نجاح مدوٍّ حقّقه مسلسل «جعفر العمدة» (تأليف وإخراج محمد سامي) لمحمد رمضان في رمضان 2023، ما مهّد سريعاً للإعلان عن الجزء الثاني، وأدّى إلى التسرّع في اعتبار أنّ الفنان المصري استعاد نجوميّته، ولم يعد متأثراً باتهامه بالتطبيع ولا رفض الملايين له بسبب تصرّفاته عبر منصات التواصل الاجتماعي. وبعيداً من الشاشات، قضت تصرّفات رمضان على مستقبل طيّارٍ قاد الفنّان طائرته بدلاً منه، ناهيك بسلوكياته في استعراض ما يملك من أموال أمام الناس وفي حمّام السباحة.
محمد رمضان هو أحد أسباب نجاح مسلسل «جعفر العمدة»
ظنّ كثيرون، وفي مقدّمتهم رمضان، أنّ نجاحه هذا نجّاه، وأنّ مهمّة الحفاظ على لقب «نمبر وان» ستستكمل. لكن ما حدث منذ انتهاء الموسم حتى الساعة أثبت العكس. محمد هو أحد أسباب نجاح المسلسل، لكنّه ليس الوحيد! فهو لم يفلح في الاحتفاظ بجمهوره. وواصل التصرّف بغرابة، فاقداً المزيد من الشعبية حتى تخلّى عنه الجميع.
لم يخض المنافسة في شهر الصوم الماضي لأنّ المخرج محمد سامي فضّل التفرّغ لمسلسل «نعمة الأفوكاتو» لزوجته مي عمر. مستخدماً اللغة الدرامية نفسها التي جعلت من «جعفر العمدة» حديث الناس. إذاً، يكمن السرّ في الإخراج والتفاصيل وليس في كاريزما النجم. رمضان وحده غير قادر على جذب الجمهور. فكم من نجمٍ عريق في تاريخ الفنّ المصري تعامل مع مخرجين كثر واستمرّ نجاحه رغم تغيّر الأسماء؟ وحده رمضان ترك «روحه» بين يديّ سامي الذي يفيض نرجسية ولا يوجد ما يدفعه إلى التفرّغ للفنان الذي بات مغنياً أكثر منه ممثلاً.
ومنذ نهاية رمضان 2023، قدّم الفنان الذي شارك في دويتو «إنساي» مع سعد لمجرّد، فيلمَيْ «هارلي» (إخراج كامل التركي) و«ع الزيرو» (إخراج محمد جمال العدل) اللذين سرعان ما أزيلا من ذاكرة الجمهور.
محمد رمضان سجل تراجعاً في شباك التذاكر
سجّل رمضان تراجعاً في شباك التذاكر على أمل أن يعوّض إخفاقاته في رمضان 2025، بعدما ألغيت فكرة الجزء الثاني من «جعفر العمدة». لكنّه فاجأ الجميع باكراً بإعلان عدم مشاركته في الموسم المرتقب ليسجّل أوّل غياب له لعامَيْن متتاليَيْن منذ دخوله على خطّ الدراما التلفزيونية!
وكما تجري العادة، عندما يتعثّر مشروع ما، يلتزم النجم الصمت حتّى تحلّ الأزمة. أمّا رمضان، فيظهر دائماً أنّ «لا شيء يهمّه»، إذ سارع إلى الإعلان عن غيابه عن السباق الذي لم يبدأ بعد! ورأى بعضهم الأمر أشبه بمناورة هدفها جذب اهتمام جهات إنتاجية أخرى، بينما فسّر آخرون غيابه باعتذار أكثر من مخرج عن عدم التعاون معه، منهم كاملة أبو ذكرى وبيتر ميمي، في حين تفرّغ محمد سامي لتدعيم نجومية زوجته. لكن كيف يمكن لذلك أن يمنع نجماً من الحضور في أهم سباق فني عربي؟ وما الذي يعيق عثور رمضان على جهة إنتاجية ونصّ درامي ومخرج كفء؟ ولماذا تخلّت عنه «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» (تابعة للاستخبارات المصرية) ولم تحاول منصّة «شاهد» السعودية التعاقد معه؟
اتهامه بالتطبيع وصوره المتكرّرة مع إسرائيليين
تكمن الإجابة في تفاصيل يراها كثيرون، لكن لا يحلّلها قلّة. قبل عام 2023، كان محمد رمضان ينتظر أن ينسى الجمهور اتهامه بالتطبيع وصوره المتكرّرة مع إسرائيليين وأزمته مع الطيّار الإسرائيلي. أمّا بعدها، فقد ارتكب ما بات عصياً على النسيان، وصار عرضة لهجوم واسع على منصات التواصل الاجتماعي وعلى أرض الواقع. ومنذ «طوفان الأقصى»، لم يحاول صاحب أغنية «مافيا مافيا مافيا» التعلّم من سقطاته السابقة ولا من سقطات الآخرين. كلّما هوجِم، ردّ بمزيد من «العنترية»، ما أوقعه في مشكلات إضافية.
عدم إلغاء حفلاته في أفريقيا خلال العدوان الإسرائيلي على غزّة
كانت البداية عندما برّر عدم إلغاء حفلاته في أفريقيا خلال العدوان الإسرائيلي على غزّة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بأنّها «تعاقدات دولية»، وحاول رفع العلم الفلسطينيّ، لكنّ الأمر لم يجدِ! كما حرّض الشباب عبر فيديو على تنفيذ عمليات استشهادية، متظاهراً بالانفعال بسبب الضحايا الفلسطينيين، قبل أن يحذف المقطع المصوّر لاحقاً. وأكمل رمضان مشواره مع الغناء والحفلات من دون توقّف. لكنّ الأمر بلغ ذروته في «استاد القاهرة الدولي» خلال نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم عندما أدار له «جمهور الأهلي» ظهره على طريقة شخصية «حنظلة» لناجي العلي.
ثمّ نشر فيديو آخر ينتقد فيه الجيوش العربية وتقصيرها في مواجهة كيان الاحتلال! نحن أمام ممثّل ومغنٍّ أغضب الجمهور في أكبر ملعب مصري، وأغضب الحكومات بسبب فيديوات تنضح «طيشاً» غير مسبوق، فمن سينتج له؟
على ما يبدو، نفد صبر «الشركة المتحدة» التي لم تعد مهتمة كالسابق بالحصول على خدمات محمد رمضان. ولا سيما بعدما دخلت في الماضي في سباقٍ شرس مع شبكة mbc السعودية لإنتاج أعماله حصرياً. كما لم تعد mbc ومنصة «شاهد» التابعة لها تكترثان للنجم «المشاكس». وخصوصاً أنّ عرّاب المرحلة، رئيس «الهيئة العامة للترفيه السعودية» تركي آل الشيخ، لا يعدّه من المقربين. رمضان نادراً ما يوجد في المملكة، إذ بات محسوباً أكثر على رجال الأعمال الإماراتيين. لكنّ الدولة المطبّعة حديثاً مع تل أبيب، لا تنتج دراما ولا حتى أفلاماً سينمائية، ولن تقدّم لمحمد رمضان إلا بعض الحفلات التي يحضرها إسرائيليون، مثل السهرات الثلاث التي وصمته وجعلته يترنّح أمام الجمهور حتى جرفه «طوفان الأقصى» إلى الأبد!
صحيفة الاخبار اللبنانية
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر