على مقعد … الحقيقة ……….!!
كان صوته يتهدج بين الدمع والابتسام ..
” يجب أن أرحل … ”
وهي متمسكة بكتفه تقول له .. ” ابق أرجوك لا ترحل …”
مقاوماً الدمع الغزير المنهمر من عينيها العسليتين راجيةً إياه أن يبقى بكل ما تملك من دمع وغنج أنثوي .. تصرخ بوجهها وجسدها ويديها أن يبقى قربها .. ” خائفة أن أفقدك للأبد …”
على مقعد الحديقة لم أستطع منع نفسي من التلصص عليهما يتبادلان الدمع والوداع والترجي ..
بين الواجب والخوف يضيع الحب وتتوه الأحلام ..
بألم باغتتني للمرة الألف فكرة كم نخسر كل يوم من شبابنا إما بدافع خدمة الوطن أو الانخراط في الجيش وحمل السلاح والقتال وحماية البلد .. أو شباب فقدوا كل أمل لهم بمستقبل في هذا البلد الذي ينهشه سرطان الحرب، وتحرقه مطامع ومصالح من توجوا أنفسهم أمراء للحرب وناطقين باسم الله .. أو موقعين لصك الوطنية لمن يصفق لهم .. وراجمين لكل من يخالف فهمهم للدين والطائفة والفكر بحجة أنه الخائن ..
خيرة الشباب والناس فقدوا الأمل من البقاء بعد أن تبين أن الحرب طويلة ومكلفة ومؤلمة .. قاوموا وقاوموا ليبقوا ولكن .. إلى متى ؟؟ الصواريخ والبراميل والقذائف والمصائب والبلاء ينزل على رؤوسهم والدولار في صعود .. والحقد والكره والطائفية في صعود … الأخلاق والضمائر والانسانية في سقوط .. والأسعار في تحليق وجنون .. والعنوسة والأمية والطائفية في ارتفاع مستمر .. !!
على مقعد الحديقة باغتني الألم والخوف على مستقبل بلد يفقد ناسه وشبابه .. وتضيع أحلامه .. ويتدمّر مستقبله .. هجرة الشباب وتفريغ العقول أسوأ من القتل .. لأنه دمار كامل ..إلى متى ؟؟
تركت مقعدي وما زالا متشابكا الأيدي .. يتأملان بعضهما .. على أمل ألا يكون هذا اللقاء هو الأخير ..
وطفل يبيع الورد يتقدم نحوهما وكله أمل أن يبيع وردة حب لعاشقين تكسبه بعض المال ليسدّ به رمق جوع إلى الطفولة والحب والعائلة والحياة .