شتاء سورية: خلصت الحرب، عاد الدفء!
دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة
كثيرون يقولون في سورية : الحرب خلصت!
وعملياً انخفضت الأعمال العسكرية بمعدل 90 بالمائة على أٌقل تقدير، ولكن القصة ليست هنا. القصة في أشياء أخرى تتعلق بالحرب، فالحرب جعلت المواطن السوري يقف بالطوابيرمن أجل تأمين احتياجاته، فكانت هناك طوابير على الخبز، وعلى وقود السيارات، وعلى وقود التدفئة، وحتى على الماء في حالات خاصة كما حصل عند تلوث مياه عين الفيجة في دمشق !
وهذا شيء طبيعي في كل حروب العالم، ولكن أصعب أنواع الهموم التي عاناها السوريون هي هموم تتعلق بالشتاء، والدفء وندرة الوقود، فكيف كان السوريون يحلون المشكلة ؟!
أولا : بالنسبة للمازوت فقد كان نادر الوجود، وكان المنزل الذي يحتاج قبل الحرب إلى 1000 ليتر مازوت في السنة بالكاد يحصل على 300 ليتر منه، وكانت الدولة تلجأ أحيانا إلى توزيع المازوت أيام البرد الشديد بحصص لاتزيد عن 20 ليتر لكل مواطن، وكنا نشاهد طابور المازوت في بعض الأحياء ينتظر حصته تحت وابل من المطر أو الثلج.
ثانيا : بالنسبة للحطب. ارتفعت استهلاك الحطب فعليا في سورية، وعاد كثيرون إلى استخدامه بديلا عن المازوت لسببن : الأول يتعلق برخصه، والثاني بتوفره، إلا أن هذه الفرصة الطيبة، مالبثت الحرب أن ألغتها، فوصلت أسعار طن الحطب إلى مايزيد مايقارب المائة ألف ليرة سورية..
وقد تسبب استخدام الحطب، بخسارة سورية للكثير من ثروتها الحراجية وحتى في ثروتها من الأشجار المثمرة التي اقتلعت من أجل الدفء، وهناك مساحات واسعة يمكن ملاحظة اقتلاع أشجارها في كثير من المناطق .
ثالثا : الاعتماد على الكهرباء، وكانت الكهرباء تخضع لنظام تقنين صارم بحيث تنقطع 4 ساعات وتأتي لمدة ساعتين ، وكانت بعض المناطق تقبل بهذا النظام شريطة أن يطبق !
وعلى سيرة الكهرباء انتشرت مختلف أنواع المدافئ، ومن بينها البساط الكهربائي الذي صار يباع على البسطات لأنه يؤمن الحد الأدنى من الدفء في أرض المكان الذي يركب فيه تحت السجاد أو البسط !
رابعا : الاعتماد على روث الحيونات، فكانت تجفف وتوضع على شكل قوالب في مدافئ خاصة في الأرياف التي تدور الحرب في رحاها .
خامسا: بقيت حالة واسعة الانتشار هي ارتداء الملابس السميكة والاختباء تحت الأغطية خلال البرد الشدي !
هاهو الشتاء قادم، وإذا كانت الحرب خلصت عسكريا، فإن معاناة السوريين من مسألة الدفء ستتراجع . ستتراجع حتما لأن سيطرة الدولة عادت على كثير من آبار الغاز والنفط ، ولأن سهولة نقل الوقود وفرته في مناطق كثيرة كان يختفي منها ، وفي تحقيقات صحفية نشرته بعض الصحف هناك حديث ارتفاع أسعار المدافئ عن أسعارها في العام الماضي أكثر من 50% ولاسيما أسعار مدافئ المازوت والحطب.
بقيت الرسالة التي يسعى السوريون لتبدالها في كل حديث يفتح عن مآسي الحرب هي عودة الدفء إلى علاقات الناس، ومن ثم الشروع في إعادة الشجر والحجر كما كان لأن في إعادتهما إعادة حقيقية للوجدان السوري الأصيل ، وهنا مكمن الدفء الحقيقي!