سوتشي ومفاتيح خزنة الحل السوري المعقدة !

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

ما أن انتهت الجولة الثامنة لمباحثات جنيف مصحوبة بتصريحات متتالية عن فشلها وتحميل الوفد الحكومي السوري مسؤولية هذا الفشل، حتى شرع الإعلام المحيط بجنيف بالاستعداد لأستنة جديدة وسوتشي عتيدة لم تتضح معالمها بعد، أي أن لا أحد ينظر إلى فشل جنيف 8 كمحطة تعيق السبل التي يجري الإعداد لها للوصول إلى الحل ذي البعد الاقليمي القائم على التوازنات.

أخيرا جاءت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد لتقدم قواعد الحل للأزمة السورية بوضوح وجلاء ودون تردد حتى وإن كانت تغضب طموحات التفاوض التي تشتغل عليها المعارضة وتسعى إلى تهيئة الظروف لوهم استلام السلطة، وهنا تحتاج هذه الظروف إلى مفاتيح معقدة الشيفرة لفتح خزنة الحل السوري، فالرئيس الأسد بعد استقباله الوفد الروسي الاتحادي برئاسة ديمتري روغوزين نائب رئيس الوزراء أطلق مجموعة مواقف للحل لايريد فريق التفاوض الآخر التعاطي معها أبد، وفي عناوينها :

ــ أن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد .

ــ أن الفارق الأساسي بين جنيف وسوتشي يستند إلى أن لأشخاص الذين يتم التفاوض معهم في جنيف “لا يعبرون عن الشعب السوري” ..

ــ في سوتشي هناك محاور واضحة لها علاقة بموضوع الدستور، لها علاقة بما يأتي بعد الدستور من انتخابات وغيرها، هناك حديث عن دور الأمم المتحدة وهناك عدة محاور مرتبطة بهذا المؤتمر.

ــ إن أي دور للأمم المتحدة يجب أن يكون مبنيا على ميثاق الأمم المتحدة المبني بدوره على سيادة سورية وعلى ما يقرره شعبها.

ــ في ملف الأكراد تأنيب عنيف يتعلق بسلوكهم في المنطقة الشرقية وتعاونهم مع الأميركيين “فكل من يعمل لمصلحة الأجنبي في بلده وضد جيشه وضد شعبه هو خائن”.

ما الذي تقدمه هذه المعطيات التي أطلقت في مؤتمر صحفي هادئ ومنظم وأنيق استكملت الأسئلة المعدة فيه بعناية والأجوبة عليها احتياجات الموقف السوري دون الاعتماد على عفوية صحفيين عاديين هم الذين طرحوا الأسئلة، وفي مناسبة تقدم بعدا إضافيا لهذا المواقف حيث (ضم الوفد الروسي نواب وزراء الخارجية والدفاع والتنمية الاقتصادية والطاقة والنقل والصناعة والتجارة والسفير الروسي بدمشق ومديري عدد من أهم الشركات الروسية)؟!

إن التدقيق في معطيات التصريح الأخير تقدم الصورة التي يتجه إليها الحل الإقليمي عبر مؤتمر سوتشي من وجهة النظر السورية، وهذا يعني تلقائيا أن التفاوض ينبغي أن يتم مع شرائح واسعة ستحضر إلى سوتشي ومن بينها تكوينات وفد الرياض، إذا أحست برغبة في الحضور، ففي سوتشي يمكن لكل فرد أو مجموعة أن تطرح ماتشاء ولكن عليها أن تلتزم بمسار عام تتجه إليه الدولة السورية لتجاوز الحرب باتجاه الحل، وبالمقابل ، هذا يعني أيضا أن الراغبين في أن يكونوا طرفا في الحل، ينبغي أن يوافقوا على استكمال الحرب ضد الإرهاب، وهذا المعطى يدفع تلقائيا إلى طريقة التعاطي القادمة مع بقايا تنظيم داعش ومكونات جبهة النصرة الموجودة في أكثر من مكان، ويحذر من التعاطي معها أو الاستفادة منها أو حتى الإبقاء على تواجدها في أماكن خفض التوتر ..

ويسحب الموقف السوري من الجهات الكردية المتعاونة مع أميركا أي شرعية لتمثيل المكون الكردي الموجود ضمن عداد الشعب السوري، بل ويفترض احتمالا قائما بالحرب ضدهم في أي وقت، وهذا ينعش السياسة التركية التي ترتعد خوفا من أي ظهور لكيان كردي قريب منها قد يحمل بذور التوسع والانتشار لينهش كيانها يوما بعد يوم حتى لو كان بدعم أمريكي.

أما مسألة السيادة السورية، فيطرحها الرئيس الأسد هنا، كقاعدة محسومة، لاتسمح لأي قوى خارجية حتى لو كانت الأمم المتحدة أن تجأر في تكوينات الحل السوري أو تؤسس لتبعية ما في العمق السوري تراها السياسة السورية تاريخيا خطا أحمر.

وعلى ذلك يفترض أن يفاوض المفاوضون الراغبون في الحل بعد فك الارتباط مع أي قوة خارجي، وعلى الأقل أن لاتكون هذه القوة عقبة في الوصول إلى الكيان السوري الوطني المبتغى بعد الحرب..

وهنا يبرز سؤال جديد : هل ستجد مفاتيح الحل التي وضعها الرئيس الأسد استجابة دولية واقليمية وعربية ؟!

يبدو الجواب واضحا عند الرئيس الأسد ، أن ذلك لابد أن يحصل !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى