ما يمنح الكتاب تفردا على مستوى المحتوى والمضامين تناوله بالدراسة والنقد مسيرة ‘سيدة الإبداع الشعري النسائي المغربي’ من جوانب متعددة من إبداعاتها فنيا وجماليا وسيميائيا.
يضم هذا المؤلف الجماعي “ملاك الشعر وسحر القراءة” شهادات في حق الشاعرة المغربية مليكة العاصمي، وبورتريهات، كذا مقاربات نقدية لأعمالها الشعرية الجميلة التي تجلت فيها الذات الأنثوية شامخة، متفاعلة مع جل القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية المؤرقة لها، ودراسات تسلط الضوء على جوانب متعددة من إبداعاتها، فنية وجمالية وسيميائية، وهو ما يمنح الكتاب تفردا على مستوى المحتوى والمضامين، وعلى مستوى الشكل، ويمكن الجزم بأنه سيصبح لا محالة واحدا من أهم المصادر المفيدة للباحثين والدارسين لشعر مليكة العاصمي، الراغبين في الارتواء من فيض تجربتها المتعددة المجالات الإبداعية.
الكتاب الصادر عن دار الثقافة بالدار البيضاء نسقه وأشرف عليه د.خالد قدروز، وقدمت له د.مارية البِحصي، وكلاهما ينتميان لكلية اللغات والآداب والفنون- جامعة ابن طفيل القنيطرة، وشارك فيه أربعون مبدعا وناقدا. وقد أشار د.مولاي علي الخاميري- كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة شعيب الدكالي الجديدة، في كلمته للكتاب إلى أن إجماع هذه الثلة من الأسماء المثقفة على العمل تحت راية كتابات الشاعرة العاصمي، وعلى مستوى خريطة المغرب الفسيحة، وامتداد قلاع الفكر والثقافة في الوطن العربي بالإضافة إلى اختلاف زوايا الدراسات والقراءات ما بين الشعر والنثر بمعانيهما العامة، وما بين طرق وآليات القراءة الملاحظة في العمل… كل هذا لا يَتَأَتَّى إلا لمن وقع الإجماع الكلي على أهلية مشاريعه الفكرية المتعددة والمتنوعة في سياقاتها الإبداعية المُؤَسِّسة والمشاركة في زخم المتعة الفكرية لدى القراء عموما الذين علوا بأنفسهم ، وحلقوا طويلا وبعيدا بحثا عن معالم التجربة الفكرية والإبداعية للشاعرة المذكورة.
ورأى أن العاصمي “شاعرة وكاتبة، ومناضلة سياسية، ومشروعها الفكري له جذور كثيرة، مختلفة وأصيلة، وقد أينع على مجموعة من الأعمال الإبداعية المهمة التي تدل على كينونة شاعرتنا في جميع أبعادها كما عاشتها انطلاقا من بيت أسرتها، ومرورا بمفاهيم الوطن المتعاقبة، ومتغيراته النفسية والواقعية المتلاحقة، وانتهاء بمعاني الإنسان الكلية كما تجلت في إنتاجاتها الشعرية والفكرية”.
أما د.مارية البحصي فقد أكدت أن نصوص العاصمي تفيض بالجمال والإلق الشعري، وفي الآن نفسه نجدها متخنة بالمعاناة والنضالات المستميتة لتحقيق حياة أفضل للمرأة خصوصا، وللإنسان عموما، كما أنها مفعمة بالمشاعر الوطنية والقومية، لقد “سابقت فبرزت، وأحرزت من الإبداع ما أحرزت، وجرت في ميدان الشعر إلى أبعد أمد، وردت نهر المجرة علاء، وقلدت فخر الزمان ولاء، مع همم أنافت على الكواكب، وشيم كصفو الراح، أو الماء القراح”.
وأضافت أن العاصمي انخرطت في العمل السياسي والمدني، وتابعت بشعرها الحياة السياسية، كما خبرت أوضاع المجتمع المغربي، ومشاكل أفراده، فجاء شعرها مشبعا بالنضال والروح الوطنية، وهو ما أكدته بقولها: ” لم تكن أشعاري ذاتية أو شخصية، بل كانت مغربية تجأر بأزمات البلاد والأمة في نواحيها المختلفة “، وهو ما جعلها تحقق التوازن بين متطلبات الشعر ورسالاته وغاياته الإبداعية وبين الطموح الحداثي في كتابة القصيدة الحاملة للهم الإنساني.
وكشفت البحصي عن أول لقاء جمعها مع “سيدة الإبداع الشعري النسائي المغربي – مليكة العاصمي – كان سنة 1998 في ندوة تكريم الأستاذ محمد بنشقرون بجامعة محمد الخامس بالرباط، ولازالت لي معها صور تذكارية مضمنة في ثنايا كتاب: ” الثقافة أساس التفاهم والتطور والحوار” الذي طبعت فيه أعمال الندوة، ولاقتنا الأقدار مرة أخرى وأنا أشرف على أطروحة دكتوراه للطالب الباحث “خالد قدروز” الذي اختار موضوعا لأطروحته: “تشكيل الخطاب في التجربة الشعرية لمليكة العاصمي”، وقد زينت المناقشة التي كانت يوم الأربعاء 22 دجنبر 2021 بحضورها كضيفة شرف، ومنه بزغت فكرة كتاب يوفيها حقها، فلها علينا حق الاعتراف لأنها تمثل بحق انخراط المرأة في تجربة الإبداع والكتابة، وهو ما يشكل أحد محاور مقرري لمادة ( ظواهر في الخطاب الأدبي) للفصل الثالث، ماستر: (التواصل وتحليل الخطاب) بجامعة ابن طفيل، كلية اللغات والآداب والفنون.
ميدل إيست أونلاين