سوريّة رقمُ صعبٌ وستُشارِك بالحرب المُتعددة الجبهات بآنٍ واحدٍ..
مع بدء تعافي سوريّة وفشل رهانات الاحتلال الاسرائيليّ بتدميرها وتفتيتها، ومع استمرار المساعي العربيّة الحثيثة لإعادة هذا البلد، قلب العروبة النابِض، إلى الحضن العربيّ، بدأت المصادر الأمنيّة في تل أبيب تُسّرب معلوماتٍ سريّةٍ للإعلام حول قوّة الجيش السوريّ، واللافِت، أنّ المُحللّين والخبراء ومراكز الأبحاث في إسرائيل باتوا يُشدّدون على أنّ ما يُطلِقون عليها بـ “الحرب القادمة المتعددة الجبهات في آنٍ واحدٍ” ستكون بمُشاركةٍ سوريّةٍ، وهو ما يُمكِن اعتباره بمثابة إقرارٍ اسرائيلي بقوّة الجيش السوريّ، رغم الحرب الأهليّة التي أنهكت الدولة السوريّة.
ومن المُفيد التذكير أنّ التقديرات الإستراتيجيّة الإسرائيليّة في الأعوام المُنصرِمة لم تكُنْ تأخذ بعين الاعتبار قوّة الجيش السوريّ، ولكن الآن بات الكيان يخشى تدّخل هذا الجيش في أيّ حربٍ مُقبِلةٍ الى جانب حزب الله اللبنانيّ، وإيران، والمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، وحتى المليشيات العراقيّة المؤازرة لإيران والحوثيين في اليمن، وهي الحرب التي تُطلِق عليها تل أبيب الحرب المُتعددة الجبهات في آنٍ واحدٍ.
وفي هذا السياق من المُفيد العودة إلى الوراء قليلاً، فقد رأى القائد السابِق لسلاح المدرعات الإسرائيليّ الجنرال شموئيل أولنسكي أنّه من السابق لأوانه نعي القوات المُدرعّة السوريّة، التي باتت أكثر تدريبًا بسبب حالة القتال التي عاشتها خلال الأزمة في بلاد الشام، لافتًا إلى أنّها ما زالت لاعبًا مهمًا جدًا في الشرق الأوسط، طبقًا لأقواله.
على صلةٍ بما سلف، كشفت مصادر أمنيّة في تل أبيب، وُصِفَت بأنّها واسعة الاطلاع، كشفت النقاب عن المخاوف الإسرائيليّة من امتلاك الجيش العربيّ السوريّ أسلحةً متطورّةً مضادةً للطائرات، قد تؤثر على عملياتها المتواصلة داخل الأراضي السوريّة.
ودأبت سوريّة على الإعلان عن امتلاكها أسلحة مضادّة للطائرات، قادرة على اعتراض الطائرات الإسرائيليّة التي تنفذ غارات تحت ذريعة منع نقل الأسلحة من إيران إلى لبنان، رغم أنّ تقديرات إسرائيلية تؤكِّد أن هذه القدرات غير موجودة بعد.
ونقلاً عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في الكيان، قال نوعام أمير المراسل العسكري لصحيفة )مكور ريشون) العبريّة، قال إنّ “أحد الطقوس المعتادة في الشهور الأخيرة أنّ الهجمات الإسرائيلية في سوريّة اعتُبرت أول نذير لمنظومات الدفاع الجويّ التي يزعم السوريون أنّها مفعلة لصدّ هذه الهجمات، مع أنّه من الناحية العملية فإنّها أنظمة دفاعيّة ذات فجوة تكنولوجيّة، وتتطلّب طائرة بدون كهرباء وبدون رادار وبدون طيار لضربها، ممّا يفسح المجال للاستهزاء بها، والسخرية منها، لكن هذا استهزاء سابق لأوانه“.
وأضاف أنه “منذ شهر شباط (فبراير) من العام 2018، عندما قرر الإيرانيون تغيير المعادلة مع إسرائيل، وإطلاق طائرةٍ انتحاريّةٍ باتجاهها، غدا واضحًا أنّ الوضع مختلف تمامًا، وإسرائيل تعمل في سوريّة مع إدراك أنّ هناك قدرة لديها، حتى لو كانت على بعد سنواتٍ ضوئيةٍ من قدرتها العسكرية، الأمر الذي يؤكِّد أنّ سوريّة لديها أدوات قتالية، شئنا أمْ أبينا، لكن التعامل مع هذه القدرة يستدعي أنْ يأخذ سلاح الجو كلّ تهديد بأنّه حقيقي”، كما نقل عن مصادره.
أمير أضاف، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ “الوثائق الأخيرة كشفت أنّ الهجمات الإسرائيليّة استهدفت المنطقة التي يعمل منها الجيش السوريّ لتفعيل أنظمة دفاعٍ جويٍّ”.
وأوضح أنّ “أصداء الانفجارات بدت كالنار الهائلة التي اشتعلت في وقتٍ متأخرٍ من الليل، ولا تترك مجالاً للشك أنّ المكان الذي تمّ قصفه كان مليئًا بصواريخ أرض- جو كبيرة، وبكميات كبيرة جدًا، ممّا يؤكِّد أنّ إيران لا تقوم فقط بنقل الأسلحة الهجوميّة عبر سوريّة إلى حزب الله، بل إنّها تزود الجيش العربيّ السوريّ بقدراتٍ دفاعيّةٍ، رغم إعلان إسرائيل أنّها لن تسمح له بالحصول على أنظمةٍ دفاعيّةٍ كبيرةٍ، مع أنّه في الماضي حصلت محاولة من قبل روسيا لتسليح سوريا بأنظمة إس300 وإس400 المتقدمة“.
علاوةً على ما جاء أعلاه، لفت المُراسِل إلى أنّ “إسرائيل تمكّنت دبلوماسيًا من منع حدوث ذلك في النهاية، ولم يُسلّم الرئيس الروسيّ بوتين الشحنة للسوريين، وسحب الأنظمة لاحقًا لصالح الحرب ضدّ أوكرانيا، لكنّ الأيام الأخيرة شهدت هجومًا إسرائيليًا مزدوجًا، أولهما في منطقة مطار الضبعة جنوب غرب حمص حيث يتم شحن منظومات الأسلحة والذخائر الإيرانية عبر الخط الجوي، ثم نقل البضائع إلى لبنان عبر الطريق البريّ، وثانيهما قاعدة الدفاع الجوي قرب بلدة الوزير السوريّة، وهي منطقة جغرافية تمر عبرها طرق التهريب البريّ الإيرانيّ من سوريّة إلى لبنان”، على حدّ تعبير المصادر الأمنيّة في تل أبيب، والتي اعتمد عليها المُراسِل العسكريّ.
إلى ذلك، نجح رجال المدرعات في الجيش العربيّ السوريّ بتطوير وتعديل مدرعات تابعة للجيش، فمثلا، تمكن عناصر اللواء 105 من تعزيز تحصين دباباتهم “تي- 72 إم 1″، وبحسب مصادر إعلامية، بدأت هذه العملية منذ عام 2017 حيث وضع عناصر اللواء ألواحًا مدرعة في مقدمة الجزء العلوي من جسم الدبابة وعلى برجها وجانبيها، فيما تمّ تثبيت هذه الألواح على الدبابات بشكلٍ مائلٍ لزيادة مقاومتها للقذائف الصاروخية المضادة للدروع، في حين لم يفقد الجيش العربيّ السوريّ إلّا بضع دباباتٍ من طراز “تي- 72” بسبب زيادة تحصينها.