لم اكن ادرك حجم خسارتي حتى تأكدت انني لن استعيدها ومن المكن انني خسرتها للابد !!!
قمت بتحديث الموبايل كما طلب مني الجهاز .. والذي فرز وحرن عن التجاوب لكل ضرباتي على ازراره محاولة انعاش قلبه الميت ..
حدثت الجهاز .. عاد للحياة على مضض واستعدت انفاسي .. بحثت عنها في كل الملفات لم اجدها !!! جربت عدة طرق .. قرأت … غوغلت .. بحثت .. لا أمل .
شعرت بكم هائل من الاحباط
حصيلة عام كامل من الخواطر والافكار ومحاولاتي لتجميع افكاري في كتاب .. اندثرت .. في غياهب الموبايل .. ضاعت بين الملفات .. تحديث تسبب بضياع جهد سنة .. نعم
حاولت ان اتعلق بأمل انه من الممكن ان يساعدني خبراء الذكاء الاصطناعي على استعادتها ولكني تفاجأت بكم الغباء الطبيعي والمحدودية في القدرات ..!!!
كنت اراقب الناس الجالسين في قاعة الانتظار ينتظرون دورهم للقاء العميل ليجد لهم حلا لمشكلة عالقة يعانون منها في اجهزتهم الالكترونية والتي يحملونها بكل اهتمام وعناية كمن يحمل رضيعه الوحيد وابنه المدلل ..
تأملت في حالنا هذه الايام .. اصبحت حياتنا .. اعمالنا .. مشاريعنا ..افكارنا .. وحتى احلامنا محفوظة في شريحة على جهاز الكتروني .. شريحة .. لا يتجاوز حجمها عقلة اصبع.
فكرت في مشاعر الغضب والازدراء التي اعيشها بيني وبين نفسي حاليا .. كيف سمحت لنفسي ان أثق بهذه الشربحة التافهة .. والتي ابتلعت كل احلامي في ثانية .
كم نحن اليوم مسجونين في اجهزتنا .. كم نحن محكومون من ذكاء اصطناعي يسوقونه بشتى الطرق ليتحول الى بديل لعقل الانسان .. ويأخذ مكانه وحياته ومهامه .. انه عصر نهاية الانسنة وتسويق الروبوتات .
غضب يجتاحني ..
كبف سأعوض نفسي … ؟؟؟!!
أحاول تقبل خسارتي على مضض وعقلي يتأرجح بين كيف أستعيدها وكيف سأبدأ من جديد !!!!
هل تدركون معي حجم التحدي الذي نعيشه اليوم بأننا مخزنون في اجهزة الكترونية تتحكم بنا ..
اشتاق الدفتر .. اشتاق القلم .. اشتاق نفسي التي كانت تتوه بين صفحات الكتاب .. وتعيش متعة الخيال بين اروقة الكلمات
خرجت وانا غاضبة على كل ما يسمى تكنولوجيا والتي سرقت مني جهدي وخلاصة افكاري وحلمي بان كتابي اصبح جاهزا للطباعة وعلي الان ان ابدأ من الصفر.
سرقت مني نعمة الاستمتاع بكل ما هو حقيقي وملموس حولي .. وبنعمة الورقة والقلم والدفتر والكتاب .. نعمة اللمس والشم والخيال والاحساس …
ركبت سيارتي الحديثة التي تتحكم بها شريحة..
شعرت بالرفاهية والامتنان ..، وضحكت بيني وبين نفسي كيف تحولنا الى كائن تائه بين العودة الى الطبيعة .. وبين الاستمتاع برفاهية التكنولوجيا
نعم نحن الجيل التائه الذي يجرب ان يتحول الى شريحة ..
وصلت البيت .. وانا الان احاول ان استعيد افكاري
وامسك قلما وورقة وابدأ من جديد ..
بوابة الشرق الأوسط الجديدة