عملية عفرين تفاقم التوتر بين واشنطن وأنقرة

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء عزمه المضي قدما في العملية العسكرية ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من شمال سوريا، مضيفا أن الجيش التركي سيشن عملية عسكرية لاحقا في منبج حيث تتواجد قوات أميركية.

وينذر التصعيد التركي واتجاه أنقرة لتوسيع عملياتها إلى منبج بمواجهة محتملة بين القوات التركية أو الفصائل السورية الموالية لها والقوات الأميركية التي انتشرت العام الماضي في المدينة السورية لمنع أي هجمات على القوات الكردية السورية المسيطرة على المدينة.
لكن بكر بوزداج نائب رئيس الوزراء التركي قلل الأربعاء من امكانية حدوث هذا السيناريو قائلا، إنه لا يعتقد أن تركيا ستصل إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة خلال عملياتها في سوريا، لكن هناك احتمال ضئيل بأن يحدث ذلك في منطقة منبج.

وأضاف أن تركيا ستواصل استخدام المجال الجوي فوق منطقة عفرين السورية عند الضرورة وذلك مع دخول عمليتها ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من واشنطن يومها الخامس.

وذكر بوزداج الذي يشغل أيضا منصب المتحدث باسم الحكومة، أن تركيا مستعدة لكل أشكال التعاون مع الولايات المتحدة وروسيا إذا كان سيجلب السلام للمنطقة.وفتحت تركيا جبهة قتال جديدة في الحرب الأهلية السورية بعمليتها في عفرين التي أطلقت عليها اسم عملية “غصن الزيتون”، لكن العملية قد تهدد خططا أميركية لإرساء الاستقرار وإعادة إعمار منطقة كبيرة من شمال شرق سوريا.

وتقع منبج إلى الشرق من عفرين وهي جزء من منطقة أكبر بكثير في شمال سوريا تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة وتقودها وحدات حماية الشعب الكردية.
وجاءت تصريحات أردوغان قبل محادثات مرتقبة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب ووسط توتر على خلفية أكثر من ملف عالق بين الطرفين يتصدره ملف الدعم الأميركي للأكراد ورفض أميركا تسليم الداعية فتح الله غولن لتركيا التي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016.

ومن الملفات الأخرى التي شكلت أحدث حلفة في سلسلة التوترات، محاكمة واشنطن رجل أعمال تركي من أصل ايراني أقر بتورط أردوغان شخصيا في انتهاك العقوبات المفروضة على إيران.

وقال أردوغان في كلمة في أنقرة “الجيش التركي والجيش السوري الحر يستعيدان السيطرة على عفرين بالتدريج. ستتواصل العملية حتى طرد آخر عنصر من هذا التنظيم الارهابي”.وجاءت تصريحاته قبل محادثة هاتفية في المساء مع ترامب من المفترض أن يعبر خلالها هذا الأخير عن القلق ازاء هجوم عفرين، بحسب مسؤولين أميركيين رفضوا الكشف عن هوياتهم.

وأضاف المسؤولون أن الهجوم الجوي والبري الذي دخل الأربعاء يومه الخامس مع شن غارات جوية تركية جديدة، يمكن أن يضر بالحملة التي تقودها واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية.ومنذ انطلاق عملية عفرين السبت، اكتفت الولايات المتحدة بدعوة تركيا إلى “ضبط النفس” لكن لهجتها بدأت تتصاعد منذ الثلاثاء مع التحذير من مخاطر زعزعة الاستقرار في منطقة بعيدة عن المعارك نسبيا في النزاع السوري.

وفي حين تصنف فيه أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة ارهابية، فإن هذه الوحدات تعتبر المكون الأبرز لقوات سوريا الديمقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية وهي مدعومة أميركيا وتحارب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا
وكثفت وحدات حماية الشعب الكردية لدى شعورها بتخلي حليفها الأميركي عنها النداءات إلى واشنطن من أجل أن تمارس ضغوطا على أنقرة لوقف العملية العسكرية.

وشن أردوغان مجددا هجوما على هؤلاء المقاتلين قائلا إنهم “متواطئون مع الحملة الصليبية الحديثة التي تتعرض لها منطقتنا”.
ودعا المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” واشنطن إلى “استعادة كل الأسلحة التي قدمتها إلى مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في العامين الماضيين”.

وتركزت الغارات الجوية التركية الأربعاء على المناطق الحدودية في شمال غرب وشمال شرق عفرين “لحمل المقاتلين الأكراد على التراجع وفتح الطريق أمام تقدم بري”، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن.

وتابع عبدالرحمن إن القوات التركية بدعم من فصائل سورية مؤيدة لأنقرة لم تحرز سوى تقدم محدود في منطقة عفرين منذ بدء الهجوم.
وقال “بمجرد حصول تقدم والسيطرة على بلدة، يشن الأكراد هجوم مضادا ويستعيدون السيطرة عليها”.

وشوهد في بلدة كركخان الحدودية في جنوب تركيا صباح الأربعاء رتلا من الدبابات ومئات الجنود الأتراك على وشك عبور الحدود إلى سوريا بينما سمع دوى قصف مدفعي في منطقة عفرين.
ومنذ السبت، قتل أكثر من 80 مقاتلا من وحدات حماية الشعب الكردية ومن المقاتلين السوريين المؤيدين لأنقرة بالإضافة إلى 28 مدنيا غالبيتهم في عمليات قصف تركية بحسب المرصد السوري، إلا أن أنقرة نفت التعرض لمدنيين.

وأعلنت تركيا مقتل ثلاثة من جنودها والقضاء على أكثر من 260 مسلحا كرديا.ومنذ بدء الهجوم، قُتل مدنيان على الأقل في اطلاق صواريخ على مدن حدودية تركية.وأطلقت تركيا العملية بعد اعلان التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية بقيادة واشنطن عزمه على تشكيل قوة حدودية قوامها 30 ألف عنصر في شمال وشرق سوريا تضم خصوصا مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردية.

وأثار الاعلان غضب أنقرة التي تتهم وحدات حماية الشعب بأنها فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا.
وأكد أردوغان في كلمته أن الجيش التركي يعتزم لاحقا شن عملية لطرد المقاتلين الأكراد من منبج التي تبعد نحو 100 كلم شرق عفرين وحيث تنتشر قوات أميركية إلى جانب المقاتلين الأكراد.

وقال إن تركيا “ستحبط اللعب” على حدودها بداية من منطقة منبج السورية.ويأتي تصريح أردوغان مع دخول العملية التركية في منطقة عفرين بشمال سوريا يومها الخامس.

ودعا الرئيس التركي الذي كان يتحدث أمام مسؤولين محليين في أنقرة، المنظمات غير الحكومية الدولية إلى دعم عملية تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
وقال “لدي شكوك في إنسانية من يساندون هذا التنظيم (وحدات حماية الشعب الكردية) ويصفون تركيا بالغازية”.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى