على أي شريعة تسيرون ؟؟؟
من أكثر المسليات هذه الأيام فعلاً هي صفحات التواصل الاجتماعي .. فمنها المضحك ومنها المبكي ومنها الصادم خاصة في ظل الازدحام الفكري المتناقض الذي تفرزه حالة الفراغ والبطالة والتخفي تحت أسماء مستعارة .. لتظهر أفكار بعضها إنساني خلاق .. وكثيرها لئيم حاقد مدمر .. مبطن بعبارات طائفية إقصائية فوقية .. تدعو إلى الكراهية ونبذ الأخر وتشويه القيم والأخلاق .. تتدرج بين استثارة النعرات الطائفية .. والتخوين .. و التكفير .. لتتطور إلى مراحل إهانة المعتقدات والدين .. فالبعض لا يتوانى، من منطلق حرية التعبير، عن الاساءة علناً لمعتقدات دينية أو تكفير العلمانية واستباحة دم من يختلف عنه بالمعتقد أو الطائفة أو طريقة التفكير ..!!
فوضى تتضارب فيها الآراء وتتصارع الأفكار ، لتنتج أفكاراً مشوهة وقناعات معاقة لا تتوافق مع القيم الانسانية ، والأخلاق المجتمعية التي اتفقت عليها الانسانية من شريعة حمورابي إلى اليوم والتي تم تطويرها دينياً وأخلاقياً لتتماشى مع تطور الانسان وازدهار المجتمعات.
مشكلة تبلورت اليوم من خلال محاولات بعض مدعي الانفتاح والحرية التهجم على الدين نفسه .. ونقده بطريقة مسيئة .. غاضين البصر والبصيرة عن مدى الحقد والشرخ و الحساسية التي يسببها هذا النقد اللاذع غير المسؤول .. !!
هناك مشكلة في مفهوم الحرية نفسها تظهر واضحة اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي، فمن يطالب بالحرية لا يسيء للآخر في معتقداته ولا يشتمه فيها أو ينقضها بطريقة حاقدة جارحة، و يحترم حرية الآخر باختياراته وطريقة تفكيره ومعتقداته، ومن يطالب بالحرية لا يكفر الآخر ولا يخونه إذا اختلف معه وعنه ، و يفكر قبل أن يتكلم لأن هدفه إيصال رأيه وصوته .. واحترام الرأي الآخر .
بالطبع نرفض تسييس الدين .. وتدمير البلاد وقتل العباد باسم الدين .. ولكن بالتأكيد ليست طريقة التعبير هي الاساءة للدين لأننا بذلك نزيد الأحقاد ونشجع المتخلفين المتطرفين على الغل في تطرفهم وتخلفهم وقتل الناس من منطلق الدفاع عن الدين .. إننا نرفض ممارسات أشخاص تشوه الدين بتصرفاتها، وتتستر تحت غطائه لتقوم بفاحش الأفعال والأعمال، فداعش والقاعدة وكل ما ينضوي تحتها هي مجموعات مسلحة ممولة مسيسة تحت لواء الدين .. ليست أكثر من أداة للقتل وخوض الحرب وجمع الشباب باسم الدين، فاذا أساء البعض باسم الدين .. هذا لا يعني أن الدين سيء .. كما أنه اذا أساء البعض باسم الحرية .. لا يعني أن الحرية سيئة.
التعميم هو الخطأ الذي ما زلنا إلى اليوم ندفع ثمنه دماً ودماراً .. ونحكم على الآخرين باعتبار أن كل الاسلام هم متطرفين وإرهابيين .. أو أن العلمانيين هم كفرة ملحدين .. أو أن الطائفة العلوية كلهم مع النظام قتلى مجرمين. هناك أناس جيدون وسيئون من كل طرف .. فلنخصص ونوضح .. ولنبتعد عن التعميم .. ولن نتخلص من دائنا ونتحرر من قيودنا كشعب عربي يعيش فيه المؤمن والعلماني والملحد فقط كمواطنين حتى نسير على شريعة (الدين لله .. والوطن للجميع ) …. !!