صندوق النقد يسعى لمساعدة الاقتصاديات الهشة عبر آلية جديدة
يخطط صندوق النقد الدولي لجمع 45 مليار دولار على الأقل من أجل صندوق ائتماني جديد لمساعدة “البلدان المنخفضة الدخل والهشة ذات الدخل المتوسط” على مواجهة التحديات التي طال أمدها مثل الجوائح وتغيّر المناخ، كما أعلنت المؤسسة الأربعاء.
وسيدخل “صندوق الصمود والاستدامة” ومقره في واشنطن حيز التنفيذ في الأول من أيار/مايو، وهو سيضاف إلى 650 مليار دولار للأصول الاحتياطية أو “حقوق السحب الخاصة” وخصصت في وقت سابق من هذا العام.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في بيان “فيما يواجه العالم صدمات عالمية متتالية، يجب ألا نغفل الإجراءات الحاسمة اللازمة اليوم لضمان الصمود والاستدامة على الأمد الطويل”.
وأوضحت أن الهدف من الصندوق الجديد هو إعادة توزيع الأموال من الدول الأكثر ثراء إلى الدول الأكثر هشاشة فيما يتطلع الأعضاء إلى دعم التعافي الاقتصادي العالمي من جائحة كوفيد-19.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن معظم أعضاء صندوق النقد الدولي البالغ عددهم 190 سيكونون مؤهلين للاقتراض من الصندوق الجديد.
وأشارت إلى أن الصندوق سيتطلب تعاونا وثيقا مع البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
وتعاني العديد من الدول العربية ازمات مالية حيث تعمل على عقد اتفاقيات تمويل مع الصندوق في ظل التطورات المتعلقة بالحرب الروسية على اوكرانيا.
فدول مثل لبنان وتونس ومصر تعمل على الحصول على تمويل ومساعدات من اجل مواجهة العجز في الميزانية.
وتمكنت لبنان من عقد اتفاق مبدئي للحصول على تمويل قدر بحوالي 3 مليارات دولار وذلك خلال لقاء جمع وفدا من الصندوق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون الاسبوع الماضي.
كما تعمل تونس على المضي قدما في المناقشات مع صندوق النقد الدولي من اجل الحصول على تمويل حيث قدمت برنامجا للاصلاح.
من جانب اخر حذّر البنك الدولي الخميس من أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا يزيد من مخاطر حدوث اضطرابات اجتماعية وأزمات في الدول الأفقر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بسبب الحرب.
وفي آخر تحديث لتوقّعاته حيال النمو في المنطقة، قال تقرير للبنك الدولي إنّ “الضغوط التضخمية” التي أحدثها وباء كوفيد-19 “من المرجّح أن تتفاقم” بسبب حرب روسيا ضد جارتها.
وأوضح نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج في التقرير ان “تهديد متحورات كوفيد-19 لا يزال قائما، لكن الحرب في أوكرانيا قد ضاعفت المخاطر، خاصة بالنسبة للفقراء”.
وكان رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس حذّر هذا الأسبوع من أنّ الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت بالفعل بسلسلة من ردود الفعل في الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتفاقم الفقر والجوع.
وبحسب التقرير الصادر الخميس، فقد يكون لارتفاع أسعار المواد الغذائية “آثار بعيدة المدى تتجاوز زيادة انعدام الأمن الغذائي”، مشيرا إلى أنه “تاريخيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ساهمت الزيادات في أسعار الخبز … في حدوث اضطرابات اجتماعية وصراعات”.
وتابع ان “هذا الارتباط بين أسعار الغذاء والنزاع وانخفاض النمو، يشكل مصدر قلق خطير حيال حدوث أزمة إنسانية في الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات والعنف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
تعد أوكرانيا مصدرا رئيسيًا للحبوب، بينما تعد روسيا منتجا رئيسيا للطاقة والأسمدة اللازمة للزراعة. وتعتمد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير على إمدادات القمح من كلا البلدين.
ويتوقّع التقرير أن يصل معدل التضخم في دول الخليج الغنية بالنفط إلى 3,0 في المئة هذا العام مقارنة بـ 1,2 في المئة في 2021، ويرتفع إلى 3,7 في المئة في البلدان المستوردة للنفط من 1,4 في المئة العام الماضي.
وقال التقرير إنّه “بالنسبة لبعض مستوردي النفط، سيكون من الصعب الحفاظ على الدعم المقدّم للمواد الغذائية بسبب الموارد المحدودة”، في حين أن “ارتفاع أسعار النفط قد يؤخر الإصلاحات”.
رغم ذلك، يتوقع البنك الدولي أن يبلغ النمو الاقتصادي في المنطقة 5,2 بالمئة في عام 2022، وهو أسرع معدل نمو منذ عام 2016.
وأوضح كبير خبراء الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي دانييل ليدرمان لوكالة فرانس برس انّ “المنطقة بأسرها تنتعش بفضل النفط”، والأداء الاقتصادي فيها “أفضل” من أي منطقة أخرى في العالم.
ومع ذلك، فإن هذا النمو، وإن تحقّق بالفعل، فهو “غير كاف ومتفاوت”، بحسب الخبير.
وقال إنه “غير كاف لأن عددا كبيرا من الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيظل فقيرا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بما كان عليه في عام 2019 عشية (تفشي) الوباء”.
وتابع أنه “متفاوت لأن الاقتصادات الأسرع (تعافيا) في عام 2022 من المتوقع أن تكون الدول مصدّرة للنفط، بينما من المتوقع أن يعاني مستوردو النفط”.