عبد الله الخاني : الشاهد !!! (1)

تتمة الحلقة الأولى من الحوار:

الأتاسي لم يقم بانقلاب؟

الأتاسي لم يقم بانقلاب، بل جاء به الانقلابيون للحكم، ومعه كل أحزاب المعارضة، وفي الانقلاب الثاني جاؤوا بسامي الحناوي، وفي الحقيقة من قام بالانقلاب كانوا ضباطاً صغاراً، وعندما اعتقلوا الزعيم والبرازي، تم أخذهما للمزة حيث تم إعدامهما، كان الانقلابيون بحاجة إلى ضابط كبير بالرتبة، فتم تعيين الحناوي، الذي كان أبعد ما يمكن أن يقوم بانقلاب، لأنه كان محل سخرية الزعيم في الاجتماعات، وتم اختياره لأنه ضابط «لواء» وهو غير راغب بهذا، لذلك استدعى أهم السياسيين وأقوى الأحزاب، وكان حزب الشعب، أما من السياسيين فاستعان بعدد مثل: رشدي كيخيا، وناظم قدسي، وأحضروا الأتاسي، ووضعوا دستوراً جديداً مبنياً على أساس النظام البرلماني، وبقي هذا الدستور معمولاً به فترة طويلة، ولأنهم خشوا من عودة شكري القوتلي مرة أخرى أضافوا مادة جديدة للدستور تقضي بأنه «إذا لم يوقع الرئيس المرسوم المرفوع إليه خلال عشرة أيام يجوز لرئيس الوزراء أن يُصدر المرسوم على مسؤوليته»، وبالتالي وفق هذه المادة أعطوا رئيس الجمهورية مكانة تشبه مكانة ملكة بريطانيا، وبعد أن وضعوا الدستور كان رئيس لجنة الدستور هاشم الأتاسي، الذي ارتأى أنه في ذلك الوقت أفضل من انتخاب مجلس برلماني جديد، القيام بتحويل الهيئة التأسيسية للدستور إلى برلمان، وتم العمل بالفكرة، وانتخبوا رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، ورشدي الكيخيا نائباً لرئيس الجمهورية وناظم القدسي رئيساً لمجلس الوزراء، وكان أكثر من الهيئة من حزب الشعب، وكان معهم من غير الحزب ميشيل عفلق وسامي جبارة اللذين عملا في الوزارة إضافة إلى بعض الأشخاص من المعارضة.

وفي هذه الفترة أيضاً… أنت بقيت في القصر الرئاسي؟

عندما جاء الأتاسي بوقتها سألني: من الموظفين هنا؟ وهنا لابد لي من الإشارة إلى أن والدي كان قاضياً وفي فترة من حياته كان يمارس العمل القضائي في حمص، وكان على ثقة وعلى علاقة طيبة جداً مع الأتاسي، وإخوتي وأولاده أصدقاء، وكنا كعائلة واحدة، لذلك عندما سأل عن أسماء الموظفين وكان اسمي بينهم سأل عن اسم أبي فقالوا له عبد اللـه محمد سعيد الخاني، ثم قال لي «أنت ستبقى في القصر».
بقيت في القصر في حين خالد عسلي وعبد المجيد طرابلسي تم نقلهما إلى وزارة الخارجية، وبقيت أنا وخالد شاتيلا، وكانوا وضعوا لهاشم الأتاسي مرافقاً عسكرياً إلا أنه رفض وقال لي: لا أريد مرافقاً لأنه سيقيدني في الحركة، وتميز الأتاسي بأنه كان محترماً جداً ومستقيماً ولم يتدخل كثيراً في السياسية، إلا أنه كان حازماً في أمره، وفي الوقت نفسه كانت لديه مجموعة من الأصدقاء، وكنا نسميهم «مجلس الشيوخ» وكانوا يجتمعون مساء في حديقة القصر ويتداولون بالأمور.

كم دام حكم الأتاسي حتى جاء الانقلاب الثالث؟

دام حكمه نحو سنة ونصف السنة، فجاء الانقلاب الثالث ومعه أديب الشيشكلي، ولكن هذا الانقلاب حصل لسبب ثان، فباعتبار أن الأكثرية من حزب الشعب قام بالتهيئة لانتخابات، وقبل أن تجري، طلبت الحكومة أن تُسترجع قوى الأمن الداخلي إلى ملاك وزارة الداخلية، ففي زمن حسني الزعيم قام بضم قوات الأمن الداخلي إلى الجيش، وبقي الشيشكلي محافظاً على هذا الإجراء وأبقى قوى الأمن الداخلي تابعة للجيش، ما سبب خلافاً شديداً بين الحكومة والجيش، واستقالت الحكومة التي كان رئيسها حسن الحكيم، واستمرت الأزمة نحو اثني عشر يوما، وقتها كان الأتاسي يستدعي رؤساء الأحزاب كي يكلّفهم تأليف حكومة، حينها قال له معروف الداواليبي بأنه هو من سيقوم بتأليف الحكومة، وفعلا ألف حكومة وجاء بها للرئيس، وقام الرئيس الأتاسي بتوقيعها، وأرسلناها للإذاعة كي يتم الإعلان عنها، ورأسا جاء مدير الشرطة وسأل مدير الأمانة خالد شاتيلا عن تشكيل الحكومة، فأخبره بأنه تم إرسال الأسماء للإذاعة كي يتم الإعلان عنها، وكان طلبه بأن يتم تأجيل الإعلان، فقال له خالد لا يمكن هذا وخصوصاً أنه سيتم الإعلان عنها بعد دقيقتين، وسأله عن السبب، فأجاب مدير الشرطة «أديب الشيشكلي أرسل قواته لإحاطة دمشق»، فطلب مني خالد أن أذهب إلى الرئيس فذهبت إلى بيته والذي كان في شارع الروضة، فقال لي الرئيس «سأرتاح الآن قليلا، وفي الساعة الخامسة تحضر لي أديب الشيشكلي ومعروف الدواليبي»، طبعا أنا اتصلت بهما الشيشكلي قال سآتي، في حين معروف قال ليس لديه سيارة، فقلت سأرسل له أنا سيارة، وحضرا في الوقت المحدد وجلسا، لكن يظهر أنهما لم يتفقا وكان هذا واضحاً بسبب صوت الرئيس وهو يؤنبهما بصوت عال.

(يتبع)….

صحيفة الوطن السورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى