ظاهرة قطع الطرقات تقسم المجتمع اللبناني وتنذر بكارثة اقتصادية… طلب هويات ودفع خاوات ومشادات في الشوارع في مشهد يذكّر اللبنانيين بالحرب الأهلية.. والقوى الأمنية على الحياد
تدخل احتجاجات لبنان يومها الثالث عشر مترافقة مع توسّع ظاهرة إغلاق الطرق الرئيسية ما يجعل البلاد تحت وطأة الشّلل التام ويُنذر بكارثة اقتصادية خلال أيام قليلة.
فعدا عن أغلب شوارع العاصمة بيروت المقفلة، يتمدد الإقفال شمالا إلى طرابلس وجنوبا إلى صيدا، وشرقا إلى البقاع، والأخطر إقفال الممر البري الرئيس الذي يربط لبنان بسوريا وهو ما يرتّب آثار اقتصادية مدمرة على لبنان.
ظاهرة إغلاق الطرق قسّمت الشارع اللبناني مع تضرّر الفئات الفقيرة والعمال المياومين بسبب عدم قدرتهم الوصول إلى أعمالهم، عدا عن معاناة المرضى ومن هو مضطر للوصول إلى المشافي، وبالتالي يرى قطاع واسع من اللبنانيين ومن ضمنهم مشاركين في الاحتجاجات بأن عملية قطع الطرق وعزل المناطق هو عقاب للشعب وزيادة في إفقار الطبقات الفقيرة.
وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للمشادات والصدامات التي تحدث بين مواطنين يُحاولون العبور وبين آخرين يمنعونهم بالقوة، وأحيانا كثيرة يتم الاعتداء على من يتحدّى قرار قطع الطريق ويُحاول العُبور وتكسير زجاج سيارته.
بالمقابل ترى شريحة من المحتجين على سياسيات الحكومة اللبنانية والمطالبين برحليها أن قطع الطرق وتقطيع أوصال المناطق هي وسيلة ضغط على الحكومة لتسريع استجابتها لمطالب الشارع، وبين الرأيين لا يخلو مشهد طرقات لبنان من الاستثمار السياسي، والفلتان الأمني ويدل على ذلك تصدّر مليشيات غير مسلحة تتبع لأحزاب حملة قطع الطرقات مع ما يرافق ذلك من طلب هويات من المواطنيين أو فرض خاوات مالية مقابل تسهيل العبور في مشهد يذكّر اللبنانيين بفصول سوداء من الحرب الأهلية. ويتصدّر بعض السياسيين اللبنانيين من خصوم حزب الله والرئيس ميشيل عون حملات الدعوة والتحريض على الاستمرار في قطع الطرقات وعزل المناطق.
وفي خضم هذا المشهد يقف الجيش اللبناني والقوى الأمنية على الحياد وهو ما جعل لبنانيين ينتقدون ذلك مطالبين بحمايتهم و تأمين حرية تنقلهم، تماما كما يقوم الجيش والقوى الأمنية بحماية المتظاهرين. وفي وجه هذا المنطق يشيد لبنانيون محتجون بموقف الجيش والقوى الأمنية بالوقوف على الحياد، إنما هذا الحياد يشوبه مخاطر انزلاق البلاد إلى مواجهات دامية بين من يسعى إلى كسب قوت يومه أو مضطر إلى التنقل لأسباب طارئة، وبين من يتمسك بظاهرة قطع الطرقات كوسيلة ضغط على الحكومة.
وتدفع سياسية قطع الطرقات البلاد إلى كارثة اقتصادية كبيرة، وتعطل الدراسة في المدراس والجامعات، وانقسام اجتماعي مع انقلاب شريحة من المحتجين على الحراك الشعبي، ومن غير المتوقع في المدى المنظور أن تنتهي هذه الظاهرة بل هي في اتّساع وكل يوم تُغلق منطقة جديدة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية