تحليلات سياسيةسلايد

عن التوقيت الأنسب… التجربة اللبنانية تُلهم الفلسطينيين

في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتّجه إلى حقل «كاريش» شماليّ فلسطين المحتلّة، ومع استمرار «حزب الله» في توجيه رسائل تهديد أنبأت بأنه ليس في وارد التراجع عن المعادلة التي ثبّتها أمينه العام، وفي ظلّ إعلان حركة «حماس» أيضاً تَوجّهها إلى تطبيع علاقاتها مع دمشق بعد عشر سنوات من القطيعة، اختارت المقاومة في غزة وضع ملفّ حقوقها من الغاز على الطاولة، وإنْ بطريقة مغايِرة لِما هو عليه الحال في لبنان. إذ لم يُصدر أيّ مسؤول عسكري بحجم محمد الضيف مثلاً، أو حتى الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة، تصريحاً بهذا الشأن، بل اكتفت المقاومة بأن تنوب طائرتا استطلاع انتحاريّتان عنها في توجيه الرسائل.

وجاءت هذه الخطوة المُفاجئة، وسط أوضاع معيشية صعبة، أجبرت المقاومة أكثر من مرّة على امتصاص فُرص التصعيد، للمحافظة على استمرار تدفّق المنحة القطرية، ودخول نحو 15 ألف عامل غزّي إلى الداخل المحتلّ. وفي هذا الإطار، يرى المحلّل السياسي، إسماعيل محمد، أنه «لا يمكن الفصل بين ما يحدث في الإقليم ومطالبة المقاومة بحقوقها في الغاز الطبيعي والممرّ البحري»، منبّهاً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن ثمّة محدِّدَين لذلك الربط: «الأوّل هو أن حماس تريد استغلال الموقف الإقليمي، بإرسال رسالة ميدانية إلى إسرائيل، بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال اندلعت مواجهة في لبنان، وتطوَّرت إلى حرب إقليمية كبيرة، وعلى افتراض أنها لن تتدخّل ميدانياً، فإنها بهذه الخطوة لا تعطي هامش أمان لإسرائيل، وهو ما يساهم في إشغال كبير لقوات الاحتلال، لا سيما وأن حماس استطاعت أخيراً كسر الجمود مع دمشق، وهي معنيّة بأفضل مكانة في أوساط محور المقاومة»؛ و«الثاني، تَوفّر معلومات عن نيّة الاحتلال توسيع نشاطاته في حقول غزة بغطاء من السلطة وتحفيز من الأوروبيين، في حال فشلت عمليات استخراج الغاز من كاريش، في ظلّ تعطُّش السوق الأوروبية للغاز، وهنا، تحاول المقاومة في غزة استغلال الموقف لتحصيل أكبر قدْر من الامتيازات الاقتصادية للقطاع». ويستدرك محمد بأنه «بطبيعة الحال، لن تحصل لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة على نسبة من الواردات، خصوصاً أن السلطة بكلّ ما تحمله من شرعية، لم تستطع انتزاع أمرٍ كهذا، لكن تحصيل امتيازات مِن مِثل حلّ مشكلة الكهرباء وتأمين الغاز للقطاع بسعر تفضيلي، يبقى أفضل من الوقوف متفرّجة».

من جهتها، توضح مصادر مطّلعة في المقاومة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المطالبة بالحقّ في الحصول على ممرّ بحري يربط بين غزة والعالم، ليست جديدة، فقد كان قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، أعلن في نهاية نيسان الماضي، خلال لقاء حضره عدد من قادة الفصائل السياسية والعسكرية، «(أننا) سنخرج من غزة ونعود إليها، واللي عاجبه عاجبه… واللي مش عاجبه خاوة ورغماً عن أنفه»، وتعهّد بالوصول إلى هذا الهدف بالتعاون مع «محور القدس»». أمّا عن التوقيت، فيعلّق المصدر بالقول إن «المقاومة تريد أن تعيد ملفّ الحصار إلى الواجهة، من خلال إثارة أزمتَين في آن واحد، هما حرّية التنقّل والسفر؛ والحصول على الحق في الموارد المالية الوطنية التي تُوفّرها حقول الغاز»، مضيفاً أن «اختيار التوقيت الحالي مرتبط بالانشغال الدولي بالحصول على الغاز قبل الشتاء، وفرْض المقاومة في لبنان شروطها على إسرائيل، لذا، فهو التوقيت الأمثل للإضاءة على ملفّات كهذه». ويتابع أن الإعلان يحمل أيضاً «رسائل ناعمة إلى أطرف إقليمية – لم يُسمّها – تجاوزت حقوق القطاع في الغاز، وعقدت اتّفاقيات مع إسرائيل لتسهيل تسييل الغاز المسروق قبل تصديره إلى أوروبا».

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى