علماء حلوا لغزاً عمره 3300 عام بين فلسطين وبريطانيا
تمكن علماء من حل لغز حيّر الباحثين وخبراء الآثار، يتعلق بفلزات من القصدير، عمرها 3300 عام، عثروا عليها بفلسطين الخالية من هذا المعدن، ككل دول الشرق الأوسط في “العصر البرونزي” الذي امتد من 3000 إلى 1200 قبل الميلاد، لذلك اعتقدوا غير جازمين أن مصدرها كان آسيا الوسطى، إلى أن كشفت تحقيقات قام بها علماء من جامعة ومركز للآثار ألمانيين عن مفاجأة.
وجدوا أن الصفائح الصغيرة كانت تأتي في ذلك الزمن البعيد من منطقة ساحلية، مقسمة حالياً بين مقاطعتي Devon وجارتها Cornwall في الجنوب الغربي البريطاني “وهو دليل على وجود طرق تجارية معقدة وبعيدة المدى في “عصر البرونز” بين أوروبا وشرق المتوسط”، وفق الوارد في البحث الذي أجراه العلماء، ونشرته دورية Plos One العلمية البريطانية في عدد هذا الشهر. كما طالعت “العربية.نت” ملخصاً عنه، مترجماً من موقع جامعة Heidelburg University الألمانية. لكن المجهول للآن، هو من كان يقوم بهذه التجارة الخطرة قبل آلاف السنين، فيعبر بمراكب بدائية 3700 كيلومتر المسافة البحرية من شرق المتوسط إلى الجزر البريطانية في الأطلسي، ثم يعود ثانية إلى حيث بدأ رحلته، محملاً بما كان مرتفع الثمن ومهماً، كما النفط وأكثر.
كانت المواد الخام، كالقصدير والعنبر والزجاج والنحاس، هي القوى المحركة لهذه الشبكة التجارية الدولية المبكرة “فالبرونز، المصنوع من القصدير والنحاس، كان يتم استخدامه لصنع الأسلحة والمجوهرات ومعظم أدوات الاحتياجات اليومية لشعوب ذلك الزمن القديم، لذلك تم إطلاق اسمه على حقبة عصر كامل” وفق تعبير الدكتور Ernst Pernicka الأستاذ المتقاعد من “جامعة هايدلبرغ” الأقدم بألمانيا بين الجامعات، فقد تأسست في 1386 بمدينة تحمل الاسم نفسه في ولاية Baden-Württemberg بالجنوب الغربي الألماني، والعلماء الذين قاموا بحل اللغز عن مصدر القصدير الذي عثروا عليه بفلسطين القديمة، كما بتركيا واليونان، هم منها، وتكاتفوا في ما حققوا به مع نظراء لهم من مركز Curt Engelhorn for Archaeometry المختص في ألمانيا بعلم القياسات الأثرية.
ولحل اللغز، قام علماء الجامعة والمركز بفحص نماذج عما عثروا عليه، وتحليل تركيب الرصاص والقصدير، ووجدوها مطابقة تماماً لسبائك أو صفائح من قصدير مقاطعة “كورنوال” وجارتها “ديفون” في أقصى جنوب الجزر البريطانية، ومعظمها بعرض 37 وطول 65 سنتيمتراً تقريباً، لذلك قال أحد العلماء الذين شاركوا بالتحقيقات، وهو الدكتور Daniel Berger الباحث في مركز “كورت إنجلهورن” الألماني، إن نتائج ما تم كشفه “تثير رؤى جديدة للأبحاث المستقبلية، وتحدد أصل معدن القصدير” وفق تعبيره.
في “عصر البرونز” ولد اسم فلسطين وانهارت الوثنيات
الغريب، أن ما حقق به العلماء الألمان وكشفوا عنه، لم يأتِ بجديد، ففي تحقيق نشرته مجلة The Ingeneer البريطانية في 18 ابريل الماضي، بعنوان The cut and thrust of history وقرأته “العربية.نت” في موقعها، نطالع في الفقرة الثامنة منه: “نعلم عبر علم الآثار أن قصدير “كورنويل” كان يتم تسويقه بعيداً جداً، حتى فينيسيا، وهي اليوم شمال إسرائيل وجنوب سوريا وبينهما لبنان” بحسب العبارة الواردة في التحقيق، في إشارة إلى أن المعدن الذي يتم مزجه بواقع 10% مع نسبة 90% من النحاس لإنتاج البرونز، كان يأتي قبل 33 قرناً من الجزر البريطانية إلى ساحل المتوسط الشرقي، وفلسطين بشكل خاص، لكن كاتب التحقيق لم يذكر مصدر ما سبق به بحث العلماء الألمان.
أما “العصر البرونزي” المتأخر، وهو الذي كانت تشتري فيه فلسطين القديمة قصديرها لتصنع من البرونز السلاح والمجوهرات وأدوات احتياجاتها، فمعروف بأنه الأهم في تاريخها “ففيه ورد اسم “فلسطين” لأول مرة زمن حكم الفرعون رمسيس الثالث، أي بين 1220 إلى 1200 قبل الميلاد، ونجده بلفظة “بيليسط” في الصورة أعلاه، وهي لجدار تصويري في مدينة “هابو” وهي الأقصر بالجنوب المصري حالياً، ويشير إلى سكان ساحل فلسطين الجنوبي” وفقاً للوارد في تحقيق عنوانه “لمحة عامة عن تاريخ وجغرافية فلسطين” نشرته وكالة “وفا” الفلسطينية للأنباء، وغير وارد فيه تاريخ نشره. كما بدأت تنهار الوثنيات انطلاقاً من فلسطين في “عصر البرونز” المتوسط، ففيه وصل النبي إبراهيم، قادماً إليها من العراق، وعمّ التوحيد من بعده كل العالم.
العربية.نت