عمان تغازل نظام الأسد وتتجاهل رواية “الوساطة الأردوغانية” تماما
يكرّس وزير الدولة الاردنية لشؤون الاعلام والاتصال الدكتور المحنّك محمد المومني تجاهل بلاده لأي حديث عن دور تركي وسيط بين ايران وعمان حمله الرئيس رجب طيب اردوغان في زيارته الاستعراضية الاخيرة بخصوص مناطق وقف التصعيد، بينما يقرّ أن العلاقات الاردنية السورية “مرشّحة لتأخذ منحى ايجابيا”.
تصريح المومني الذي لحقه تذكير بكون سفارة عمان في دمشق لا تزال تعمل وان شخصيات في النظام تدرك جيدا ان الاردن كان ولا يزال ينادي بوحدة التراب والمؤسسات السورية، جاء متزامنا مع زيارة وفد من شخصيات اردنية للنظام السوري وحديثهم معه وتأكيد دعمهم له، وعلى الرغم من ان هذا لم يكن الوفد الاول منذ اندلاع الازمة، الا انه اليوم يأتي بعد انقطاع بترويج مثل هذه الوفود.
كل هذا يتزامن مع قراءة “تمحيصية” في العاصمة الاردنية في خطاب الرئيس السوري الاخير، والذي لم يظهر له فيه اي عدو الا الرئيس التركي اردوغان، ما تقرأه عمان بالعادة على انه مؤشر ايجابي تجاهها، بعد سنوات شهدت العديد من الاتهامات من جانب النظام السوري للاردن.
وتحدث المومني الجمعة في إطلالة له على التلفزيون الاردني عن الملف السوري والعلاقات الاردنية مع السوريين، معتبرا ان 7 تموز الماضي (اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا) يؤسس لمزيد من الخطوات التي ترسخ الاستقرار في جنوب سوريا وباقي ارجاء سوريا خلال المرحلة المقبلة، مبينا ان الاردن اعلن عن مركز لتدعيم وقف اطلاق النار، وان الاتفاق (وقف اطلاق النار) لا يزال صامدا ومحافظا على استدامته.
وعزف المومني على وتر التأكيد على التبادل الدبلوماسي بين البلدين بصورة كبيرة مبينا ان بلاده -حينما قررت الجامعة العربية اغلاق السفارات السورية ابان قرار المقاطعة- طلبت استثناءها “نظراً لخصوصية العلاقة”، مضيفا “عندما نتحدث عن استقرار وعلاقات تتجه بشكل ايجابي بيننا وبين الدولة السورية والنظام السوري فهي رسالة مهمة للجميع أن يلتقطها، وفي قادمات الأيام سيكون هنالك استدامة للزخم”.
في الوقت ذاته، بدت عمان وقد تراجعت لديها اولوية غياب “الميليشيات الطائفية” كما كانت تصر على تسمية حزب الله والقوات الايرانية، الامر الذي عكسه قول المومني “ كان يعنينا الاستقرار في الجنوب السوري ونعتبر أي اقتراب ميليشات مذهبية تهديداً استراتيجياً غير مقبول على الاطلاق ونتطلع الى الوقت الذي يعم فيه الإستقرار في الجنوب السوري”، خصوصا اذا ما قرنّا ذلك بعدم التطرق للوجود الميليشياتي بين الملك عبد الله الثاني ووزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس، في الوقت الذي كان الاخير دوما عراب التصريحات المطالبة بغياب الايرانيين عن المشهد السوري.
عمان في الاثناء ايضا يبدو انها استفادت من ازمتها الدبلوماسية مع الاسرائيليين، إذ كان الاخيرون وحدهم يجوبون العواصم مؤخرا محاولين الحصول على اي ضمانة لغياب حزب الله او الجيش الايراني عن الجنوب السوري، الامر الذي لم تستطع واشنطن الوعد في سياقه، بينما تحفظت موسكو بصورة كبيرة.
هذه الزيارات الاسرائيلية اعفت عمليا الاردن من حرج البقاء في مربع الرفض للوجود الايراني، خصوصا وعمان امامها فرصة كبيرة وحقيقية لاستعادة العلاقات مع ايران عبر بغداد الحليفة الثانية لها، وتحت شعار التنسيق بخصوص معبر طريبيل الذي يتم عمليا الان.
من جهة ثانية، اخذت عمان وقتها كاملا في اعادة حسابات الربح والخسارة اخيرا فيما يتعلق بتوازنات المنطقة التي تتغير بكل الاحوال لصالح حلفاء النظام السوري اكثر من اي قوة ضاربة اخرى، خصوصا والولايات المتحدة تستدير تماما عن الملف السوري، وتشارك بخجل في الملفين العراقي والفلسطيني، وكذلك حلفاء عمان التاريخين من دول الخليج.
بكل الاحوال، تستعد عمان على ما يبدو لفتح صفحتين جديدتين جدا مع جاريها الشرقي والشمالي، مع تدهور ملموس وحرد واضح مع الاسرائيليين على الجوار الغربي بعد حادثة السفارة التي قتل فيها جندي اسرائيلي اردنيين.
في الشرق عمان باتت على موعد مع فتح معبر طريبيل قريبا، الامر الذي تعوّل عليه بصورة او بأخرى بانعاش ولو بسيط للاقتصاد ولحركة النقل البرية، اما شمالا، فعمان تأمل ان يكون لفتح الطريق مع دمشق القوية عبر معبر نصيب- وهو ما وعدت به السلطات السورية الوفد الاردني الموجود حاليا في العاصمة السورية- ليس فقط بالانعاش الاقتصادي على صعيد النقل والتبادل التجاري، وانما حتى على صعيد اعادة الاعمار وتبادل الخبرات وصولا لعودة فعلية لبعض اللاجئين، رغم انها اليوم تدرك ان منهم من لن يعود، وهو ما يعكسه تفعيل اول مكتب عمل للاجئين السوريين في مخيم الزعتري قبل يومين.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية