عسل الهيبة الرد . . و سم العصابة ( الخيرة ) !!

 

بعد تأمل في مدى جماهيرية مسلسل الهيبة الرد لا بد من وقفة جدية مع مردود هذا العمل الدرامي الجذاب الذي حظي بمشاهدة واسعة وحقق إفتتناناً للجمهور، كما أنه من الواجب أن تحقق هذه الوقفة وضع المسلسل في مكانته الفنية وكل ما عبر عنه من أفكار ومفاهيم .

عندما قلت في نقاش مع خبراء و نقاد دراميين أن الهيبة (الرد) حظي بمتابعة قوية رد علي أحدهم أن نشوب أي خناقة في الحي أو القرية تحظى بمتابعة كل من يستطيع مشاهدة الإقتتال فيها  والإقتراب منها، فكيف إذا كانت الخناقة أو المعركة فيها نجوم محبوبين، كتيم حسن و عبدو شاهين وأويس مخللاتي من جهة ، وبين عادل كرم من جهة أخرى، وبينهما نجمة كمنى واصف وديمة قندلفت وروزالينا لاذقاني ؟ كيف لا يتابعهم الجمهور إذا تصارعوا حتى الموت؟؟ يعنى خناقة مميتة من شدة سخونتها. وبعيداً عن حقيقة جاذبية الخناقة أوالمعركة بشكل طبيعي، فإن الهيبة (الرد) قدم هذا الصراع محمولاً على ثارات وانتقامات وحملها للجمهور بطريقة فنية متقنة وجميلة وجذابة ومشوقة، فضاعف عوامل صراعها جاذبية وشداً للجمهور المتابع . . . مسلسل الهيبة (الرد)، ب أمتلأ الفعل بـ ( عسل فني جذاب ) عبر تمثيل النجوم وإخراج سامر برقاوي وإنتاج الصباح الباهر، وبواسطة صراعات كتبت لإظهار نجومية نجومه ، واعتبار هذا الهدف أساس الدراما و مبناها.

لكن . . . هذا العسل ماذا قدم ؟؟ قدم لنا صراع عصابتين. عصابة خيرة يمثلها جبل شيخ الجبل تتصدى وتواجه شيطانية عصابة شريرة يديرها نمر مراد.. وبغياب تام للدولة ، إلا بما يحركه جبل للعقيد الذي يبدو تابعاً له . حتى الحب المستعاد بين رانيا ( ديمة قندلفت ) و بين جبل كان بين عصابتين، رانيا مع عصابة نمر ( حتى إنقلابها بعد إنقلاب نمر عليها ) و جبل كرئيس جماعة أوعصابة الهيبة . . ورغم كل الوعظ الخير والحكم الإنسانية التي صدرت عن جبل فإن ما جرى في الهيبة (الرد) من صراع وأحداث كان صراع عصابتين، انتصرت فيه العصابة الخيرة بزعامة بطل الخير جبل .

ربما يقول قائل ولماذا الإستغراب ، والكثير من الدول العربية تعيش حالة صراع عصابات. و الشعب العربي في أي بلد يضطر إلى الإصطفاف وراء عصابة ليرد ما يمكن رده من شرور العصابات الشيطانية المجرمة التي تستهدفه. وهذا ربما يكون يكون صحيحاً  ولكن الصحيح أيضاً أنه حتى العصابة الخيرة هي عصابة تتسلح بالقتل والعنف والغرائز والسيطرة خارج القانون . بينما يحتاج العرب في كل بقعة من بقاع وطنهم إلى إستعادة الدولة ، الدولة العاقلة، العادلة، العصرية، الراقية، الخاضعة لقانون ودستور، ولا يمكن أن تكون العصابة مهما كانت خيرة هي الحل . ولا يمكن أن تكون فكرة العصابة الخيرة كحل إلا سماً لا يقل شراً عن العصابة الشريرة … العسل الفني الجميل الذي ينضح به مسلسل الهيبة (الرد) كان يحتاج إلى الفكرة التي تكشف خطورة إعتماد أي مجتمع للعصابة الخيرة لمعالجة ومكافحة العصابة الشريرة. كان يحتاج إلى عسل فكرة رقي هذا المجتمع الإنساني وتوقه للدولة الراقية …

دائماً عسل الدراما الجميلة هو ما يدفعنا للمطالبة بتقديم عسل الفكرة الراقية الإنسانية المتطلعة للحضارة بإستمرار .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى