“ظلال على القمر”: 50 عاماً على مهمة أبوللو

 

نشرت الدكتورة أليس غورمان أستاذة علم الآثار والدراسات الفضائية في جامعة فليندرز الأسترالية كتاباً هذا العام بعنوان “ظلال على القمر” وقد ترجم إبراهيم عبدالله العلو مراجعة له نشرت في مجلة “ذا كونفرسيشون“. صدر هذا الكتاب في نيسان – أبريل من عام 2019 عن دار نشر نيو ساوث الأسترالية ويقع في 320 صفحة. ويصادف هذا العام مرور 50 سنة على مهمة “أبوللو 11” مما يثير التساؤل عن مستقبل القمر.

شهدت الفترة الممتدة ما بين عامي 1969 و1972 ولادة موقع آثاري جديد. وللمرة الأولى في التاريخ غيرت الأجساد البشرية والتقانة اللازمة للحفاظ عليها مشهد عالم آخر. ترك رواد الفضاء من بعثات أبوللو الستة حقيبة من مصنوعات عصر الفضاء خلفهم على سطح القمر. وأحضرت البعثات إلى القمر أنواعاً أخرى من الظلال التي ألقتها الآلات والأجساد والأعلام والعربات في تمازج من الحركة والسكون.

وعلى الأرض تجعل حركة الأشياء الحية، وتغير البيئة الطبيعية والثقافية والطقس الذي يحجب أشعة الشمس بدرجات متفاوتة، تلك الظلال أكثر حركية. ولكن الظلال القمرية أكثر سكوناً في المقاييس الزمنية البشرية وتتوافق حركيتها مع المرور نصف الشهري للشمس على السطح.

جلبت بعثات أبوللو ظلالاً لم تكن بذلك الخمود. تختلف سرعة الظلال وتعتمد على النشاط الحادث وكانت أسرع من مرور النهار البطيء. كانت بعض الظلال سوداء قاتمة وبعضها الآخر مخرم ومركب يعكس شبكة الهوائيات ذات الهيئة الماثلة للمظلات.

تتداخل وتتباعد مع زاوية الشمس وحركة رواد الفضاء حول المشاهد الدقيقة التي شكلت معظم تجربتهم القمرية. جُمدت والُتقطت تلك الظلال عبر الكثير من صور بعثات أبوللو وأصبحت في هذه الصور نوعاً آخر من المصنوعات اليدوية.

ولكن بعض الظلال رحلت إلى غير عودة وبقي بعضها الآخر يبتلعها الليل القمري قبل أن تظهر مجدداً مع بزوع فجر يوم جديد. أما ظلال الأشياء المتروكة، قمرات الهبوط والعربات والكاميرات وغيرها من المعدات، فسوف تتابع إلقاء ظلالها على السطح القمري إلى أن تتحلل في غضون عشرات أو مئات وربما آلاف السنين. فهذه الأشياء لا تتحرك ولكن ظلالها تحيط بها في تنسك نهاري وكأنها ساعات شمسية بلا مهمة.

استخدم مستكشف القمر المداري الذي أطلقته وكالة الفضاء الأميركية عام 2009 الظلال لتفحص وجود تلك المواد اليتيمة للثقافة المادية. وتمكنا من الحصول على صور لقاعدة ترانكويليتي وغيرها من مواطئ الهبوط من التابع الطائر فوقها. لم يعد علم أبوللو الأشهر الذي غرس في تموز – يوليو من عام 1969 منتصباً بعد الآن وربما انقلب عندما غادرت قمرة الصعود ونفثت الرمال فوق تجربة تفحص الرمل وهي مكعب صغير مصنوع من الألواح الشمسية من تصميم أستاذ علم الفضاء الأسترالي برايان أو برايان.

قمت إبان بحثي عن معنى الظلال القمرية بتحري ماهية الظل في المقام الأول فهو ليس صورة ظلية والتي هي عبارة عن الإطار الداكن لشيء ما وغالباً على خلفية بيضاء. كما أنه ليس إنعكاساً حيث يلقي الشيء ضوءاً خلفياً لخلق صورة معاكسة. كما أنه ليس وضاءة تتمثل في كمية الضوء التي يمتصها سطح ما وكلما زادت كمية الضوء الممتص كلما ظهر السطح بشكل أكثر قتامة.

عندما ننظر إلى القمر من الأرض ينتج معظم الفرق في الضوء والظلمة من الوضاءة بدلاً من الظلال. أقر السير إسحاق نيوتن في القرن السابع عشر أن الظلمة لم تكن قوة إيجابية مثل الضوء وأن الظلال لم تنتج عن غياب الضوء.

وهناك الجلاء والقتمة التي تعني التباين بين الضوء والظلال والتي يستخدمها الفنانون لتخليق مؤثرات ثلاثية الأبعاد على سطوح ملساء ذات بعدين.

لا يظهر الجلاء والقتمة على اللوحات القماشية فحسب ونستخدم الظلال لإدراك وتصور العمق في الحياة اليومية إذ لا تعدو الظلال سوى تمثيل ثنائي البعد لأشياء ثلاثية الأبعاد.

وبينما كنت أتفحص صور أبوللو في أرشيف وكالة الفضاء الأميركية المتوفر على الإنترنت لفت نظري ظلال كثير من رواد الفضاء بسيقان طويلة ولكنها كانت غائبة في الصور التي التقطوها لجمهورهم على الأرض. بدا رواد الفضاء صامتين ومنعزلين مما أعاد إلى ذاكرتي سلسلة معروفة من اللوحات الفنية التي أبدعها الفنان جيورجيو دو شيريكو.

بدأ شيريكو في عام 1910 العمل على فكرة طغت فيها الظلال بشكل ملفت. وكانت اللوحات غالباً تتشكل من ميادين مدن خاوية ذات تماثيل وأبراج وواجهات مباني مقنطرة. كانت الظلال حادة وطويلة وبدت متناقضة مع قوة الضوء. لم يستخدم الظلال لتخليق العمق ولكنه وظفها لهدم أعراف “الوهمية المنظورية”.

تعبّر الظلال عن الرمزية أكثر منها عن الإدراك الحسي وتمثل السوداوية والشجن والتمويه والسرية. وترمز إلى الموت والروح والخارق للطبيعة والأحلام والأشباح والعالم السفلي والراحة في يوم قائظ.

والظلال مرئية ولكنها ليست ملموسة ويختلف ترتيبها مع زاوية مصادر الضوء. وتساءلت ما إذا كانت الظلال عاملاً في تقدير القيم الجمالية للمواقع التراثية على سطح الأرض.

لم ينتج بحثي في السجلات التراثية لدول عدة الكثير من المعلومات. وغالباً ما اعتُبرت الظلال جزءاً من البيئة المشيدة وكانت آثارها مصنفة غالباً بتعابير سلبية لأن الظلال التي تنشرها الأبنية الحديثة قد تؤثر على مفهوم (منظور) الخاصية التراثية للبناء الأقدم.

عثرت على استثنائين في لائحة التراث العالمي. أحدهما يُعزى للظلال المنشورة من قبل جدران المدن المحصنة. خلقت هذه الظلال إحساساً بالإنتماء والحماية للجماعات الساكنة ضمنها. وكان هناك بعض السوابق لإعتبار الظلال جزءاً من النسيج والأهمية الثقافية لموقع تراثي.

في يوم 21 تموز – يوليو من عام 1969 نزل نيل ارمسترونغ من سلم قمرة الهبوط “أبوللو 11”. وبينما حاول وضع قدمه على القمر تلفظ بكلمات أصبحت خالدة فيما بعد ولكنه قال شيئاً آخر. “إنها معتمة في الظل ها هنا ويصعب علي رؤية موطأ قدمي”.

لفد هبط في شيء لم يألفه القمر من ذي قبل: الظل الذي ألقته العربة المأهولة وقمرة الهبوط. لعبت الظلال دوراً كبيراً في البعثة القمرية التي باتت تلوح في الأفق.

تطلب هبوط قمرة ايغل بسلاسة وأمان تعلم كيفية ترجمة ما تعنيه الظلال عن وعورة السطح.

وتعين على ارمسترونغ وبز ألدرين إجراء تجاربهما العلمية قرب هذه الظلال الغريبة والتي أخفت أجزاء المعدات الساقطة من أيديهم. كانت الظلال أيضاً مبحثاً من مباحث الإستكشاف وقاموا بتقييم تغيرات درجة الحرارة ضمنها. وراقبوا تأثير الظلال على إمكانية الرؤية.

راقب رواد الفضاء أولاً أثر أحذيتهم على الريغوليث(الحطام الصخري القمري) والغبار الجاف والصخور المتكسرة التي تغطي سطح القمر. كانت النتوءات أسفل أحذيتهم والتي طبعت صورها مرات عديدة هي في الحقيقة جزءاً من تجربة علمية: كان التباين بين الضوء والظل في النتوءات طريقة لقياس الخصائص العاكسية للغبار وسمحت الزوايا بحساب عمق غوص الرواد في الرمل وعلق ارمسترونغ قائلاً:

“يلتصق الغبار على شكل طبقات رقيقة مثل الفحم المتذرر على حواف وأسفل حذائي. وربما لا أطأ أكثر من ثمن بوصة ولكنني أستطيع رؤية بصمة حذائي والعلائم التي خلفها في الجزيئات الرملية الدقيقة”.

قام رواد الفضاء خلال فترة البعثة بالتقاط أكثر من 600 صورة وفيلم ونرى في هذه الأفلام الظلال الطويلة التي ينشرها ضوء الشمس والأرض حولهم وحول قمرة الهبوط والعلم وغيرها من الأشياء.

تشكل تراتيب الظلال جزءاً من هيكل نظريات المؤامرة التي تدعي فبركة الهبوط على القمر وتقول إن زوايا الظلال ليست ذات أهمية وحدثت نتيجة للإضاءة في استديو التصوير حيث قام الممثلون بمحاكاة السير في ظل الجاذبية المنخفضة. ويذكرنا ذلك بالظلال المنافية للبديهة في لوحات دو شيريكو.

قام الأفراد العارفون بتكذيب تلك النظريات ولكنني أرى مظهراً آخر من مؤامرات الظل. فالظلال تخفي وتشوّش وتخلق التوهمات من خلال تشويه الطول والنسب ولكن نظريات مؤامرة القمر تتطلع للظلال لكشف الحقيقة.

وفي حكاية أفلاطون الشهيرة “مجاز الكهف” يعرف السجناء العالم عبر الظلال المنشورة على جدار الكهف من قبل الأفراد والأشياء المتحركة خلفهم. وهذه الظلال انعكاس منقوص ومشوّه للشكل الحقيقي للأشياء. ومن وجهة نظرهم يشبه منظرو المؤامرة السجناء الهاربين الذين يخرجون من الكهف ليدركوا السبب الحقيقي لتلك الظلال.

وهذه الظلال علائم يمكن قراءتها واستخدمها المستكشف القمري لتحديد مواقع هبوط “أبوللو” الستة.

يدور المستكشف على ارتفاع 50 كيلومتراً من السطح ويستطيع رؤية ظلال قمرات الهبوط وحزم المعدات وحتى الأعلام.

بدت الخطوط والمدارج ومسار العربات من أبوللو15-17 التواءات داكنة مثل تكهفات حشرة في لحاء شجرة.

لا يوجد شك في ظني، بالرغم من تفلتها وطبيعتها غير الملموسة، أن ظلال أبوللو كانت جزءاً مهماً من نسيج المواقع وأهميتها الثقافية. ورغم تخلي البشر عنها تعني الظلال أن المواقع ليست ساكنة. لقد حورت بيئة الضوء ودرجة الحرارة الموجودة في المحيط قبل الهبوط.

تنبع أهمية الظلال القمرية في إختلافها عن الظلال الأرضية: فهي ظلال بشر ومصنوعات بشرية في ضوء عالم آخر وتستحضر هندسات وقواماً جديداً لطبوغرافيا الظل القمري.

قامت عالمة الآثار الفضائية بيث لورا أوليري وفريقها من مشروع الإرث القمري بتصنيف المصنوعات المتواجدة في قاعدة ترانكويليتي وأرغب من ناحيتي بتصنيف الظلال. وربما تؤذي الزيارات العشوائية المعدات والعلاقات بين الأشياء في مواقع أبوللو وقد تدمر الجلاء والقتمة التي أحدثتها أفعال أوائل البشر على القمر.

ظل التنقيب

ومن بين الظلال التي أثارت إنتباهي كثيراً ظل الصور الشخصية لرواد الفضاء الواقفين على سيقانهم الطويلة على الريغوليث والكاميرا المحمولة إلى حافة أقنعتهم الواقية. بدا لي أنهم صامتون ووحيدون وبائسون كما لو كانت قاعدة ترانكويليتي ميدان مدينة في إحدى لوحات دي شيريكو مع نوع من السلام.

كانت المواقع القمرية على مدى عقود قليلة آمنة من الأذى واليوم يرغب الجميع بالعودة إلى القمر. لن يحمي بعد المسافة التراث القمري إذا فكرنا بأنه يستحق الحماية. لم يعد الأمر متعلقاً بالعلم أو المكانة بعد الآن في عصر أصبح فيه الغنى القوة الدافعة خلف الاستكشاف الفضائي. إذ يمتلك القمر موارد ثمينة يرغب المستثمرون على الأرض بالوصول إليها. وتشمل هذه الموارد العناصر النادرة على الأرض مثل الإيتريوم والإيتربيوم المستخدمة في الليزر والحواسيب والهواتف النقالة وبطاريات السيارات والهيليوم 3 الذي قد يستخدم كوقود نووي نظيف والعديد من الموارد الأخرى كالماء الذي قد يستخدم لتمكين الاستيطان على القمر فيما يسمى الاستخدام المحلي للموارد.

فالجليد المخزن في الفوهات القطبية المظللة بشكل مستديم هو مورد يمكن استخدامه لصنع الوقود والعيش في آنٍ معاً وسيقوم العلماء بتحليل مشهد الظل لتحديد موارد الصناعة المستقبلية.

تأسست شركات خاصة للقيام بالتنجيم القمري واستثمار الكويكبات. وقامت دول مثل الولايات المتحدة ولوكسمبورغ بإصدار التشريعات لدعم الإستثمار التجاري على القمر وحزام الكويكب.

يدرك الناس اليوم أن الصناعة على القمر لم تعد مسألة إمكانية بقدر ما هي مسألة زمنية وعندما يحل ذلك الأجل سيتوفر كمية مهولة من الرمل القمري اللاصق والمخرش والخادش الذي سيتناثر بفعل انطلاق وعودة الصواريخ والعربات مما يعرض التراث القمري للخطر.

أصبحت سنوات العمل العديدة في صناعة التنقيب الأرضي ذات أهمية مفاجئة لمستقبل الاستكشاف الفضائي. وأظن أن بعض شركات التنجيم الفضائي تتجاهل بعض العمليات الحرجة.

قد يُحدث تكدير سطح القمر على المستوى الصناعي أثراً سلبياً على أهميته الثقافية لمجمل سكان الأرض. ناهيك عن الضرر الممكن لمواقع الهبوط لقمري للعديد من الدول. وثمة حاجة ملحة لتطوير إطار عمل بيئي للفضاء بحيث يكون التراث الثقافي جزءاً لا يتجزأ منه وسيلعب علماء آثار الفضاء دوراً مهماً في المرحلة القادمة من التفاعل البشري مع النظام الشمسي.

ويجب إيجاد حلول للمشاكل التقنية العديدة التي تقف عقبة كأداء أمام الصناعة القمرية وثمة مسألة وحيدة قد تؤثر على كل ما قد ننجزه على القمر.

تبين لرواد أبوللو أن الغبار القمري يلتصق بهم ويسد موانع التسريب في معداتهم ويحول دون عمل الأدوات الميكانيكية بشكل ملائم. وغلف الغبار واجهات المعدات بحيث يصعب قراءتها وحدث ذلك بعد أيام قلائل من الهبوط.

 

يتبادر إلى أذهاننا صور رواد الفضاء ببزات فضائية ناصعة البياض ولكنها تغطت لاحقاً بالتراب حالها حال منقب الآثار في الخنادق.

يحتوى الغبار القمري على شويكات دقيقة حادة من السبج (زجاج بركاني أسود) شديدة التخريش، ومشحونة بكهرباء ساكنة بفعل القصف المستمر من الجزيئات الشمسية والأشعة الكونية حيث لا يوجد غلاف جوي لحماية السطح كما عهدناه على الأرض مما يجعله شديد الإلتصاق.

ومع تنقل الكثير من العربات الفضائية التي تحمل المعدات والطواقم والمنتجات التجارية بين الأرض والقمر، سيتناثر المزيد من الغبار. وإذا لم يتم التوصل إلى حلول ناجعة للتحكم به قد يصل ذلك الغبار إلى المدار القمري ويخلق سحابة غبار تحيط بالقمر. وتلك مسألة حاسمة تنتظر الحل قبل الشروع بتنفيذ أي نشاط صناعي عليه.

وذكر جون يونغ قائد بعثة “أبوللو 16” عام 1972 أن الغبار “يعتبر العائق الأول في طريق العودة إلى القمر”.

وبالطبع شغلت مشكلة الغبار أذهان العلماء الباحثين في أنظمة التنجيم القمري إلى حد كبير. تشمل المقترحات الهادفة لتخفيف ضرر الغبار تشييد جدران انطلاق لاحتوائه أو دمج الغبار في منصات الهبوط بحيث لا ينثره إطلاق الصواريخ وهبوطها وتخليق مواد تنبذه.

سوف تقوم بعض هذه النابذات بالتخفيف من ضرر تخديش الغبار على مركبة الفضاء القمرية التاريخية. وتلك هي حالة نادرة حيث تسهم الأبحاث اللازمة لتطوير الموارد القمرية بحماية بعض أكثر المواقع أهمية في القرن العشرين. ولذلك يبقى الأمل بضمان أن التاريخ المبكر للتكيّف البشري مع البيئات الفضائية لن يذهب أدراج الرياح.

ويتركنا ذلك مع السؤال الأهم أي ماذا عن القمر ذاته؟

وكيف سيشعر الناس إذا نظروا إلى القمر في سماء الليل ويعلمون أن القمر يخضع للتنقيب أمام أعينهم؟

فالقمر رمز ثقافي عالمي يوحدنا منذ أوائل البشر قبل ملايين السنين إلى المستقبل العميق للبشرية.

كانت جميع البعثات القمرية حتى الآن علمية وصغيرة الحجم. كما أن وجود المواقع البشرية التي لا نستطيع رؤيتها من الأرض برغم استخدام التليسكوبات الأكثر قوة لم تخفِ الإرث غير الملموس لأحلام واعتقادات البشر. ولكن الأمر قد يختلف عندما نعلم أن الشركات الخاصة تجني الأرباح من حفر القمر.

يعتبر منجم النحاس بينغهام كانيون الموجود في ولاية يوتا الأميركية أكبر فوهة منجم مكشوفة على سطح الأرض. ولا يزال قيد الإنتاج منذ عام 1906 حيث بدأ كحفرة صغيرة تنامت إلى فجوة بقطر 4 كيلومترات وتغطي مساحة 1900 هكتار وبعمق 1.2 كيلومتر.

غزو القمر

تخيل مثل تلك الحفرة على سطح القمر وما هو شعورنا عندما نرى مثل تلك الفوهة من صنع البشر من الأرض سواء عبر التيليسكوبات أو صور الأقمار الصناعية؟.

ويجب أن لا نؤخذ على حين غرة ونتهيأ لرؤية التغيرات على القمر الذي عهدناه ونضفي عليه معاني جديدة كما فعلنا مع الأرض وغيرها من الأماكن في النظام الشمسي مثل بلوتو.

يشمل عصر الأنثروبوسين إعادة توزيع العناصر والمعادن بطريقة مرئية جيولوجياً. وإذا تابع التنقيب القمري مسيره سيحدث إعادة توزيع أكثر وتبادل للمواد الأرضية والقمرية.

سيتحول البحث عن المياه المتجلدة على القمر إلى رحلة في أغوار ظلال باردة على القطبين والتي ظلت بكراً على مدى 3.6 مليار سنة.

وبالمقارنة مع ذلك تبدو ظلال “أبوللو” مجرد ومضات في التاريخ القمري.

تخلق الظلال على القمر مشهداً رمزياً يمكن قراءته بطرق متعددة. وبالنسبة لي يقتنص الروائي الياباني جونيشيرو تانيزاكي في روايته “في مديح الظلال” جوهر هذه الظلال القادمة من عالم آخر:

“عندما نحدق في العتمة المتجمعة خلف العارضة وحول آنية الزهر وتحت الرفوف ورغم يقيننا بأنها مجرد ظلال يطغى علينا شعور أنه في هذه الزاوية الصغيرة من الجو يسود صمت أبدي تام وتسيطر في الظلمة سكينة ثابتة”.

الميادين نت

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى