مع توجه المنطقة إلى شكل من أشكال الهدوء عبر السيطرة على الصراعات بين القوى المتنافسة حيث جاء الاتفاق السعودي الإيراني بضمان الصين بابا سيؤدي إلى تهدئة الحرب في اليمن بدءً بوقف النار وصولاً إلى تسوية سياسية. كما أن التقارب السوري التركي برعاية روسيا وإيران يهدف ليشكل، مع عودة سوريا إلى التفاعل والتعاون مع الدول العربية، إعادة إطلاق فعالية سوريا في استقرار المنطقة. ورغم مبادرة إسرائيل للتصعيد بالتزامن مع توجهات التهدئة هذه، عبر تكثيف غاراتها على سوريا واقتحاماتها للمناطق العربية في فلسطين وتدنيسها للأقصى وكنيسة القيامة في رمضان، و اعتدائها على المصلين والمعتكفين، إلا أن الواضح أن ميزان القوى الاستراتيجي الجديد في المنطقة أجبر إسرائيل، رغم همجية وجنون حكومتها، على أن تقف عند حدود عدم إغضاب المقاومة والبقاء وراء الخطوط الحمر التي رسمتها هذه المقاومة وقوة الاستقرار والهدوء في المنطقة… فهل ستخضع إسرائيل وترتدع خاضعة لمتطلبات الهدوء في المنطقة؟؟؟ وهل تتقدم تركيا عملياً في تلبية متطلبات إعادة التواصل مع سوريا ؟؟؟ وهل يمكن لثلاثية المنطقة تركيا إيران والعرب تحقيق الهدوء بدون تلبية طلبات سوريا وعودتها إلى حياتها الطبيعية ؟؟؟!!
في اجتماعات معاوني وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران جرى تحقيق خطوة سعت لها سوريا بوضوح، وتتمثل هذه الخطوة بتسجيل مطلب سوريا بضرورة الانسحاب التركي من الأرض السورية ووقف دعمها للإرهاب. وبات هذا المطلب السوري مسجل رسمياً ومبلغ لتركيا بوجود روسيا وإيران . وكل الامور تشير إلى أن السعي الروسي الآن يتركز على دفع تركيا، التي أعلنت ووقعت على التزامها بسيادة ووحدة الجمهورية العربية السورية وسلامتها الإقليمية، لتترجم التزامها هذا عبر التزام بالانسحاب من الأراضي السورية عبر جدول زمني يبدأ فوراً وهو التزام بضمان روسيا وإيران. وأعتقد أننا إذا رأينا اجتماع وزيري خارجية سوريا وتركيا في الأسابيع القادمة كما يروج فإننا سنتأكد أن تركيا التزمت بما طلبته دمشق، ولو عبر صياغة أخرى. وإن تم هذا التقدم في مسار العلاقات السورية التركية فإن من المسائل التي يعتقد أن الاتفاق عليها بات مضمونا مسألة تسهيل تبادل البضائع والسلع بين سوريا وتركيا و لو عبر الخطوط بما يتجاوز العقوبات الأمريكية والحصار الاقتصادي الغربي ويفتح الباب أمام عودة اللاجئين بطريقة مدروسة ومفيدة و ناجعة في حل مشاكلهم. وفي تمكين الحكومة السورية من تلبية متطلبات عودتهم….. و إذا كان من أهداف الغارات الإسرائيلية المستمرة على سوريا التأكد الصهيوني من تعميق إنهاك الدولة السورية وإضعافها أكثر كي يضعف قرارها تجاه سيادتها و استقلالها ، فإن كل ما جرى و يجري يدل على أن هذه الاهداف الإسرائيلية لم تتحقق رغم عدوانية وهمجيه وأضرار غاراتها المستمرة والمرفوضة .وهكذا تستمر قضية استعادة سوريا لدورها الطبيعي في المنطقة عاملاً مهماً للتهدئة فيها كلها، وهي التهدئة المطلوبة إقليمياً ودولياً الأمر الذي يجعل تحقيق عودة سوريا إلى حياتها الاقتصادية السياسية الطبيعية مطلباً وضرورة إقليمية ودولية، والكل سيعمل على تحقيقها إن كانوا يريدون التهدئة فعلا..
التقارب السعودي الإيراني وبوادر تقارب سعودي سوري يفضي لعودة سوريا إلى الجامعة العربية مع تقارب تركيا مع مصر والإمارات والسعودية و ولوج أنقرة طريق مصالحة سوريا، كل ذلك يعني أن ثلاثية تركيا إيران والعرب تتعاون فيما بينها لتحقيق التهدئة في المنطقة عبر إدارة الصراعات فيما بينها بشكل يجعلها لا تخرج عن السيطرة ولا تشتعل ولا تنفجر. ومن أهم عوامل تحقيق ذلك لابد أن تعود سوريا إلى حياتها الطبيعية، وهذا يستدعي من العرب لا إعادة التمثيل الدبلوماسي معها فقط ، بل تجاوز العقوبات الأمريكية التي تشل الحياة السورية. وكي تكون الفعالية السورية حقيقية و فاعلة في استقرار وتهدئة المنطقة. وهذا التعاون بين أطراف ثلاثية المنطقة تركيا إيران والعرب أزعج بل أثار جنون إسرائيل ودفعها لمحاولة تفجير هذا الهدوء بوقاحة وهمجيه وصلت إلى درجة الاعتداء على المؤمنين في أيام مقدسة للأديان السماوية الثلاثة، رمضان للمسلمين و القيامة للمسيحيين و الفصح اليهودي، والمطمئن حتى الآن أن عدوانية إسرائيل فشلت في تفجير طريق التهدئة في المنطقة. وهكذا فإن تعاون أطراف ثلاثية المنطقة تركيا إيران والعربي يشكل ضمانة للاستقرار والهدوء، كما أنه ضمانة تمنع إسرائيل من النجاح في تفجير المنطقة… والخوف ألا تستمر ثلاثية المنطقة بالتعاون وأن يكون مقدار الكيد والمكر لدى أي طرف من أطرافها مفيدا لإسرائيل في لحظة ما !!!…..
وهذا ما ندعو الله ألا يحدث .!!