عودة سورية قوية عبر البوابة الأردنية
الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة الامريكية على سورية يتآكل، بشكل متسارع، ولعل الزيارة التي قام بها العماد علي أيوب، وزير الدفاع السوري، امس للعاصمة الأردنية والاستقبال الحار اللافت الذي لقيه من قبل اللواء يوسف الحنيطي، قائد الجيش الأردني، هي العنوان الأبرز لهذا التآكل.
الاردن لا يمكن ان يُقدم على خطوة كهذه، أي استقبال وزير الدفاع السوري لأول مرة منذ بداية الازمة السورية قبل عشر سنوات بدون ضوء اخضر من الولايات المتحدة الامريكية، وعودة مدينة درعا الحدودية الى السيادة السورية، وإخراج جميع المسلحين منها بوساطة روسية.
مدينة درعا تشكل قلقا امنيا اردنيا لقربها من الحدود المشتركة بين البلدين، وكونها نقطة تهريب رئيسية للأسلحة والمخدرات الى الأردن تحديدا، ولهذا كانت الحكومة الأردنية الأكثر حرصا على المبادرة لترطيب العلاقات مع نظيرتها السورية، وزيادة التنسيق الأمني معها.
مخاوف الأردن لا تنحصر فقط في ملف تهريب المخدرات والأسلحة، وانما أيضا من وجود فصائل وجماعات “جهادية” موالية لإيران في درعا، تحل محل المسلحين المعارضين الذين تلقوا الدعم والتدريب الامريكي في الأردن، وشكلوا حائطا امنيا لحماية الشمال الأردني.
الامر المؤكد ان عودة العلاقات الطبيعية ستفيد البلدين، امنيا واقتصاديا، فإعادة فتح معبر جابر الحدودي، وبعد عشر سنوات من الاغلاق، سيؤدي الى عودة تجارة الترانزيت، ونقل البضائع التركية واللبنانية والسورية الى منطقة الخليج، مما يدر على الخزانة الأردنية وحدها ما يقرب من النصف مليار دولار سنويا.
الادارة الأمريكية تستعد لرفع الراية البيضاء اعترافا بفشل حصارها على سورية تحت غطاء ما يسمى قانون “قيصر”، بعد نجاح قيادة حزب الله، والسيد حسن نصر الله على وجه الخصوص، بجلب المازوت الإيراني الى لبنان عبر ميناء بانياس السوري، وهو التهديد الذي اجبر هذه الإدارة وسفيرتها في بيروت السيدة دوروثي شيا على التقدم بمبادرة التفافية مضادة، ولكن متأخرة، بضح الغاز المصري، والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية في كسر رسمي وعلني لقرار الحصار المذكور آنفا.
سورية عائدة، ومنتصرة، الى المحيطين العربي والإقليمي بعد هزيمة المشروع الأمريكي والمؤامرة التي استهدفتها، ووحدتها الترابية، طوال السنوات العشر الماضية، ومعبر جابر الحدودي مع الأردن لن يكون بإتجاه واحد، ولا نستبعد ان يكون بوابة لهجرة سورية معاكسة، أي عودة اكثر من مليون لاجئ سوري، سواء في مخيم المفرق او في المدن الأردنية الاخرى بتنسيق بين الحكومتين.
الولايات المتحد، وبعد هزيمتها المذلة في أفغانستان، قررت الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط برمتها، والتخلي عن حلفائها، والتركيز على الخطر الصيني الوجودي لمصالحها وزعامتها للعالم، ولن نفاجأ اذا ما قرأنا او سمعنا بيانا لإدارة الرئيس جو وبايدن بسحب قواتها من شرق سورية والعراق، وهناك انباء شبه مؤكدة بأن هذا الانسحاب تصدر جدول اعمال اللقاء بين الرئيس بشار الأسد ونظيره الروسي اثناء لقائهما في قمة موسكو قبل عشرة أيام، وهو انسحاب اذا تم سيغير كل المعادلات في المنطقة.
حضور سورية للقمة العربية المقبلة في الجزائر بات وشيكا جدا، اذا رغبت قيادتها، بعد لقاءات الأردن، وزيارات الوفود اللبنانية والسعودية وإعادة فتح السفارات الخليجية.. والله اعلم.