تحليلات سياسيةسلايد

عودة إلى بيت لاهيا: فشل الاحتلال… تكتيكي أيضاً

بعد مضي 200 يوم على الحرب على قطاع غزة، يعيد المشهد الميداني في شمال وادي غزة، وتحديداً في مدينة بيت لاهيا، التذكير بالأيام الأولى للحرب، حيث واصلت وسائط المدفعية والطيران الحربي شن غارات مكثّفة على كل مناطق البلدة، بالتوازي مع مطالبة جيش العدو الأهالي بإخلائها تمهيداً للبدء بعملية عسكرية كبيرة فيها، علماً أن تلك الأحداث، كانت قد وقعت بالتسلسل نفسه قبل نحو سبعة أشهر. وفي مقابل ذلك، أظهرت المقاومة، أمس، حضوراً ميدانياً لافتاً، فإلى جانب تمكّن «كتائب القسام» من قنص جنديين إسرائيليين في غضون 24 ساعة، واعتراف العدو بمقتلهما، قصفت «سرايا القدس» مستوطنة “سديروت” برشقة صاروخية، فيما أكمل ظهور الناطق العسكري باسم «القسام»، «أبو عبيدة» المشهد. وبيت لاهيا مدينة حدودية، يشتهر أهلها بالزراعة، ونالت منذ السابع من أكتوبر وحتى الشهر الثالث من الحرب، القسط الأكبر من التدمير الممنهج، حيث جرّف العدو مئات الدونمات الزراعية فيها، وهدم الآلاف من منازلها، حارماً أهاليها من أي قدرة على استعادة نمط حياتهم المعتاد. وبالمعنى العسكري، زعم جيش العدو أنه اغتال مفاصل العمل الميداني من قادة «كتائب القسام» في المدينة، ونشر مواد إعلامية حاول عبرها التأكيد أن كل المجموعات المقاتلة هناك تم القضاء عليها بالكامل. وهنا، يقدر مصدر ميداني أن العملية المرتقبة في بيت لاهيا، «يمكن أن تُقرأ بشكل موضوعي من خلال حصول جيش العدو على معلومات استخبارية عن وجود أنفاق في منطقة ما، أو مواقع خفية للمقاومة، سيعمل على الدخول براً لتجريفها وتخريبها قبل أن يقفل منسحباً». ويوضح المصدر، في حديث إلى «الأخبار» أنه «في دلالات العودة إلى منطقة من المفترض أنها نظيفة عسكرياً، يدور جيش العدو في دائرة مفرغة. يعود بعد 200 يوم لتنفيذ العمل ذاته في منطقة حُرقت قصفاً. نحن لا نتحدّث عن فشل في تحقيق أي من أهداف الحرب الاستراتيجية، مثل القضاء على حماس وتحرير الأسرى، إنما يفشل اليوم في تحقيق أي منجز تكتيكي محدود المدى والتأثير، من مثل تصفير إطلاق النار في مناطق العمليات المكتملة».

وفي سياق متصل، رفع جيش العدو من مستوى تهديده بشن عملية عسكرية في رفح. ونقلت “هيئة البث الإسرائيلية” أخباراً أكّدت أن الجيش سيبدأ في العمل على إخلاء المدينة خلال الأيام المقبلة. وفيما يتركّز الجهد الميداني في شمال القطاع ووسطه، أعلن مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة لم تطّلع على أي خطط لإخلاء المدنيين من رفح أو بدء عملية عسكرية فيها.

وفي خضمّ ذلك، أكمل ظهور «أبو عبيدة»، للمرة الأولى منذ ما يزيد عن 70 يوماً، مشهد السيطرة والتحكم الذي لم يُصَر إلى تبديده حتى اليوم: ضابط استخبارات يرصد، ويقدّم المعلومات للمقاومة في الميدان، وتوثّق الكاميرا الصورة، وتُقدَّم كل المعطيات لقائد سياسي يرفض تقديم أي تنازلات على طاولة المفاوضات. وبكل تأكيد، ليست هذه الصورة المثلى التي كانت تتمنى دولة الاحتلال رؤية حركة «حماس» عليها بعد سبعة أشهر من الحرب.

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى