سيناريو الدمار الشامِل
سيناريو الدمار الشامِل… “مع مرور الوقت، أنكشِف أكثر وأكثر لعدم قدرة واستعداد وجاهزية الجيش الإسرائيليّ لمواجهة الكارثة التي ستكون من نصيب الكيان في الحرب متعددة الجبهات، والتي سنضطر لخوضها عاجلاً أمْ آجلاً”، بهذه الكلمات وصف مسؤول شكاوى الجنود السابِق في جيش الاحتلال الجنرال احتياط يتسحاق بريك، الأزمة الخانقة التي تعيشها إسرائيل في هذا الفترة تحديدًا.
الجنرال بريك أكّد في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ الحديث عن عدم جاهزية الاحتلال الإسرائيليّ لا يشمل فقط سلاح البريّة الإسرائيليّ وعدم استعداد الجبهة الداخليّة في الكيان لمُواجهة الحرب المتعددة الجبهات، بل يشمل أيضًا سلاح الجوّ الإسرائيليّ، وعدم استعداده وعجزه في مواجهة أطلاق صليّات المقذوفات والصواريخ والتي سيتّم إطلاقها يوميًا باتجاه القواعد العسكريّة التابعة لسلاح الجوّ، كما قال الجنرال بريك.
الجنرال بريك، تحدّث أيضًا عن تعيين القائد العّام للجيش واختيار كبار الجنرالات، لافتًا إلى أنّ هناك صلةً مباشرةً بين أعمالهم أوْ إخفاقاتهم وفشلهم، مشدّدًّا في ذات الوقت أنّ الخطأ في اختيار القائد العّام للجيش، الذي يعين كبار الجنرالات، قد يدفع بإسرائيل لأوضاع حرجةٍ جدًا ولنقطة اللا-عودة، كما حصل لدى قسمٍ من قادة الجيش الإسرائيليّ منذ حرب تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1973، وحتى اليوم، على حدّ تعبيره.
علاوة على ما ذُكِر أنفًا، تطرّق الجنرال إلى آلية وكيفية انتخاب القائد العّام للجيش، وهو الذي يعمل عليه وزير الأمن الإسرائيليّ في الوقت الحالي، بيني غانتس، كاشفًا النقاب عن أنّ رئيس هيئة الأركان هو الذي يختار الجنرالات، الذين يتحوّلون إلى تابعين كليًّا له، دون تدوين ذلك في محاضر القيادة، الأمر الذي يؤدّي لحالةٍ من الخطر، إذْ أنّ الجنرالات يقومون بدعم قرارات القائد حتى تلك التي يُعارضونها، وَمَنْ ينتقد القائد العّام يجِد نفسه في مكانه دون الحصول على درجة أو وظيفة يطمح إليها، على حدّ قوله.
وأوضح الجنرال بريك أنّ عملية انتخاب القائد العّام تتّم بسريّةٍ تامّةٍ بمُشاركة أعضاء النادي المقرّبين والمُنغلقين، لذا فإنّ تعيين القائد العّام الجديد للجيش الإسرائيليّ لن يُغيّر هذه الطريقة غير الديمقراطيّة، ولذا فإنّ عملية الفحص الأساسيّة التي يتحتّم على الجيش إجراؤها على وجه السرعة لن تحدث، كما قال.
وخلُص إلى القول إنّ كل عمليّة اختيار القائد العّام للجيش الإسرائيليّ، كما يفعل وزير الأمن غانتس في هذه الأيّام، هي عمليًا خياليّة وغيرُ صحيحةٍ، ومن المؤسف والمُخزي والمُعيب أنّه بهذه الطريقة يقومون باختيار القائد العّام للجيش، والذي يملك التأثير الأكبر على أمن إسرائيل، على حدّ تعبيره.
يُشار إلى أنّه، وبحسب سيناريو الرعب الذي رسمه قبل فترةٍ وجيزةٍ الجنرال بريك فإنّ طوقًا محكمًا بأكثر من 200 ألف صاروخ يحيط إسرائيل، منها آلاف الصواريخ الدقيقة، كتلك التي أصابت منشآت النفط السعودية.
وقال الجنرال بريك:”هذه الصواريخ منتشرة في محيطنا كطوق خانق، من (حماس) في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والقوات الحليفة لهم في العراق وسوريّة، كلّها موجهة نحو أهدافٍ إستراتيجيّةٍ إسرائيليّةٍ كمحطات الكهرباء، منشآت تحلية المياه، قواعد سلاح الجو والبر التابعة للجيش الإسرائيلي، المرافئ التي تشكل بوابات إسرائيل، البنية التحية الاقتصادية، مراكز الحكم وأمور أخرى”.
وشدّدّ في تحليله على أنّ هذه الصواريخ موجهة كذلك نحو أهداف مدنية مثل “غوش دان” (مركز الدولة العبريّة)، خليج حيفا، بئر السبع، القدس، التجمعات الصناعية وتجمعات سكانية أخرى، وتهدف لإلحاق ضربةٍ قاضيةٍ بمواطني إسرائيل، بالإضافة إلى اقتصادها وبنيتها التحتيّة.
ونوّه إلى أنّ صواريخ (حيتس) التابعة للجيش الإسرائيليّ، والقادرة على اعتراض الصواريخ المعادية، مخزونها صغير جدًا ولا تكفي إلّا لأيّامٍ معدودةٍ من القتال، لافِتًا في الوقت ذاته إلى أنّ هذه الصواريخ تهدف على نحوٍ خاصٍّ إلى الردّ على ضرب أيّ أهدافٍ إستراتيجيّةٍ وليس على استهداف للسكان، وأوضح أنّ تكلفة الصاروخ الواحد 3 ملايين دولار، معتبرًا أنّ إسرائيل لا تملك القدرة الاقتصاديّة لحيازة مخزونٍ كبيرٍ، وينطبق الأمر ذاته على صواريخ (القبة الحديديّة) التي يكلف كل صاروخ منها حوالي 100 ألف دولار.
الجنرال الإسرائيليّ حذّر أيضًا من تقلّص سلاح البر في الجيش، الأمر الذي لا يسمح له بخوض الحرب على جبهتيْن في آنٍ واحدٍ، موضحًا أنّه المواجهة القريبة القادمة ستكون على أربع جبهاتٍ وهي: “حماس” في غزة، حزب الله في لبنان، وعشرات آلاف المقاتلين المسلحين في الضفة الغربية، فيما سيشكل الجيش السوريّ تهديدًا مركزيًا على الحدود الشماليّة، طبقًا لأقواله.
ولفت في الخلاصة إلى أنّه نتيجة للتقليص في الجيش والميزانيات، فإنّ السواد الأكبر من هذا الجيش غير مؤهل للحرب بسبب نقص التدريب وسوء صيانة الأسلحة في مخازن الطوارئ وإقالة الآلاف من جنود الخدمة الدائمة وفقدان القدرة المهنية للجنود والقادة، خاصة في منظومة الاحتياط.