تحليلات سياسيةسلايد

عرض إسرائيلي هزْلي جديد: نتنياهو متمسّك بـ«وهم الانتصار»

  يوسف فارس  

يترافق تكرار إعلان جيش الاحتلال عن انتهاء مهمّاته العسكرية في قطاع غزة، مع نقل الثقل العسكري إلى الجبهة الشمالية واعتبار إعادة سكان المستوطنات المحاذية لجنوب لبنان، هدفاً من أهداف الحرب، مع ما يرافق ذلك من أثمان وخطوات إجرائية، أهمّها، الإعلان أخيراً أن جنوب لبنان أضحى جبهة أساسية في الحرب. كما يأتي هذا وسط رفع سقف المطالب الإسرائيلية، وزيادة التعنّت على طاولة المفاوضات، على اعتبار أن «المنتصر يَفرض شروطه»، وليس على المهزوم إلّا أن يوقّع! ولعل نموذجاً مما تقدّم، ما سرّبته مصادر إعلامية إسرائيلية عن نيّة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عرض مقترحٍ لصفقة جديدة، تقضي بتوفير ممرّ آمن لقادة حركة «حماس»، وفي مقدّمهم يحيى السنوار، في مقابل إطلاق سراح الرهائن والمختطفين دفعةً واحدة، والانسحاب من غزة، ونزع سلاح المقاومة، والسماح بإعادة الإعمار ورفع الحصار.وعلى رغم أن ذلك المقترح المحكوم عليه بالفشل والمرفوض سلفاً لم يُطرح بشكل رسمي بعد، ترجّح مصادر مختلفة ارتباطه بخطاب نتنياهو المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي سيسعى من خلاله إلى إحراج حركة «حماس»، وإظهارها وكأنها هي مَن تعطّل كل الصفقات، وأن يديه ممدودتان للسلام. غير أن تكرار عروض وقف إطلاق النار المقدّمة من علوّ، أي من موقف قوّة للإسرائيليين، يبدو واضحاً أنه يرمي إلى تعويم «الإيهام بالانتصار»، أي إقناع كل الإسرائيليين قبل غيرهم، بأن جيش الاحتلال أصبح يمتلك الأفضلية في الميدان، والتي تؤهّله لإملاء شروطه.

في المقابل، تترجم تصريحات قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، الاستعصاء الميداني الذي وصلت إليه الحرب التي اقتربت من إغلاق عامها الأول، حيث القوات البرية تنتشر بلا عمل حقيقي، وتتحوّل مع مرور الوقت إلى أهداف سهلة، بعدما استنفد الجيش قوته الغاشمة عدّة مرات في مناطق محددة، فيما لم ترفع المقاومة الراية البيضاء، وظهر أنها ليست في وارد القبول بأيّ مقترح لا يراعي الخطوط الحمر، وأهمها: الانسحاب الكامل من غزة، وعودة الأهالي إلى منازلهم من دون قيد أو شرط. كما أن نقطة الاستعصاء في هذه الحرب، هي أن إسرائيل في مرحلة لا تسمح لها بالقبول بأنصاف الانتصارات، إذ إن ما منيت به طوال أشهر القتال، وقبلاً في عملية «طوفان الأقصى» نفسها، رفع كل ذلك من سقوف حاجتها إلى الحرب، وذلك لاستعادة ردعها المهشّم وهيبتها المدمّرة. أما المقاومة، التي استنزفت الحرب كثيراً من مقدّراتها البشرية واللوجستية، فهي أيضاً تبدي استعداداً أكبر لكسر إرادة القتال لدى العدو، من دون أيّ فرضية للانكسار أو الاستسلام، وهي أكثر مَن يدرك، أن الجيوش وحركات التحرّر، لا تُهزم عندما تخسر نقاطاً في الحرب، أو تعجز عن المشاغلة وإيذاء العدو مرحلياً، إنّما عندما تستسلم وتنكسر لديها إرادة القتال.

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى