كتب

صراع أفكار ورؤى بين صحفية وروائي شهير في رواية ‘نظافة القاتل’

محمد الحمامصي

صراع أفكار ورؤى بين صحفية وروائي شهير في رواية ‘نظافة القاتل’… رواية البلجيكية آميلي نوثومب يقبع في ثناياها الكثير من الجنون والكلمات اللاذعة والأفكار المريضة والرؤى الصادمة والاستعمال الكثيف للجنس.

“في الأساس، الناس لا يقرؤون؛ أو إذا قرأوا لا يفهمون؛ أو إذا فهموا نسوا”. هكذا يعبر بطل رواية “نظافة القاتل” للكاتبة الروائية البلجيكية آميلي نوثومب، عن نفسه. هذه الرواية التي يقبع في ثناياها الكثير من الجنون والكلمات اللاذعة والأفكار المريضة. كما والرؤى الصادمة والاستعمال الكثيف للجنس.. كونها تشكل تشريحا للنفس البشرية بطريقة حادة أحيانا وأحيانا أخرى مضحكة وكاريكاتيرية.. في اندفاعها السردي البسيط المباشرة تفتح نوثومب أبواب النفس الخفية والضيقة لتطل عليها من جوانب متعددة تدهش القارئ وتجبره أحياناً على الضحك والسخرية وأحياناً أخرى الدهشة والأستغراب..

رواية ‘نظافة القاتل’

الرواية التي حصلت على عدة جوائز مهمة منها “جائزة رينيه فاليه وجائزة آلان فورنييه” تحولت إلى فيلم سينمائي أخرجه فرانسوا روغييري واقتبسها للمسرح ديديه لانغ، ونقلها للأوبرا دانيال شال. وترجمها عبد الكريم جويطي وصدرت عن المركز الثقافي العربي، وقد اعتبرها النقاد من أهم كتب إميلي نوثومب لأنها تجسد موهبتها في أصفى تجلياتها: القدرة على الغوص في السراديب المظلمة للنفس البشرية، الانفتاح السخي على معارف متعددة (الفلسفة، الأدب، التاريخ، علم النفس..) تشكيل النص بوصفه محفلا لصراع الأفكار والرؤى والأصوات، وكل ذلك بلغة مباشرة، حادة وقاسية أحيانا ودقيقة في رسم مصائر الشخصيات.

تتميز بخصوصية كونها تتألف من حوارات. موضوعها بسيط يستمد تفرده من شخصية غير عادية سواء من حيث الاسم أو من خلال المظهر الجسدي الوحشي. إنه الكاتب الشهير بريتكستا طاش الحائز على جائزة نوبل في الأدب، والبالغ من العمر ثلاثة وثمانين عامًا. والذي لم يتبق له سوى شهرين على الأكثر للعيش، حيث يعاني من السمنة والمرارة والعزلة والعنصرية والتمييز الجنسي ومرض سرطاني نادر إلى حد ما يؤثر على الغضاريف. سمنته المفرطة تلزمه الجلوس على كرسي متحرك، وكونه يحظى بشهرة واسعة تداعي عليه صحفيون من العالم أجمع طالبين إجراء حوارات خاصة معه.

الكاتب الشهير بريتكستا طاش

هذا الرجل توقف عن الكتابة عندما تجاوز الخمسين من عمره واستبدل الكتابة بالأكل بشراهة. حيث توازت رغبته في تناول الطعام مع رغبة الكتابة، حتى أقعدته البدانة واضطرته إلى التزام الكرسي المتحرك. وهو الآن بعد إعلان موته بعد شهرين، وتجمهر الصحفيون عليه، يستمتع بسحق جميع الصحفيين الذين يأتون لإجراء مقابلات معه بشكل عنصري ووحشي مبتذل، ويشعر بالتفوق عليهم ويعرف جيدًا أن لا أحد منهم قرأ حقًا ما كتبه، وإلا فلن يرغبوا في مقابلته لأن ما كتبه حقير، ولكنه عبقري خالص لا يرحم. لكن المقابلات البسيطة معه ااحول تدريجيا إلى استجواب، إلى مبارزة لا ترحم، يظهر فيها طاش رجلا مختلفا، فريسة لأحلك أسرار حياته.

يواجه طاش الأسئلة بالسخرية والحقد حتى يصل إلى هدفه. يقوم بطرد الصحفي الأول بعد أن وصفه بأنه معتوه، وجعل الصحفي الثاني يتقيأ من خلال تفصيل طقوس العربدة في الأكل. حتى وصول الصحفية الشابة نينا التي قرأت جميع كتبه. بصبر تتغلب على سوء نيته ودجله، وتتمكن من انتزاع عدد من أسرار حياته الخاصة. ينخرط الاثنان في مبارزة لا ترحم تقود طاش إلى الحد الأقصى من الردود اللاذعة التي تحمل الكثير من الازدراء والسادية أيضا. لكن ذلك لا يثني نينا عن مواصلة حوارها الكاشف للكاتب في علاقاته بالكتابة والأدب وعلاقاته مع الآخرين. بما في ذلك القارئ.

ميدل إيست أونلاين

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى