علام منصور: قراءة في رواية “عتبة الألم” للكاتب حسن سامي يوسف
“إنت فلسطيني شو دخلك” عبارة اختصرت كل “التيه الفلسطيني” في مخيمات الشتات، وكان “مخيم اليرموك” الشاهد على ذلك في “عتبة الألم” يأخذنا “الراوي” إلى عالم الحرب الأهلية السورية، بكل ما فيها من عبثية، متخذا من “اليرموك” بوابة لكل حيّ في دمشق، وما فعلت بها تلك الحرب المجنونة، يأخذنا باسهاب إلى عالم الحب والحرب والتيه والعبث والشغف ورتابة الحياة، حرب لا تحمل في مضامينها غير صراع الآخرين حتى آخر مواطن سوري.
في “عتبة الأمل” لا نلمس رواية بمعناها الحرفي، بقدر ما أجاد الكاتب “حسن يوسف” في “سردية” أقرب ما تكون لسيرة ذاتية، أو لشاهد عيان علي تلك الحرب، سردية ظاهرها عشوائي، وفي جوهرها تسجيل يومي للأحداث عبر “مخيم اليرموك” البيئة الحاضنة للكاتب نفسه، والحاضر بقوة في سرديات تلك الرواية، عبر مشاهد تتخذ من التواريخ شاهدا علي ما يحدث ابتداء من 2014 إلى 2016 ، وهي الفترة العصيبة في المسألة السورية، حينما كان المواطن السوري يترقب (انهيار دمشق) في أية لحظة.
في “عتبة الألم” صرخة الفلسطيني بعد عقود من الزمن، حيث ولد وحيث عاش وحيث عانق الياسمين الدمشقي لسنين خلت، يكتشف “أنه شو دخلك” وكأن هذا الفلسطيني الذي يتجرع من ألم تلك الحرب لا حقّ له أن يبدي رأيه فيها، بل يكفيه الصمت والوجع والألم أو تشرّد ونكبة أخرى، تضاف الى سيرته الذاتية في هذا “التيه” الذي لا ينتهي، لأن الكاتب قام بالتوقيع ” مجرد توقيع” على بيان المثقّفين والمعارضين السوريين في بدايات حكم الرئيس بشار الأسد.
“عتبة الألم” رواية تأخذك لقراءتها بكل سهولة وسلاسة رغم عدد صفحاتها الكبير، فالكاتب ابتعد عن “فنيات الرواية” ورسم لنا فصولها بحرفية عالية ـ وهو صاحب باع طويل في ذلك ـ فتنقّل بنا بين الفصحى وبين العامية الدمشقية، وتنقّل بنا في أحياء دمشق، بحيث جعلنا نشعر وكأننا نعرفها جيدا، وأننا جزء منه في ذلك العمل.
رواية تحمل في أحشائها كل الأسباب لجعل القاريء يقول “تبّا” ما الذي يجعل الدم والإنسان العربي رخيصا إلى هذا الحد؟
رواية تجعلك تقف حائرا أمام ذلك السؤال المبهم ” شو دخلك إنت فلسطيني ” وكأن ذلك الفلسطيني مفصوم أو منبتّ عن كيانه و”حبله السّري” العربي .!!!!.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية