتقلات تحت حكم ستالين لكنها استمرت بالرغم من كل شيء باعتباره فوق كل شيء. بكيت بسبب ذلك.
أذكر أيضاً أنني رأيت شباناً يعملون في مركز تشيرنوبيل بعد الكارثة من دون أي حماية خاصة. كذلك أذكر المستشفيات الأفغانية حيث شاهدت بأمّ العين القذارات التي كان يرتكبها جنودنا. لقد جعلني ذلك أفقد وعيي مرات عدة. لست بطلة. لقد لاحقتني كل تلك الأصوات. ولزمتني هذه السنوات بأسرها كي أبني هذا الصرح. هل كنت مخطئة في البدء بهذه المغامرة؟ أشعر اليوم أنني تحررت من ذلك.

^ لا يمكن تصنيف عملك لا ضمن خانة التاريخ ولا ضمن خانة الصحافة. كيف تحددينه؟

} في بلادنا، نسمي ذلك «رواية بأصوات»، وهو نوع أدبي استوحيته من «الس آداموفيتش». لقد أبان لي هذا الطريق عبر الوسيلة التي كان يمتلكها في وصل ما هو داخلي بالواقع. لا علاقة للأمر بالصحافة. أشعر بأنني مكبلة بهذه المهنة. المواضيع التي أرغب في الكتابة عنها، مثل غموض الروح البشرية، الشرّ، لا تهم الصحافة، كما أن المعلومات تشعرني بالسأم.

^ تقريباً، لا تظهرين أبداً في كتبك، بيد أنك تصفين نفسك بأنك «شريكة»..

} كلّ نظام توتاليتاري يخنق الناس. وإن كان هناك حلقة ضعيفة، فسينهار كل شيء. لذلك، نحن جميعاً رهائن النظام. كنت عضوة في الشبيبة الشيوعية مثل الجميع. وأنا طالبة، كنت أعتبر أنه ينبغي أن ننجح في أن نبني اشتراكية ذات نزعة إنسانية. لكن ما من أحد توقع هذا التتابع من الأحداث، لا غورباتشوف ولا الآخرون. كنا نتخيل مخططات ونحن في مطابخنا، كنّا سذجاً. في الشارع، وبسرعة، أحاطتنا العصابات التي صادرت كل شيء.

^ أن نؤمن بأيام أفضل بعد الرعب الستاليني كانت ردة فعل طبيعية، أليس كذلك؟

} التاريخ الروسي هو بمثابة تقليد طويل من العذاب. الناس مسكونة بهذا الوضع الشاذ. ثمة نوع من القدر، وبخاصة في روسيا البيضاء. كارثة تشيرنوبيل على سبيل المثال، لم تفضِ إلى أي نوع من تلك الجمعيات التي تدافع عن الضحايا، كما حدث أيضا خلال حقبة أفغانستان. في جميع العائلات التي التقيتها، كان هناك ضحايا بسبب الستالينية وفي جميع الحالات كانت ردود الفعل تتأرجح بين الاعتراف بالعذاب الكبير وذهنية العبودية. هل تذكرون ذاك الرجل الذي أمضى سنوات في مخيم الاعتقال، وبعد عودته تقاسم مكتبه مع الشخص الذي وشى به. كان الاثنان على علم بهذا الأمر، إلا أن الضحية لم يقل شيئاً. لقد فهمت عندها أن العذاب لا يقود الإنسان إلى التطلع إلى الحرية. هذه هي الفكرة الرئيسة في كتابي.

^ يبدو كتاب «نهاية الإنسان الأحمر» وكأنه متواليات رعب؟

} ليس لحياة الإنسان عندنا أي قيمة. من هنا كانت التسعينيات وسقوط الإمبراطورية حقبة من تصفية الحسابات، من هيمنة الوحوش. ما فهمته وأنا أكتب هذا الكتاب، أن ليس هناك ألم كيميائي صرف، وبأن ليس هناك فئات وأفراد معنية بذلك، بل لقد تحلل (الألم) في المجتمع بأسره.

^ تضعين أحياناً الرعب الشيوعي في مصاف الرعب النازي؟

} كان والدي طالب صحافة في فترة ما قبل الحرب في مينسك. اندلعت الحرب وهو في السنة الثانية. طلب أن يذهب إلى المعركة. وحين قال لأستاذه إنه تطوع، أجابه هذا الأخير: «هذه الحرب، هي بين فاشي يصارع فاشياً آخر. لكننا سنربح المعركة لأن جنودنا غير متطلبين». تساءل والدي جدياً إن كان عليه أن يشي بأستاذه بسبب ما قاله، بيد أنه رحل بعد فترة قصيرة من دون أن يحسم أمره بهذه القضية. حين روى لي هذه القصة، قال لي: «لن تتخيلي فعلاً ما فعلوه بنا».

^ هل يمكنك أن تتخيلي أنك قد تكتبين لاحقاً عملاً أدبياً خيالياً بالكامل؟

} لا يمكن أن نسأل أبداً ناثراً إن كان يمكنه أن يكتب عملا شعرياً! «رواية الأصوات»، هي النوع الذي اخــترته والذي سأتابع من خلاله عملي. لا تنقصني المواضــيع، فالشر دائماً يتخذ أشكالا. منذ دوســتويفسكي، لم نجد أحداً يتحدث بطريقة جــيدة عن هذا الموضوع.
كل هذه الحروب بعد سقوط الامبراطورية لا أحد جدير بأن يشرح هذه الضرورة. قال دوستويفسكي إنه بحث طيلة حياته عن الإنسانية في الإنسان. أجابه شالاموف بالقول إنه بعد عدة أيام في مخيمات الاعتقال، يختفي الإنساني..

(]) مقتطفات من حوار أجرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية مع سفيتلانا أليكسييفتش في عام 2013، بعد صدور الترجمة الفرنسية لكتابها «نهاية الإنسان الروسي»

محطات

ولدت سفيتلانا أليكسييفتش العام 1948 في اوكرانيا، لكنها نشأت في روسيا البيضاء. هي ابنة لمدرسيْن، جعلاها تنتسب للكومسومول (الشبيبة الشيوعية زمن الاتحاد السوفياتي)، عاشت حياتها في قرية صغيرة قبل أن تنتقل إلى المدينة. تابعت دراستها الصحافية في روسيا البيضاء، لكن نظرا لمواقفها المخالفة للنظام، أرسلت لتعمل في صحيفة يومية محلية في إحدى البلدات الصغيرة.

تعتبر سفيتلانا اليوم واحدة من أبرز المعارضات للرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي يحكم روسيا البيضاء منذ أكثر من عشرين سنة. تعيش حاليا في «مينسك»، بعدما عاشت لفترة طويلة في برلين.

أصدرت سفيتلانا الكتب التالية: «ليس للحرب وجه امرأة»، «أطفال الزنك»، «الاستجداء، تشيرنوبيل، حوليات العالم بعد القيامة»، «مسحورون بالموت»، «شهادات أخيرة»، «نهاية الرجل الأحمر أو زمن الوهم».

جائزة نوبل.. أجندات سياسية

اعتبر عدد من الكتّاب الروس حصول سفيتلانا الكسييفتش على جائــزة نوبــل بالدرجــة الأولى لكونها على صراع دائم مع الرئيس البلاروســي لوكاشــينكو من جهة، وأن الجائزة بحد ذاتها أصبحت تخضع للمعايير السياسية والايديولوجية.

وفي هذا الصدد قال الناشر ورئيس تحرير صحيفة «زافترا» (الغد) الكسندر بروخانوف: «إن الجائزة تقدم وفق أجندات سياسية وليس بحسب المعايير والكتابات الأدبية الجادة والمعاصرة. وأضاف أيضا أنها لا تقدم وفق القيم اللغوية والاخلاقية». وتابع الناشر «وعلى اعتبار أن نيلها الجائزة حدث لكون معظم كتاباتها هي ضد الدولة السوفــياتية في ذلك الوقت واليوم لا تزال على موقفها الايديــولوجي من الرئيس لوكاشينكو وتعتبر نفسها شخــصا مؤدلجاً أي أنها ضد النظام الشمولي كما تصــف النظام الحالي في بيلاروسيا.

عادت روسيا إلى العهد القيصري

«تباكت» الكاتبة دائما على ما يسمى المعارضة في روسيا واعتبرت نفسها انها تقف دائما الى جانب الحريات. واعتبرت أن هناك الكثير من الأدمغة والمثقفين يهربون إلى الخارج، وتتساءل لماذا 80 في المئة يؤيدون بوتين.

واعتبرت في حديث إلى صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» في نيسان الفائت أن اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمتسوف كان كارثة على المعارضة. الجميع يقاطعها وبخاصة بعد عودتها من الخارج بعد غياب استمر 11 عاماً.

وفي الموقف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الاوضاع في أوكرانيا اعتبرت الكاتبة الصحافية في المقابلة «ان تحسن الاقتصاد الأوكراني هو بمثابة حلم مزعج، الجميع ضد اوكرانيا وهي في مهب الريح، الشباب يهربون من الخدمة العسكرية. اوكرانيا بحاجة إلى المساعدة، الشعب الأوكراني يريد الاحتفال بانضمامه الى أوروبا ولا يريد الاحتفال بالأعياد الستالينية».

وعبرت عن امتعاضها كون الجميع في الفترة السابقة يهتفون «حرية ـ حرية»، أما اليوم فهم يهتفون: «بوتين ـ بوتين». وأضافت أن روسيا اليوم عادت الى العهد الامبراطوري بدلا من الثورة.

أيغور بوغزالوف طالب، 14 سنة

كانت فترة ممتازة حقا! كنت أوزع البيانات في المترو.. الجميع يحلمون بحياة جديدة.. نحلم بأن تعود المحال وتبيع النقانق بالسعر السوفياتي، وبأن يقف أعضاء البوليبورو في الصف كما الجميع ليشتروا منها. النقانق بالنسبة إلينا هي المرجع المطلق.. أشعر بالألم على أهلي، إذ يقــال لهم بصراحة: أنتم سوفيات حقيرون، لقد تبخرت حــياتكم في الهواء من أجل الخوخ (البرقوق)، كل ما حصل بســبب أخطــائكم منذ سفينة نوح، واليوم ما من أحد بحاجة إليكم. لقد اقتصدتم طوال حياتكم وفي نهاية الأمر، وجدتم أنفسكم بدون أي شيء.

كل ما حدث، كان السبب في تحطيمهم وفي تدمير عالمهم، لم يشفوا من ذلك، لن ينجحوا في هذه الانعطافة. كان أخي الصغير يغسل سيارات بعد المدرسة ويبيع العلكة وغيرها من هذه الحماقات في المترو، وكان يكسب مالا أكثر مما يكسبه والدي. كان عالما. حائز دكتوراه في العلوم. النخبة السوفياتية! حين ظهرت النقانق في المحال الخاصة، تدفق الجميع لشرائها. وقد رأينا أسعارها! هكذا دخلت الرأسمالية إلى حياتنا».

(]) مقطع من كتاب «نهاية الرجل الأحمر» (ص 193 ـ 194)

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى