عشية عيد النوروز .. غداة بدء جولة جنيف!

هناك حادثة مهمة في التاريخ لايستعيدها المعنيون بالأزمة السورية هذه الأيام ، وتتعلق بقبر القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي المجاور للمسجد الأموي في دمشق، فصلاح الدين الأيوبي بطل معركة حطين الذي يحبه السوريون بمختلف انتماءاتهم القومية كان تولى عام 1164 بأمر من نور الدين زنكي حفظ الأمن في دمشق، وعندما أصبح سلطانا كان يعرف أن أمن دمشق على غاية الأهمية، وهو الذي يعرف معنى القوة السورية المصرية الموحدة في التاريخ .

مات السلطان صلاح الدين في القلعة، وكان إعلان وفاته يعني نهب دمشق من قبل اللصوص وقطاع الطرق ، لذلك تم الاتفاق على دفنه في القلعة ريثما يتم ضبط الأمور والاستنفرار لما قد يحصل، وبعد أن تم ضبط الأمن أعلن عن وفاته ونقل جثمانه من داخل القلعة إلى جوار المسجد الأموي حيث هو الآن وحيث جاءه الجنرال غورو ليتحدى جثمانه ، بعد معركة ميسلون التي قادها الشهيد يوسف العظمة وهو كردي أيضا خاف على حرية سورية واستقلالها!

صلاح الدين الأيوبي أحد رموز سورية في تاريخها المتجدد ، وهو صورة من صور تنوعها الاثني والديني. هو كردي، وينتمي الكثير من ملامح دمشق الحضارية إلى عصره، وخاصة المدارس، فقد كان أهم سلطان على صعيد فتح المدارس فيها ..

وفي سورية علاقات وطيدة تاريخية بين الأكراد وبين مختلف السكان ، وربما سيسأل كثيرون الآن إدريس نعسان نائب رئيس هيئة الخارجية في عين العرب التي روج الإعلام لاسم آخر لها هو ((كوباني)) سيسألون : هل سيوافق صلاح الدين على إعلان الأكراد قيام نظام فدرالي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم شمال سورية.

في توقيت هذا الإعلان ، وموعده مايقلق السوريين كثيرا، فهو يأتي غداة بدء اجتماعات جنيف العتيدة التي لم تعرف نتائجها بعد، وقبل عيد النوروز الذي يحتفلون فيه عادة في الحادي والعشرين من آذار وصدر قرار قديم باعتباره عطلة رسمية بغطاء ( عيد الأم) كي لايشجع اعتباره عيدا قوميا على تفتيت وحدة السوريين .. وفي موعد القرار أيضا تلك الضجة التي أثيرت عالميا قبل نحو أسبوعين حول سؤال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي عن إمكانية إقامة كونفيدرالية في سورية ، وتم التأكيد إثرها على كل الصعد على وحدة السورية.

إن اجتماع أمس في الرميلان بريف الحسكة الأربعاء لنظام الإدارة في شمال سوريا، بمشاركة قرابة 200 مندوب يمثلون الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن، سكان مناطق القامشلي وكوباني وعفرين، يحتاج إلى تمعن يتعلق بأثره على الحل الذي يترقبه السوريون جميعا قادما من جنيف : هكذا ينظر كل سوري تسأله عن الكونفيدرالية !

في عيد النوروز تظهر خصوصية الأكراد السوريين، ويظهر تنوع البلد التاريخي الخالد : سورية، بعد أيام يشعلون النار في الجبال وينتشرون في بساتين الأرض السورية وحقولها ابتهاجا بالعيد، نتذكر هذا المهرجان مع تذكر الأسماء الكبرى المعروفة في سورية :

خالد بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السوري
الشيخ أحمد كفتارو المفتي العالم للجمهورية
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي عميد كلية الشريعة
محمود الأيوبي نائب رئيس الجمهور .. نتذكر أسماء أكثر بكثير من هذه الأسماء …

لكن النيران لم تنطفئ بعد في أوتون الحرب السورية وفي هذا العيد أيضا يمكن أن يحلم الأكراد بحقوقهم المشروعة ، لكن حلم أي كردي في سورية مرهون بحلم أي سوري بالخلاص من الحرب ..

وعلى هامش الحدث لابد من تذكر أن الأكراد، أو الكورد ، كما نقرأ عنهم يشكلون أكبر أقلية اثنية سورية تصل إلى نحو 10% من سكان البلاد، وفي قصة تواجدهم في سورية تتجه كتب التاريخ إلى مئات السنين ، ودائما كانت مطالبهم في سورية مشروعة، وقد تحقق جزء منها عبر أكثر من أربعة عقود من بينها مطالبتهم بالهوية السورية ودخول البرلمان وكانت أي معاناة لهم لاتنفصل عن معاناة السوريين الذين لهم أحلام أخرى كأحلامهم.. وفي بداية الحرب عام 2011 صدر مرسوم رئاسي وتحديدا في 7 نيسان 2011 يقضي بمنح الجنسية السورية للمسجلين كأجانب في سجلات الحسكة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى