شرق الفرات إلى الوجهة من جديد… “البيجاك” القوة الخفية المتحكمة بقرار الكرد شرق سوريا.. كيف أمسكت بالقرار وأصبحت صاحبة النفوذ الأكبر دون الظهور على المسرح
عادت منطقة شرق الفرات التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وعموها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية إلى واجهة المشهد السياسي والعسكري من جديد مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اقتراب عملية عسكرية تركية في المنطقة. وذلك إثر فشل تركيا في تحقيق حلمها في منطقة أمنية تضع فيها مليوني لاجيء سوري في منطقة عمقها يزيد عن 30 متر.
ورغم إبرام أنقرة اتفاقا مع الولايات المتحدة في آب الماضي يقضي بإنشاء مركز عمليات مشترك لإنجاز المنطقة الآمنة ، إلا أن تركيا وجدت أن هناك هوة كبيرة بين ما تخطط له بخصوص هذه المنطقة وبين ما ستقدمه الولايات المتحدة. وهذا ما دفع الرئيس أردوغان إلى اشهار ورقة العمل العسكري مجددا.
في أية لحظة خلال الساعات الماضية قد تبدا العملية العسكرية التركية ، أن لم يكن الرئيس أردوغان يمارس سياسية حافة الهاوية مع الأمريكيين للحصول على تنازلات منهم.
وهذا التصعيد دون أدنى شك يعيد إلى الأذهان سيناريو سقوط عفرين بيد القوات التركية قبل عامين، وخسارة وحدات حماية الشعب الكردية لتلك المنطقة.
في الحديث عن عفرين سابقا والغزو التركي المرتقب لشرق الفرات لابد من الإشارة إلى دور قوة خفية في ملف شرق الفرات قلما يتم الحديث عنها، وهي حزب الحياة الكردي “البيجاك” والذي يضم مقاتلين كرد مناوئين لإيران ، ويتخدون من جبال قنديل على الحدود العراقية الإيرانية معقلا لهم. يتحكم قادة قنديل بالقرار السياسي والعسكري لمنطقة شرق الفرات.
لابد من تذكر ان القادة في حزب بيجاك منعوا الأحزاب الكردية من اتخاذ قرار تسليم عفرين للجيش السوري مع بدء الزحف التركي للاستيلاء عليها ، وعلى الرغم من قناعة الأحزاب الكردية بضرورة استلام الجيش السوري لعفرين أن ذاك وإعلانهم عن ذاك لمنع تقدم الجيش التركي اليها إلا أن قادة قنديل رفضوا هذا الخيار ، واصروا على القتال، ما أدى إلى اقتحام الجيش التركي ومعه جماعات مسلحة موالية له عفرين السورية وتهجير سكانها.
ولكن كيف لجماعة “بيجاك” كل هذا النفوذ في منطقة شرق الفرات؟
مع اندلاع الأحداث في سوريا تحولت العلاقة بين الحزب الكردي و الولايات المتحدة إلى الجانب العملي على شكل تعاون وتنسيق، ورغم تصنيف واشنطن البيجاك منظمة إرهابية نزولا عند رغبة تركيا عام 2009، إلا أن واشنطن ظلت تنظر إلى الحزب على أنه شوكة يمكن إستخدامها في الخاصرة الغربية لإيران. خاصة أن الحزب الكردي تخلى تماما عن ايديولوجتيه اليسارية ” الماركسية”. تلقت البيجاك بناء على ذلك دعما من الولايات المتحدة وإسرائيل تمثل بارسال السلاح والعتاد والمدربين. وهذا ما دفع قائد الحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي إلى تحذير واشنطن من استمرار دعم البيجاك.
أمن حزب” البيجاك” المقاتلين والسلاح لمنطقة شرق الفرات عبر الولايات المتحدة وإسرائيل. ولعب دورا بعد سيطرة الكرد على المنطقة في إدخال القوات الأمريكية لإنشاء وجود لها شرق النهر. كما لعب دورا في بيع النفط والغاز ونقل المحاصيل الزراعية لتأمين موارد لقوات سوريا الديمقراطية التي باتت تسيطر على نحو 90 في المئة من الثروة النفطية بالإضافة إلى 45 في المئة من إنتاج الغاز.
وبهذا سيطر قادة قنديل على القرار السياسي والعسكري لمنطقة شرق الفرات، وانطلاقا من ذلك فإنهم سمحوا لإسرائيل باستهداف مراكز الحشد الشعبي في العراق إنطلاقا من منطقة شرق الفرات ، وكذلك فتحوا المجال لدخول النفوذ السعودي إلى شرق سوريا من بوابة العشائر هناك. وكما ذكرنا آنفا فإنهم كانوا أصحاب القرار في عدم تسليم الوحدات الكردية لمنطقة عفرين للجيش السوري. واليوم قد يكون لهم ذات الموقف في المعركة المقبلة مع تركيا. ومن الملاحظ أن إيران لم تعترض على النوايا التركية في غزو المنطقة، لأنها على اطلاع على كافة الحقائق المتعلقة بطبيعة النفوذ هناك، بل يمكن أنها سرا تؤيد التحرك التركي.
البيجاك القوة الخفية، صاحبة النفوذ والقرار، دون الظهور في واجهة المشهد، هل مواجهتها في معاقلها هو مفتاح تغيير قواعد اللعبة شرق سوريا؟ وهل على كرد سوريا أن يستعيدوا قرارهم المستقل.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية