على الطريق … !!!
أخذ كل منا رغم كثرة العدد وضيق المكان موضعه في الباص.. محاطين بالحقائب والأكياس بمختلف الأحجام والقياسات من المعدات والأطعمة والمشروبات التي قد نحتاجها للرحلة لتكون موفقة حسب ما صوره لنا عقلنا الباطن وخيالنا الواسع المتأثر بحكايا الأجداد والآباء وذكريات الطفولة من مسلسلات الكرتون وأفلام الرحلات لنشعر بكثرة الأشياء ودقة التفاصيل ومحاولة عدم إهمال أي غرض قد يكون مفيداً لنا أننا نحمل المنزل ..معنا !!!
بدأت الرحلة بوضع سي دي أغان انتقيناه خاصة للطريق ليبث فينا الحماس .. ولنبدأ رحلتنا بالغناء والتصفيق .. وفعلا هذا ما كان .. !!
كان الطقس جميلاً .. والجو بديعاً .. والمناظر خلابة والأغاني مناسبة .. والباص مكيفاً … وأصوات الضحك والمزاح والتصفيق تعلو على صوت المسجلة .. حتى انقطع التكييف فجأة وبدأ التعرق ورائحة العرق تغلب على الجو لتشحنه بموجات سلبية من الاستياء والغضب .. ولتتحول الأصوات المتناغمة الى همهمات تعبر عن التشنج والتعصيب … ففتحنا الشبابيك .. وهدأنا الأعصاب وعدنا للغناء .. رغم ضوضاء السيارات وضجيج الهواء ورائحة التلوث .. عاد الجو نوعاً ما إلى الانضباط …. ولم تمض خمس دقائق أخرى حتى علا صوت الشجار بين سائق الباص وصديق يبحث عن موقف لحظة ليفرغ حمولة مثانته … !!! ونحن على أوتوستراد سريع لا يمكنه الوقوف .. والراكب معذور يريد النزول ..
عاد الجو للتشنج من جديد بين متعاطف مع الراكب ومتحيز للسائق وواعظ من نوع فريد … واقتراحات غريبة عجيبة !! لنصل بعد حين ومين إلى استراحة ويفرجها علينا رب العالمين … !!!
عدنا إلى الباص ونحن مصّرين على المضي بالرحلة والاستمتاع بكل لحظة فيها .. وعادت الأصوات تعلو .. وعاد المزاح والغناء والتصفيق … حتى ظهر أمامنا فجأة كلب شارد يقطع الأوتستراد .. حاول السائق تجاوزه ولكن خوف الكلب غلبه وصدمنا الحيوان المسكين وكاد من ثقل وزنه وقوة الفرام .. أن يقلب بنا الباص .. وسمعنا صوت تكسير .. وبعد مناورة وشد الفرامل توقف الباص .. ونزلنا لنعاين الضرر فاذ برفراف مقدمة الباص قد انكسر .. وخلفنا الحيوان المسكين ينزف دماً .. وتعالت أصوات الانزعاج والتأفف والألم ..
وانقسمت الآراء بين أن نكمل رحلتنا رغم ما حصل ونعالج فيما بعد الضرر وبين أن نؤجلها أو نعود أدراجنا .. وبين أن نطلب وسيلة نقل أخرى .. وبين أن ندفن الحيوان المسكين .. وبين وبين .. ضيعنا ساعتين ونحن نحاول التوصل إلى القرار .. وفي النهاية ارتأينا بعد حوار عقيم وجدل سقيم .. أن يقرر أكبرنا سنا ما العمل .. فقال: أكملوا الرحلة .. طالما بدأتم بها رغم كل المضايقات والعراقيل والخطر … وحاولوا الاستمتاع قدر المستطاع بكل لحظة فيها .. لأنه كلما تحملنا وتقبلنا وتعلمنا واستمتعنا رغم كل المضايقات والعقبات بالطريق .. كلما كانت رحلتنا أجمل وذكرياتها أغنى .. ودروسها أقوى .. فالوصول ضروري .. لكن المتعة تبدأ .. بالطريق !!!!!