سيرة اليمين الإسرائيليّ بشخص بنيامين نتنياهو [6]
تتناول هذه السلسلة الكتاب الجديد لبنيامين نتنياهو بعنوان «بيبي: قصتي»، وهو يتضمّن سيرته السياسيّة وسرديّة اليمين الصهيوني المعاصر (ويتضمّن الكتاب سيرة والد نتنياهو، بنزيون نتنياهو، الذي خلف فلاديمير جابوتنسكي في قيادة الحركة الصهيونية اليمينيّة المنشقّة عن الحركة الصهيونيّة الأم). أشرتُ في الأعداد الماضية أنني لن أشير في الاستشهادات إلى عدد الصفحات لأنني قرأتُ الكتاب في نسخة إلكترونيّة وعدد الصفحات ليس نفسه باختلاف البرامج والإعدادات الشخصيّة للقارئ.
ونقرأ في الكتاب عن الولادة الحقيقيّة لاتفاقيّات إبراهيم. المشروع لم يكن من صنع جاريد كوشنر أو إدارة ترامب، أو من صنع مفاوضات وقراءات عميقة لكوشنر. هو نتاج لمفاوضات كانت تجرى سرّاً بين نتنياهو وبين أنظمة الخليج، خصوصاً النظام في السعوديّة والإمارات. يفاتح نتنياهو ترامب بفكرته في البيت الأبيض، إذ يقول له: «دونالد. لدينا فرصة هائلة لاختراق كبير مع الدول العربيّة. إنهم مرتعبون من إيران. أقترح أن نبدأ (لاحظوا أن نتنياهو في حديثه في البيت الأبيض يتحدّث – بصيغة الجمع – ليس باسمه فقط بل باسم رئيس الجمهوريّة الأميركيّة) بتحالف أمني شرق أوسطي، بقيادتكم ويضمّ إسرائيل والسعوديّة والإمارات. وهذا سيؤدّي بسرعة (لعقد) اتفاقات سلام رسميّة». يضيف نتنياهو: «أنا وأنت ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد نستطيع أن نغيّر التاريخ. لماذا لا تأتي بواحدة من حاملات طائراتك إلى البحر الأحمر (حيث التقى نتنياهو مع محمد بن سلمان ومحمد بن زايد سرّاً من قبل ومن بعد) وادعِ إلى اجتماع قمّة أمنيّة تجمع محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وأنا؟ وتستطيع أن تدعي الرئيس المصري السيسي والملك عبدالله الأردني. كل مَن ستدعوه سيحضر، مما سيحفّز نظاماً جديداً في الشرق الأوسط». الطريف أن نتنياهو يعترف أن ترامب لم يتحمّس للاقتراح في البداية وأنه «كان مشغولاً بعقد اتفاقيّة بيع سلاح مع السعوديّة». ويعترف نتنياهو أيضاً أن ترامب ارتابَ في أنه كان يجد طريقة ما لتجنّب تقديم تنازلات إلى الفلسطينيّين. كان ترامب مصمّماً على التركيز على السلام الفلسطيني – الإسرائيلي لكن حكّام الخليج رموا له طوق النجاة، ودفعوا إدارة ترامب لتبنّي اقتراح نتنياهو – أي السلام الذي لا يتضمّن أي شيء عن فلسطين. ويقتبس نتنياهو من نصّ المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع ترامب بعد اللقاء الأوّل وترى فيه وقاحة فريدة لحاكم أجنبي في حضرة الرئيس الأميركي. لم يكن وينستون تشرتشل في عزّه يجرؤ على مخاطبة الرئيس الأميركي كما فعل نتنياهو – وأمام رئيس قدّم لإسرائيل أكبر خدمات لها منذ اعتراف ترومان بدولة إسرائيل ومنذ توصّل جيمي كارتر (تاجر حقوق الإنسان) إلى فصل مصر عن العالم العربي وعزلها بالكامل عن مجريات الصراع العربي – الإسرائيلي.
اقتنع ترامب – من دون أن يعترف بذلك في العلن في حينه – أن نتنياهو يشكّل عقبة أمام السلام الفلسطيني – الإسرائيلي. ترامب عاد واعترف بقناعته تلك لكن بعد خروجه من البيت الأبيض، وبعد اعتراف نتنياهو المبكِّر (في نظر ترامب) بفوز بايدن في الانتخابات الرئاسيّة في عام 2020. (لم يغفر له ترامب ذلك، بسبب كل ما فعله لإسرائيل، وكان يتوقّع أن يحفظ له نتنياهو الجميل إلى الأبد). لكن لم يكن هناك ما يدعو نتنياهو للقلق: الفريق المُحيط بترامب كان يختلف جذريّاً عن الفريق المُحيط بأوباما، بحسب تحليل نتنياهو. مستشارو أوباما كانوا من اليهود الليبراليّين الذين يرون أنه من مصلحة إسرائيل وديمومتها (كدولة يهودية وديموقراطيّة، في نظرهم) التوصّل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيّين المتمثّلين بسلطة رام الله الفاسدة والعميلة – العميلة بالمعنى الحرفي لأن مبرّر وجودها هو التجسّس على الشعب الفلسطيني وقمعه بالنيابة عن إسرائيل وذلك لحماية الاحتلال. مستشارو ترامب كانوا من صنف آخر. هؤلاء متأثّرون باليمين المسيحي الصهيوني، ولم يكن نتنياهو متطرّفاً بما فيه الكفاية بنظرهم. أشخاص مثل مايك بومبيو (صديق ميشال معوّض، مرشّح العروبة لرئاسة لبنان) هم أشدّ صهيونيّة من نتنياهو وأكثر إصراراً على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربيّة المحتلّة من إسرائيل نفسها). هؤلاء على نسق مئير كاهانا وإيتمار بن غفير وباروخ غولدستين. ويقرّ نتنياهو أن اليمين المسيحي الايفانجيلي هو الذي دفعه للاطمئنان بالرغم من شكوك ترمب بنواياه نحو «مسيرة السلام». أمّا بالنسبة لإعلان إنشاء المستوطنات الجديدة، فقد توصّل نتنياهو إلى حلّ، أو خدعة ترضي الأميركيّين. قرّرت الحكومة الإسرائيليّة آنذاك عدم إعلان بناء المستوطنات بصورة شهريّة، وحصر الإعلان ببيان فصلي فقط. وبين الإعلان والآخر، تقوم الحكومة الإسرائيليّة بإقناع الإدارة الأميركيّة بجدوى مشروع الاستيطان المقبل. كما طلعت الحكومة الإسرائيلية بخدعة جديدة أخرى: لماذا لا تمتدّ المستوطنات عمودياً، بدلاً من نشرها أفقيّاً؟ ناطحات السحاب هي الحلّ. وتوفّق نتنياهو بتعيين ديفيد فريدمان سفيراً لأميركا في إسرائيل، مع أن الرجل يفتقر لخلفيّة ديبلوماسيّة أو أكاديمية وجلّ كفاءته في الوظيفة أنه محامي ضرائب لدى ترامب، وهو شديد التعصّب للاحتلال الإسرائيلي. وطبعاً، يقول نتنياهو إنه فضّل فرديمان على كل من سبقوه من سفراء متخصّصين لدى دولة الاحتلال. لكن ترامب أحرج نتنياهو عندما قال في زيارته الأولى لإسرائيل أمام الرئيس الإسرائيلي إن «بيبي لا يريد السلام». لكن الصحافة لم تسرّب هذا القول لترامب، لأن صحافة العدوّ، بما فيها تلك التي تتصف بالليبراليّة، مستعدّة للتستّر والتزييف والطمس من أجل حماية الاحتلال. عرضَ نتنياهو على ترامب في جناحه فيديو لمحمود عبّاس وهو يتحدّث بالعربيّة في مديح «الإرهابيّين الفلسطينيّين الذين قتلوا» إسرائيليّين. أجابه ترامب أن عبّاس بدا له كـ«رجل مسالم ولطيف» عندما التقاه في البيت الأبيض.
والتقى نتنياهو ترامب في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في صيف 2017. وللمرّة الأولى في تاريخه، جلس نتنياهو مع زوجته في المقعد المخصّص لدولة الاحتلال وذلك إظهاراً لاحترامه وتقديره لترامب أثناء إلقاء الأخير لكلمته. عرف نتنياهو، كما عرف حكّام الخليج، أن الطريق إلى قلب ترامب هو في الإفراط في مديحه والتملّق له، والإفراط في شراء السلاح الأميركي – في حالة الخليج لأن إسرائيل تتلقّى معظم سلاحها الأميركي بالمجّان أو مدعوماً. وفي اللقاء بين ترامب ونتنياهو في الأمم المتحدة، عرض نتنياهو على ترامب خريطة تفصِّل مخزون صواريخ حزب الله وبحجم 130 ألف صاروخ بحسب التقدير الإسرائيلي. ويزعم نتنياهو أن الصواريخ مزروعة في الأحياء المدنيّة في البلدات والقرى اللبنانيّة. يريد نتنياهو من حزب الله أن يجمع كل صواريخه ويضعها في مكان مكشوف – مثل ساحة المدينة الرياضيّة – كي يسهل على إسرائيل قصفها وتدميرها من الجوّ. وهل أن الصواريخ الإسرائيلية مجموعة في مكان محدّد ومكشوف؟ ووزارة الدفاع الإسرائيليّة مزروعة في حي سكني، وليس هناك من يقول إن إسرائيل تضع سكّانها في خطر من جراء عنوان الوزارة. لكن كل حجج وذرائع إسرائيل هي مبنيّة على بروباغاندا لا تزيدها الأيّام والسنوات إلاّ هزالاً وسقماً. ويقول نتنياهو إن ترامب «ذُهلَ» من عدد وأماكن تواجد صواريخ الحزب. قال له ترامب: «كيف تنام، يا بيبي». كان بوسع نتنياهو أن يستشهد بعنوان قصّة إحسان عبد القدّوس، «لا أنام»، لكنه أجاب ترامب: «(أنام) عبر التأكد أنهم هم لا ينامون في الليل. يعلمون ماذا سيحدث لهم لو اعتدوا علينا. دونالد: تصوّر فقط كيف ستكون الحالة أسوأ لو أن إيران منحت مظلّة لحزب الله. سيظنون عندها أن بوسعهم قصف مدن بالصواريخ من دون رادع». ويزعم نتنياهو من دون تقديم أي دليل أن إيران كانت مصمّمة على بناء ميليشيات شيعيّة بقوّة 80 ألف مقاتل في سوريا. لماذا 80 ألفاً وليس 70 ألفاً أو مئة ألف، لا نعلم السبب. وحده نتنياهو والموساد يعلم الحقيقة. وكيف نشكّك بمعلومات جهاز خطف مواطن لبناني من بعلبك في حرب تمّوز لأن اسمه هو حسن نصرالله وظنّ خبراء الموساد الإسرائيلي أن هناك لبنانيّاً واحداً يحمل اسم حسن نصرالله. وزها نتنياهو بالغارات الإسرائيليّة المستمرّة ضد سوريا، وضد أهداف سوريّة وإيرانيّة ولبنانيّة. وحريّة العدوان هذه تتحقّق بضمانة من بوتين، أو «بو علي بوتين»، في مخيّلة البعض في الممانعة. يقول نتنياهو إنه أعلم بوتين بخطته، إذ قال له: «أريد أن أعلمك أنه بما أننا لا نستطيع أن نتحمّل وجود قاعدة إيرانيّة في سوريا، سنستمرّ في غاراتنا الجويّة». ويقول نتنياهو إنه أخبر بوتين بذلك ليس لنيل موافقته بل من باب الإعلام بالسياسة. لم يقل بوتين شيئاً إلا أنه فتح ذراعيه واسعاً بما معناه: «كُن ضيفي»، أي افعل ما تشاء، بحسب معنى العبارة الإنكليزيّة. (يقول نتنياهو إنه تأكد بـ«وسائل أخرى» من صحة تفسيره لحركة يديْ بوتين – بو علي بوتين، طبعاً).
ويتحدّث نتنياهو عن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمةً لإسرائيل وتكريس ذلك عبر نقل السفارة من يافا المحتلّة إلى القدس المحتلّة. وينتهز نتنياهو الفرصة لإثبات وجهة نظر صهيونيّة عريقة في مواجهة منطق المستعربين التاريخيّين في وزارة الخارجيّة الأميركيّة (طبعاً، لا نستطيع أن نتحدّث اليوم عن مستعربين في وزارة الخارجيّة لأن «مؤسّسة واشنطن» الصهيونيّة، وبالنيابة عن اللوبي الإسرائيلي، أبادتهم عن بكرة أبيهم). كان المستعربون يعارضون قيام واشنطن بخطوات يمكن أن تؤجّج ما أطلقوا على تسميته، استشراقاً، بـ«الشارع العربي». وقرّرَ الكونغرس الأميركي في التسعينيّات نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لكن خبراء الخارجيّة كانوا يحذّرون من مغبّة القيام بخطوات يمكن أن تشعل «الشارع العربي غضباً ضدّ المصالح الأميركيّة». وقد شاركتُ في ندوات كان الأساتذة الصهاينة يردّون على تلك الحجّة فيها بالقول: لا، لن يعتمل الغضب في الشارع العربي لأن الرأي العام العربي لم يعد كما كان في زمن عبد الناصر. هو لا يكترث لمجريات القضيّة الفلسطينيّة وهو مشغول بهموم محليّة ورياضيّة وفنيّة. وكانت وجهة نظري، ولا تزال، بأنه لا يمكن الحكم على سياسات وخطوات الإدارة الأميركيّة في مدّة زمنيّة قصيرة بل عبر سنوات طويلة وتراكم. إن ردّ الفعل الإيراني لم يكن غاضباً على الانقلاب الأميركي – البريطاني في 1953، لكن احتلال السفارة الأميركيّة في طهران في 1979 كان ردّاً مباشراً على تدخل عسكري أميركي جرى قبل نحو 25 عاماً. والسياسات قد تكون صائبة أو خاطئة أخلاقياً أو قانونيّاً، بصرف النظر عن العواقب. أي أن الحكومتين الأميركيّة والإسرائيليّة تحكمان على سياسات أميركا نحو الشرق الأوسط من دون أي اعتبار أخلاقي أو قانوني، وتعتمدان على ما يمكن لهما القيام به بأقل عدد من الأضرار والعواقب. (هذا لا ينفي أن هناك حالة استكانة عربيّة شعبيّة لأسباب يطول شرحها).
ويقول نتنياهو إن ترامب هاتفه قبل نقل السفارة ونقل له مخاوف الخبراء من احتمال اشتعال غضب شعبي عربي وأن نتنياهو طمأنه بأنه لن يكون هناك إحراق للسفارات الأميركيّة في الشرق الأوسط. وهذا صحيح طبعاً لكن لغير الأسباب التي يعتمد عليها نتنياهو. لم يعد هناك تظاهرات احتجاج وحرق للسفارات الأميركيّة في الشرق الأوسط لأنه لم يعد هناك سفارات مزروعة في الأحياء السكنية في مدن العالم العربي. كانت السفارة الأميركية في بيروت في كورنيش البحر وكانت التظاهرات تنطلق أو تصل إلى مدخلها بانتظام في التاريخ اللبناني المعاصر. لكن القلعة الأميركية في عوكر مُشيّدة بطريقة لتمنع ليس فقط الأعمال العنفيّة ضدّها بل لتمنع حتى التظاهرات، أو لتجعلها بعيدة منها (كما أن اختيار المقرّ أخذ في الحسبان الأهواء السياسيّة العامّة لسكّان المنطقة). أمّا السبب الثاني فيكمن في زيادة منسوب التسلّط والقهر في كل العالم العربي. كانت هناك إمكانيّة للقيام ببعض التظاهرات في بعض الدول الخليجية وهذا بات من المحظورات القصوى. يختم نتنياهو الحديث في الموضوع مُتشفيّاً: «بعد الإعلان الأميركي، لم يحدث شيء. لم يجرِ اقتحام عفوي للسفارات الأميركيّة، ولم تقم تظاهرات في أنحاء العالم العربي… وكما قال الرئيس (الأميركي)… لم تسقط السماء». ولم يُخطئ نتنياهو عندما قالَ إن «معظم الحكومات العربيّة لم تكترث البتّة» لقرار نقل السفارة. وساهم فتح السفارة الأميركيّة في القدس على حثّ دول أخرى على نقل سفارتها إلى القدس المحتلّة (أوكرانيا، العزيزة على قلوب الإعلام العربي «المستقلّ» – أي المُمَوَّل من حكومات الغرب – ستنقل سفارتها هي الأخرى). ويدافع نتنياهو عن نفسه أمام قضايا الفساد الكبرى الثلاث التي تواجهه في المحاكم الإسرائيليّة. وضعف القضاء الإسرائيلي يظهر في أنه لم يوقف يوماً واحداً على ذمّة التحقيق مع أن التحقيقات بدأت في عام 2016. لو كان عربيّاً أو حتى يهوديّاً من أصل يمني، لكان قضى كل تلك الفترة في السجن. ولا يبرع نتنياهو في خداع القارئ عبر جملة من الأكاذيب عن قضايا الفساد التي تورّط فيها (أو التي انكشف أمره فيها) بل هو يتصنّع الزهد ويقول إن والده وعظه بضرورة نبذ المال في الحياة العامّة. لكن نتنياهو منذ شبابه يعاني من ضعف شديد أمام المال والرفاهية ويجد صعوبة في رفض عطايا وهدايا نفيسة، أو تذاكر سفر درجة أولى وإقامات في فنادق فخمة (سننتظر مرور 30 عاماً قبل أن نعرف ثمن الهدايا النفيسة التي تلقّاها عبر السنوات من الحكّام العرب). يزعم أن كل القضيّة هي حول صناديق سيجار وزجاجات شمبانيا. لكن هذا الاعتراف يدينه: أي إنه مستعدّ أن يخالف القانون مقابل صناديق سيجار وزجاجات شمبانيا. وزاد فساد النظام الإسرائيلي بسبب انشطار المجتمع الإسرائيلي نصفياً وتقارب النتائج الانتخابيّة – وهذا يزيد الحاجة للمال الانتخابي. كما أن أموال أثرياء صهاينة في أميركا يسهل مروره وتأثيره في إسرائيل. وعلاقة نتنياهو بشلدون أدلسون هو جانب من الفساد الذي لاحقه (يمتلك أدلسون، وهو كان حتى وفاته من أبرز المؤثّرين في الحزب الجمهوري – ولعب دوراً مالياً كبيراً في قرار ترمب بنقل السفارة الأميركيّة إلى القدس المحتلّة، أكبر صحيفة إسرائيلية، «إسرائيل هيوم»). ويغيّر الكاتب موضوع الفساد بتذكير القارئ أنه كان منصرفاً للاعداد لاتفاقيّات إبراهيم. أمّا عن اتهامه بعدم احترام الديموقراطية، فيقول إنه يعرف مونتسكيو.
في اتفاقيّات إبراهيم، يبرز اسما جاريد كوشنر (وكان نتنياهو يبيت في منزل عائلة كوشنر عندما يزور نيو جرزي) وجايسون غرينبلات، الذي عيّنه ترامب مفاوضاً في شؤون «عمليّة السلام» (وهي جارية من دون توقّف ومن دون سلام منذ عام 1970 عندما قبل عبد الناصر، مُكرهاً، مبادرة روجرز – يقول كمال خلف الطويل إن عبد الناصر قبل بمبادرة روجزر لأنه أراد الانصراف إلى بناء الجيش المصري، وهو مُحقّ في هذا التفسير). وغرينبلات، مثله مثل فريدمان الذي سبق ذكره، كان محامياً لترامب، ولم يخفِ تعصّبه لدولة إسرائيل، باعتراف نتنياهو. وهذا الصنف من المبعوثين الأميركيّين أفضل من الذين سبقوهم لأن الأسلاف كانوا يتصنّعون الحياد فيما كانوا لا يقلّون عنصريّة وتعصّباً عن فريق ترامب الليكودي. وكما قال نتنياهو، لم يشعر غرينبلات أن عليه مسايرة خصوم إسرائيل كي يبرز حيادياً. ينسب نتنياهو الفضل الأكبر لنفسه ولجاريد كوشنر، لكن كوشنر لم يفعل غير أنه وضع خطّة هي من بنات أفكار أقصى الليكود الإسرائيلي. لكن المشروع أخذ في الاعتبار مواقف حكّام السعودية والإمارات، حول أن فلسطين لا تعنيهم البتّة. يصف نتنياهو ذلك بـ«المواقف المتغيّرة نحو إسرائيل». يقول نتنياهو إن الذي ساعده في تعطيل أي مشروع للفلسطينيّين في حقبة ترامب هو حكّام الخليج الذين انبهروا بالحرب الإسرائيليّة ضد البرنامج النووي الإيراني وضدّ الوجود العسكري الإيراني في سوريا. وبنَفَس استشراقي عنصري نألفه عند كل حكام إسرائيل، من دون استثناء، يفتي نتنياهو قائلاً: «الناس في الشرق الأوسط يحترمون القوّة ويصنعون السلام مع القويّ».
صحيفة الأخبار اللبنانية