عن “الشموخ الحماسي “
خاص من بكين
عن “الشموخ الحماسي “… بدافع الفضول دعتني سيدتان صينيتان إلى جلسة في رغبة منهما للتعرف على حياتي هنا في الصين ، وبينما كانت تتوالي علي الأسئلة فهمت أنّ إحداهما قد أرسلت ولدها منذ سن العاشرة لإكمال دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية والأخرى ترغب في القيام بالأمر ذاته وإرسال ابننتها العام القادم.
استرسلتا في الحديث وهما تشرحان الفروق في الحياة اليومية بين الصين وأمريكا حيث أن هامش الحرية في أمريكا كبير والحياة أكثر متعة.لم ترق لي الفكرة فقطبت حاجبي فجأة وسألت إحداهما إن كانت تتقبّل أن يعود ابنها أمريكيا خاصة وأنه ذهب في سن صغير فلدينا في سوريا الكثير من التجارب المماثلة والتي تثير الإحباط.وتابعت محاججتهاما حول أهمية الانتماء إلى الوطن كي لا نخسر المزيد من الأجيال في “الأمركة”.
جاء بعدها الحديث التالي إذ كانوا يقارنون اليابان بالصين،فهم طبقة برجوازية لم يسلكوا طريقاً صعباً ولا يعنيهم ما تمرّ به المجتمعات من معاناة كي تتطور ولذلك فإنّ مقارنة الصين باليابان يأتي من حكم سريع دون النظر إلى الواقع بشكل شامل.شمخت بشكل سريع وسألت: “كيف تحبان بلادا غزتكم؟ هل نسيتما الحرب الصينية اليابانية؟”
عدت إلى المنزل وأنا متمسكة بذاك الشموخ ،فعلى الرغم من أنّ ما قلته كان حقيقة تُنصف حالتهم، إلا أنّ شموخي البيولوجي من بلد المنشأ هو شموخ حماسي، دفعني إلى الشعور بمبالغة كلماتي لهما حتى ولو كنت أنطق بالحقيقة فمع الأسف فإنّ فكرة “الاعتداء والأمركة والمؤامرة” باتت مشوهة في أذهاننا، فنرفضها حتى ولو كانت حقيقة. وقد يكون ذاك الشموخ الدائم الخالي من الإنجاز والذي اختبرناه ولم نزل هو ما ساهم في تشويه تلك الأفكار في أذهاننا.