صورة عارية لسوريا

سيكون كل تدخل بري في سوريا بمثابة اعلان لبدء حرب عالمية جديدة. هذا هو المنطق الروسي. أما المنطق الفرنسي فيقول إن فرنسا تؤيد ذهاب قوات عربية إلى سوريا، غير أنها لن ترسل جنديا فرنسيا واحدا إلى هناك.

مشروع وقف اطلاق النار، حتى وإن تحقق على الارض فإنه لن يشمل السماء، هناك حيث تتجول الطائرات الروسية بحرية، منزلة هداياها التي لا تبقي ولاتذر. أليس في ذلك الاستثناء اشارة إلى أن ما تفعله روسيا يحظى بقبول عالمي؟

لا ترغب السعودية في رؤية ايران على حدودها الجنوبية لذلك ذهبت الى الحرب في اليمن، فما الذي يدعوها الى قتال الايرانيين في سوريا؟

ليس في إمكان أحد أن يقاتل داعش في ظل النيران الروسية. أما حماية المعارضة (المعتدلة) من بطش النظام فهي أمر لا يمكن الشروع به للسبب نفسه.

تبقى تركيا وهي المهددة باستقبال موجات من النازحين القادمين من حلب حائرة بين أطراف، كشف البعض منهم عن نواياه فيما لاذ البعض الآخر بالصمت. بقيت تركيا وقد استعدت روسيا بإسقاط طائرتها الحربية الجهة الوحيدة من بين كل الجهات المعنية بالحرب السورية التي هي غير قادرة على تغيير موقفها مقارنة بما حدث لمواقف الاطراف الآخرى.

ليس في السياسة ما يُحرج. وهو أمر مؤسف غير أنه واقعي.

لو كان الامر بيد تركيا لأغرقت أوروبا بحشود لاجئين جدد من أجل ممارسة الضغط عليها غير أن تشكيل قوة بحرية اوروبية لمراقبة بحر ايجه قد صعب المهمة عليها.

المعارضة السورية من جهتها لا تملك سوى أن تلقي بتبعة اقامة هدنة على الفصائل المسلحة. وهو ما يؤكد أن المعارضة لا تستطيع أن تتبنى موضوع الهدنة إلا إذا ارتأت تلك الفصائل ذلك.

ولكن مَن هي تلك الفصائل ومَن يملك القدرة على التحكم بقراراتها؟

بالنسبة للغرب وحلفائه من العرب فإن خرائط العدو لا تقتصر على تنظيم داعش وإن بدا الخطاب السياسي مقتصرا على داعش.

هناك النظام السوري وهو العدو الرئيس في الحرب، قبل داعش ومعها.

وكما أرى فإن مؤتمر ميونيخ قد كشف عن الحقيقة التي يحاول الكثيرون التستر عليها. تلك الحقيقة تتعلق بالمكاسب العسكرية التي حققتها قوات النظام في الاونة الاخيرة بمساعدة القصف الجوي الروسي.

هناك فرصة لإنقاذ ما تبقى من معارضي النظام من أجل أن تكون العودة إلى جنيف ممكنة. وهو الحل الذي تميل إليه موسكو. الحل الذي يرغم المعارضة على القبول بما يملى عليها من شروط قبل أن تفقد القدرة على المناورة بشكل نهائي.

ضجر الاميركيين من المسألة السورية لن تعوضه الحماسة الفرنسية.

تميل فرنسا إلى توريط العرب في حرب عربية ــ عربية تحت غطاء الحرب على الارهاب. وهي حرب سيستفيد منها الارهابيون في تدعيم مواقعهم وكسب تعاطف السكان المحليين معهم، بسبب غموض أهدافها.

فمَن يحارب داعش على الاراضي السورية لابد أن يسند ظهره إلى حائط النظام، اما مَن يعلن الحرب على داعش وهو يضمر في سره هدف الوصول إلى اسقاط النظام فإنه لابد أن يكون مطمئنا إلى أن روسيا ستغض الطرف عنه.

ليست السعودية بغافلة عن حقيقة أن سوريا صارت محمية روسية. لا معنى في هذه اللحظة الحرجة للحديث عن تمدد ايراني في سوريا. لذلك فإن حربا سعودية على ايران في سوريا ستكون أشبه بالحرب على طواحين الهواء.

لقد حلت روسيا عقدة سوريا الايرانية، وهو ما فشلت به الولايات المتحدة في معالجة عقدة العراق الايرانية. يتفاوض العالم كله مع روسيا من أجل سوريا ولا أحد يتفاوض مع الولايات المتحدة من أجل العراق. أليس من المعقول أن يقبل العرب بحل روسي للمسألة السورية؟

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى