سوريا والمنطقة العربية بين قمتي جدة وطهران
العبارة المفتاح في قمتي جدة وطهران على اختلاف توجهاتهما هي (استقرار المنطقة). بايدن في قمته مع الدول الخليجية ومصر والأردن والعراق رأى أن استقرار المنطقة مصلحة أمريكية، وأساس في استقرار العالم. بينما رأى المرشد الإيراني خامنئي أن استقرار المنطقة مصلحة روسية إيرانية تركية، ومصلحة لاستقرار العالم أيضاً. بايدن وقمته رأوا أن استقرار المنطقة يبنى على زيادة إنتاج النفط و التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي مع أميركا و إسرائيل.
وبينما كانت سوريا واستقرارها أساس عمل قمة طهران، كانت المصلحة الأمريكية و أمن إسرائيل أساس عمل قمة جدة. والفرق بين القمتين في التعامل مع سوريا يكشف مدى تعامل كل منهما مع الحقائق الحاكمة والتي يجب احترامها لتحقيق أي نجاح مأمول. فكيف تعاملت كل من القمتين مع استقرار المنطقة؟؟ وما يعني؟؟ وكيف يمكن تحقيقه؟؟
في الراهن استقرار المنطقة مرهون ومتعلق ومحكوم به استقرار سوريا، وفي المدى الأبعد متعلق بحل القضية الفلسطينية، وضمن هذا المعيار فقد تقدمت قمة طهران في التعامل مع الحقيقة الحاكمة لتحقيق استقرار المنطقة وهي استقرار سوريا. ولم يكن تواجد أو دعوة وزير الخارجية السوري إلى طهران أثناء انعقاد قمتها إلا شكلاً من أشكال مشاركة الحكومة السورية في بحث كل ما يتعلق بمسار تحقيق الاستقرار السوري كاساس لاستقرار المنطقة. وهذا ما تجلى في اصرار روسيا وإيران لاعتماد الالتزام بسيادة ووحدة سوريا كأساس لكل الحلول السياسية التي جرى الاتفاق عليها وشكل لها لجان خبراء لوضع آلية تنفيذية تؤدي إلى التسوية المأمولة في سوريا، وبذلك فقد شكلت هذه الجولة من استانة بوابة مسار جديد للحل في سوريا. وما إكتفاء وزير الخارجية السورية بوصف نتائج قمة طهران بأنها(خطوة إيجابية) إلا تعبيراً عن شكوك سوريا بمصداقية أردوغان. وهذا الموقف السوري لم يقطع الطريق على سياسة التعاون والتعاون والتعاون التي اعتمدتها القمة، ولكنه موقف حذر ويحذر من أردوغان.
بالمقابل فإن قمة جدة، رغم ما أظهرت من استقلالية القرار الخليجي والعربي تجاه واشنطن، إلا أنها لم تتعامل مع أساس استقرار المنطقة بجعل استقرار سوريا ضمن جدول أعمالها، ومع أن الخليج أعلن مد اليد لطهران للتعاون فقد فاته أن يمد اليد إلى سوريا للتعاون العربي وهي أساس من أسس استقرار المنطقة و مسار أساسي في تحقيق التوازن مع إيران.
سوريا واستقرارها مفتاح استقرار المنطقة وبوابة مسار العمل العربي في تحقيق مصالح الدول العربية تجاه أي خطر أو تهديد فهل يتنبه العرب إلى ضرورة تجاوز كل حساسيات عقد الماضي وانخراط في تفعيل تعاون عربي يجعلهم أقوى في تحقيق استقرار منطقتهم و تحصيل قوتهم ودورهم.