عقلية الأنفاق

كل نفق ليس في نهايته ضوء…هو مقبرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنفاق الغوطة، باتساعها، وطولها ووظائفها… كشفت واحدة من طرائف الحرب في سورية. وبالطبع لا يتوقع أحد أن تكون الطرائف في الغوطة الدمشقية الفاتنة بطبيعتها ومياهها… هي عن زراعة الشوندر.

في شهور وسنوات العسل بين حركة حماس الفلسطينية والسلطة السورية، والحرس الثوري الإيراني كانت تحصل حماس على كل ما تريده من المعدات والأسلحة. ومن بين أهم المعدات التي أعطيت بسخاء لحماس… معدات الحفر المتقدمة المخصصة لحفر الخنادق، والأنفاق.

حين قررت حماس، فجأة معاداة النظام في سورية، والانحياز السريع إلى الجبهات الإسلامية القادمة، لا محالة وخلال أشهر، إلى السلطة… قررت المساهمة في هذا الحفل المستعجل، بقراءة غبية لموازين القوى… فأهدت حفارات الحرس الثوري إلى فيالق الجهاد الإسلامي في سورية.

بهذه الحفارات استطاع المسلحون السوريون تصميم وتنفيذ معارك ناجحة ضد الجيش السوري. إلى أن دخلت قوات إيرانية للمشاركة في القتال… فذهلت هذه القوات لأنها رأت معدات بلادها قد أنجزت إسالة دماء أبنائها.

وبديهي القول أن الإيرانيين كانوا يفكرون بأنفاق غزة ورفح عندما أعطوا هذه الحفارات، ولم يخطر في بال أي مختص في صناعة الكوابيس أن تستخدم هذه الحفارات في الغوطة وداريا، ومناطق أخرى.

لقد ساهمت الأنفاق في إطالة زمن الحرب، وفي استعمال وسائل تدمير قصوى، وفي مقتل مجموعات بشرية، خصوصاً في الغوطة، وقد تكرر السؤال: من الذي يغذي الوهم… وهم الانتصار واحتلال دمشق؟

هل القوى الداعمة للمنظمات المسلحة، التي لها مصلحة في الاستيلاء على السلطة في سورية، أم المسلحون الذين لهم مصلحة في استمرار الحرب لاستمرار القبض؟

أسئلة تتوالد جراء العناد غير المفهوم في مقاومة الميؤوس منه. حيث ازدياد الضحايا موتاً وتشريداً، وازدياد الخراب في كل شيء ، والنتيجة الذهاب إلى إدلب … احدى منتجعات “المقتلة القادمة”.

هل يمكننا افتراض النمو المشوه لـ “عقلية الانفاق” ، التي تزور مرتبة الحماية النفسية، كما كانت عقلية الحصون والقلاع في زمن الحروب القديمة؟

ثمة سلسلة من الأخطاء التي أنتجتها عقليات التضحية، بتزوير أنواع وتعريفات التضحية. الأمر الذي يستخدمه القادة في الزمان والمكان والخطأ: إن دخول الفلسطيني على خطوط الحرب السورية… يجعل البطل قاتلاً وحسب!

هكذا يفكر السوريون، وهم يشاهدون أنفاق حماس بحفارات إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى