ظل طهران يلاحق أوباما إلى الرياض (علي هاشم)

 

علي هاشم

يعلم الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه خلال زيارته إلى السعودية، سيسمع الكثير الكثير عن الحرب الباردة الساخنة التي تدور رحاها في المنطقة. حرب محاور وطوائف وصراع إرادات أخذ منحى الوجودية لدى البعض وتخطى السياسة إلى المقدس لدى البعض الآخر، ليصبح شكل الشرق الأوسط الجديد مرهوناً بنتائج مواجهات تتخطى السياسة والأمن والعسكر كي تطأ جبهات أخرى لم تكن قبل برهة من الزمن قد خطرت في بال.
شبيه جداً وضع السعودية اليوم بوضع حليفتها الكبرى الولايات المتحدة، التي تعيش بدورها إرهاصات حرب باردة عالمية مسرحها الكرة الأرضية، وأميركا هنا حالها كحال السعودية متفاجئة بالطرف الآخر غير المنكفئ والمستعد للذهاب حتى النهاية في دفاعه عن ما يشخصه أمناً قومياً أو مصلحة إستراتيجية.
والمثير للاهتمام هنا أن خصوم واشنطن والرياض هم حلفاء، أي أن امتداد الصراع الدولي تحت مظلات دولية إلى المنطقة أمر غير مستبعد، ولما لا والتربة هنا خصبة والتحالفات جاهزة والجميع جاهز على الزناد.
سيسمع أوباما في السعودية عن العلاقة المتوترة مع إيران، ربما يسمع عتباً سعودياً على الانفتاح على طهران والمكاسب غير المبررة من وجهة نظر الرياض، وعن الصراع المفتوح من مضيق هرمز إلى باب المندب وقناة السويس، ومن الخليج إلى البحر المتوسط وما بينهما، سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن وغيرها إن وجد. سيسمع أوباما عن التسويات المفترضة والمحاور المصنوعة من أضداد، وماذا بعد؟
يعلم السعودي أن الأميركي لن يكون في أي وقت قريب حليفاً لإيران، وأن طهران كما أنها على جاهزية لفتح صفحات جديدة، إلا أنها في ذات الوقت حذرة وغير مطمئنة، وأنها تحسب ألف حساب لكل خطوة تجاه الغرب، وإن كانت لا تمانع في تحسن العلاقة وتطورها بما لا يؤثر على الجمهورية الإسلامية وثورتها وأسسها.
لكن مع ذلك تبقى الرياض متحسبة لأي خرق على هذه الجبهة كونها ترى في علاقتها مع واشنطن ضماناً إستراتيجياً لبقاء نظامها في ظل العواصف التي تضرب الإقليم والاختلافات ضمن العائلة الواحدة والتي يراهن عليها خصوم المملكة لهزها من الداخل في حال حدوث شغور في موقع الملك أو ولاية العهد.
قبل أسبوعين، عندما استدعت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من قطر، علق أحد السياسيين العرب من الذين كانوا ينشطون على خط الدوحة – طهران بالقول إنه "على إيران أن تشكر السعودية"، فهي أمنت لطهران نواة تحالف يمتد في عمق الحديقة الخلفية للرياض، الأمر الذي سيعطيها أوراقا إضافية عند نضوج التسويات.
نعود إلى طهران والرياض وما يجمعهما على قلته وما يفرقهما على كثرته. فكلا البلدين يعترف بحاجته للآخر، وأن شرقاً أوسط باتفاقهما سيكون مختلفاً عنه في ظل استمرار خلافاتهما.
فالحل في اليمن ممكن وكذلك العراق والبحرين على نسق التسوية الأخيرة في لبنان، التي أنتجت بالرغم من كل التناقضات حكومة الأفضل الإمكان. هكذا تسويات قد تمهد الطريق للتسوية الكبرى في سوريا، والتي حتى اللحظة تبدو بعيدة، بل في نظر بعض المتشائمين، مستحيلة.
إذاً، ستلاحق إيران باراك أوباما إلى الرياض ليسمع هنا المزيد، وهو بطبيعة الحال سيضع أمامه مصلحة الولايات المتحدة ويعمل على أساسها. واليوم تبدو المصلحة الأميركية جانحة نحو الهدنة مع طهران، فهل تصدق توقعات أحد الظرفاء ويطلق الرئيس الأميركي وساطة بين السعودية وإيران؟

صحيفة السفير اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى