طه وأمين: الإخوان المسلمين بأقلام الكبار

 

 

 

صدر عن دارك مدارك، وعرض في معرض الشارقة (6-61 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري) كتاب "حقيقة تنظيم الإخوان" وهي الطبعة الثانية بعد طبعته الأولى 1954 في القاهرة وكان قد صدر بعنوان "هؤلاء هم الإخوان"، شارك في الكتاب: طه حسين وعلي أمين ومحمد التابعي وجلال الدين الحمامصي وكمال الشناوي وناصر الدين النشاشيبي. صدر هذا الكتاب إثر محاولة النظام السري للإخوان لاغتيال رئيس الوزراء آنذاك جمال عبد الناصر وستة عشر من الضباط الأحرار.
جاءت كلمة طه حسين مؤكدة على أن ما يفعله الإخوان في تبني العنف سبيلاً في السياسة لم يعد مِن الإسلام، وليس هناك جهة تبنت هذا السبيل ونجحت، واستشهد كثيراً بالنزعة السلمية لدى أدباء وسياسيين قدماء، ويأتي في مقدمتهم أبو العلاء المعري، الذي أسس للنباتية في التراث الإسلامي، وكان يمتنع عن أكل اللحوم وكل ما يأتي من إيذاء الحيوان، فكيف لجهة تدعي الدين تتبنى القتل، وبالمختصر اعترها فتنة، ومعلوم أن طه حسين كتب "الفتنة الكبرى" في الإسلام بجزئين: عثمان وعلي وبنوه.
بينما جاءت كلمة الصحافي المعروف علي أمين في الصميم، وهو يكتب وكأنه عاش السنة التي قضاها الإخوان في السلطة، وتسرعوا في أخونة وأسلمة القوانين والأجواء العامة، فلو انتصر الإخوان آنذاك (1954) بتلك المحاولة ماذا سيحدث، قال: "سيملأ الهضيبي (حسن مرشد الإخوان الثاني بعد حسن البنا) 12 وزارة خالية باثني عشر عضواً من مكتب الإرشاد، وسيغضب مائة عضو لم يجد لهم وزترات! وسيقول السمكري محمود عبد اللطيف (الذي أطلق الرصاص على منصة المنشية) إنه صاحب الانقلاب وسيطالب بوزارة! وسيقول المحامي الهنداوي ودير (المدبر للعملية) إنه ىالعقل وراء الانقلاب، لأنه اختار السمكري ويطالب بوزارة، وسيقول عبد القادر عودة إنه هو الذي اختار المحامي الذي اختار السمكري وسيطالب بوزارة لنفسه أيضاً".
هذا في الخلاف داخل مكتب الإرشاد الذي سيقود الدولة، مثلما قادها في سنة محمد مرسي، لكن ماذا سيغير حكم الإخوان في مصر؟ لنقرأ لعلي أمين: "ستغلق كل الشركات الأجنبية أبوابها وتسرح عمالها، لأنها لا يمكن أن تتعامل إلا على أساس القانون المدني الحديث، وحكومة الإخوان ستطبق القانون، الذي كان متبعاً منذ ألف عام! وستمتلئ الشوارع بالعمال العاطلين، والبطالة ستشجع الإجرام، فتتألف عصابات لقطع الطريق وسلب المارة. ستغلق حكومة الإخوان المسارح والملاهي وتمنع بيع الخمور، وسينقطع على الفور مورد السياحة. فالسائح لا يمكن أن يزور بلداً لا مسارح فيه ولا ملاهي، وستستأنف عصابات لتهريب الخمور إلى داخل القطر، فتضيع من الدولة ملايين الجنيهات التي تتقاضاها من رسوم الجمارك، وتدخل في جيوب المهربين"!
وماذا يحصل للمرأة، وهو ماحصل في دستور الشريعة الذي أراد الإخوان فرضه خلال سنة حكم مكتب الإرشاد لمصر (2012-2013)، يقول علي أمين العام 1954: "ستلزم حكومة الإخوان المرأة المصرية بأن تلتزم بيتها، وإذا خرجت منه فلن تخرج إلا على وجهها برقع كثيف! وستمنع دخول أدوات الزينة والتواليت، لأنها تزيف الملامح التي خلقها الله!
أما التابعي فكتب ما يربو على ثلث الكتاب، وجاء بمقارنة طريفة محورها اسم "حسن"، يجمع فيها بين الإخوان والنزاريين (الحشاشين)، الذين تبنوا أسلوب العنف والاغتيالات في أواسط العهد العباسي، واغتالوا وزراء وخلفاء، ومن شتى الدول ومنها الدولة الفاطمية والدولة الأيوبية بعدهم، فاسم مؤسس النزاريين حسن واسم مؤسس الإخوان حسن، واسم الرئيس الثاني للنزاريين "حسن بن محمد"، واسم المرشد الثاني للإخوان حسن الهضيبي.
استغرق الكتاب نحو 92 صفحة، فيها التاريخ لهذه الجماعة، وأسرار علاقاتها مع الدولة، وأسلوبها السياسي الانتهازي، فهي لم تؤيد ثورة 1952 إلا بعد أن تأكدت أن الملك فاروق قد ركب البحر وغادر بلا عودة، ولما أيدوا الثورة اشترطوا أن يكون مكتب الإرشاد هو الحاكم الفعلي، ولم يحصل لهم هذا فكشفوا عن أسلوبهم الفعلي وهو العنف، عندما تقرأ الكتاب تشعر بعودة التاريخ ليس بملهاة إنما بتراجيديا عميقة.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى