
الجلسات الحوارية لمؤتمر الحوار الوطني التي عقدت في المحافظات عكست حالة من التشنج والجمود لدى طيف واسع من المجتمع السوري، وعدم إدراكه أن الهدف من الحوار هو مخاطبة الآخر المختلف عنه.
تسارعت وتيرة الأحداث في سوريا لجهة تنفيذ التعهدات التي وعدت بها الحكومة المؤقتة، وفي مقدمتها عقد مؤتمر للحوار الوطني بمشاركة مختلف أطياف الشعب السوري.
الحديث عن الأقليات هو أول التحديات أمام الحكومة الانتقالية في سوريا، فالأقلية ليست تعبيراً عن عرق أو دين أو مذهب، بل هي تعبير عن توجهات فكرية وسياسية معينة، بمعنى أن “النخبة” هم الأقلية في سوريا.
الجلسات الحوارية لمؤتمر الحوار الوطني التي عقدت في المحافظات عكست حالة من التشنج والجمود لدى طيف واسع من المجتمع السوري، وعدم إدراكه أن الهدف من الحوار هو مخاطبة الآخر المختلف عنه، لا الحديث مع من يتشارك معه الأفكار والتوجهات.
الدعوات المتأخرة لحضور المؤتمر العام للحوار الوطني حالت دون مشاركة عدد كبير من المدعوين، ولا سيما الشخصيات الموجودة خارج سوريا، والتي تحظى بشعبية واسعة في المجتمع، وهو ما يثير التساؤل والاستغراب حول التسرع الشديد من قبل اللجنة التحضيرية للمؤتمر وتحديد موعد الانعقاد من دون قراءة مخرجات المؤتمرات التي عقدت في المحافظات وتأطيرها.
المهم هو الفكرة وتعزيز ثقافة الحوار وآدابه، باعتباره الطريق لتلاقح الأفكار ونضجها، وأنه يعكس اعتراف الجميع بعدم امتلاكه الحقيقة وحده.
عدم مشاركة “قسد” في الحوار يبدو مبرراً باعتبارها تنظيماً عسكرياً، ولم تتم دعوة تنظيمات مشابهة لها، كما تزامن المؤتمر مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية و”قسد”، قامت بموجبه الأخيرة بتزويد دمشق بكميات من النفط والغاز.
شمال شرق سوريا لا يزال تحت سيطرة “قسد”، ولم يتم التوصل إلى اتفاق يسمح للحكومة الانتقالية السورية فرض سيطرتها على محافظة الحسكة.
فصائل عسكرية في الجنوب لم تعلن انضمامها بعد إلى وزارة الدفاع السورية، وخاصة في مدينة درعا التي تشهد بعض التوترات والحوادث التي تتجاوز الاعتبارات الفردية.
مدينة السويداء والتحفظات والشروط التي وضعت لحل الميليشيات الموجودة فيها والانضواء تحت مضلة وزارة الدفاع، ما زالت مستمرة ومقلقة، خاصة أن هناك تصريحات إسرائيلية تتحدث عن حماية الدروز في سوريا.
اجتماع رئيس المجلس العسكري في السويداء طارق الشوفي مع مظلوم عبدي للاتفاق على “فدرلة سوريا” أمر يجب أن يأخذ على محمل الجد، باعتبار أن الطرفين ليسا سوى أدوات لقوى خارجية لم تعد تخفي نياتها تجاه سوريا.
القنيطرة شهدت توغلاً لـ”الجيش” الإسرائيلي واحتلاله أجزاء منها، وبالتالي فإن المحافظات الجنوبية الثلاث ليس لحكومة دمشق سيطرة كاملة عليها.
إعلان “إسرائيل” عن فتح الطريق أمام العمال الدروز للعمل في قطاعات البناء والزراعة في الجولان السوري المحتل يعدّ مؤشراً خطيراً واستغلالاً لحاجة هؤلاء إلى كسب لقمة عيشهم، بعد سنوات من الإهمال الذي تعرضت له المنطقة وغياب المشاريع الحيوية فيها.
طبعاً، لسنا هنا بصدد التشكيك في موقف أي مكوّن من مكوّنات المجتمع السوري ولا التشكيك في وطنيته، فمن المؤكد أن الجميع يرفض التعامل مع “إسرائيل”، لكن ذلك لن ينفي ظهور بعض الأصوات المرحبة بذلك.
ظهور بعض التشكيلات العسكرية في الساحل السوري حدث لا يمكن الاستهانة به، ويجب العمل على معرفة أسبابه ومعالجتها بالسرعة القصوى، حفاظاً على وحدة سوريا وسلمها الأهلي.
ظهور بيان يعلن بدء تأسيس إقليم أوغاريت في الساحل السوري المطالب بإدارة ذاتية، سيتبعه ربما طلب الحماية من فرنسا من قبل من يدّعي أنه يمثل العلويين ويدافع عن مصالحهم.
الأوضاع الاقتصادية الضاغطة نتيجة تسريح عدد كبير من الموظفين، وحلّ مؤسستي الجيش والشرطة، تهدد بانتشار الجريمة الناتجة من حاجة الناس إلى تأمين قوت يومها.
هنا نتحدث عن عدد كبير لا يمكن الاستهانة به، ما يعني حرمان نحو 400 ألف أسرة من الدخل، أي 2 مليون شخص على أقل تقدير (باعتبار أن متوسط عدد أفراد الأسرة السورية هو خمسة أشخاص).
تزامن ذلك مع تصعيد إسرائيلي واستفزازات لطالما حاولت حكومة دمشق التغاضي عنها لرغبتها في تصفير المشكلات وعدم الدخول في صراعات غير قادرة على مواجهتها.
إعلان نتنياهو عن نيته فرض منطقة عازلة في الجنوب السوري يجبر حكومة دمشق على الخروج عن صمتها والسعي مع أصدقائها وحلفائها لمنع ذلك بالوسائل الدبلوماسية المتاحة.
من هنا، يمكن فهم الجولات المكوكية لوزير الخارجية السورية إلى كل من قطر وتركيا، والحديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الشرع إلى الأردن وبعدها إلى مصر.
الحكومة السورية المؤقتة ورثت بلداً مدمراً اقتصادياً، وجيشاً لا يمكن اعتباره في حال من الأحوال جيشاً وطنياً، ووجوداً أجنبياً على الأراضي السورية تسعى لتقليصه والحد منه بكل ما أوتيت من قوة.
الميادين نت