عيد الحب أم المحبة ؟

طرح علي أحد الأصحاب في الرابع عشر من شهر شباط (فبراير) هذا السؤال : هل هذا اليوم كما يقال عيد الحب أم عيد المحبة ؟ فأجبته بسؤال آخر : و هل ثمة فرق كما ترى أنت بين الحب و المحبة ؟ فقال : لا فرق في رأيي بين الكلمتين .. فما رأيك أنت ؟ فأجبت متسلحا بما تقوله معاجم اللغة : في اللغة (الحب) يعني الميل إلى الشيء ، فإذا كان هذا الميل يتعلق بالمرأة فهو العشق و ليس الحب فقط ،أما (المحبة) فهي الميل إلى أي شيء من الأشياء ، فإذا تكلمنا عن العيد المذكور فهو لا يخصنا نحن المسلمين بل المسيحيين لأن الداعي إليه كاهن مسيحي قديس إسمه “فالنتين” و المقصود به تحديدا العشق بين الجنسين : الذكر و الأنثى من البشر ، لأن الدعوة إلى الحب قد وردت في الأناجيل على لسان المسيح : ” من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر … أحبوا أعدائكم و باركوا لآعينكم..” و لا شك أن هذا التسامح في تجنب الرد على العنف بالعنف نفسه بل إظهارالتسامح و المحبة … و من هنا نفهم أن فالنتين الداعي إلى هذا العيد لا يقصد أن يكرر دعوة المسيح ذاتها ليجعلها عيدا و إنما من أجل التشبيه إلى عاطفة العشق التي تهب في قلبين متقابلين معا ألا و هي وقدة العشق المشبوب كالنار بين الرجل و المرأة ، و بهذا المعنى نفهم الفارق بين دعوة المسيح ، و دعوة الكاهن القديس والاحتفال بدعوة هذا الكاهن في عيد للعشاق والذين يحلمون بالعشق لأن العشق عاطفة ربانية يحتفى بها بتبادل الورود الحمراء والأزهار والتحيات في يوم معين من شهر معين يسبق الربيع الذي تنفتح فيه العواطف كالزهر الذي يتحول إلى ثمر، و لهذا نفي ” بالفرنسية إلى كلمة “عشق” Amour ” بالإنجليزية أو ” Love تصوري أن تترجم كلمة “بالعربية فيقال: عيد ” العشق” بدلا من ” عيد الحب” … فقال صاحبي:

– و لكن العشق لدى المسلمين حرام الاحتفال به إلا أذا تحول إلى نكاح أو عقد زواج رسمي تشرف عليه السلطة الدينية …. فهل تظل هذه العاطفة تسمى عشقا بعد الزواج ؟..

فأجبته و أنا أبتسم له و كأنني أذكره أنني عجوز لم تعد هذه العواطف و تسمياتها تخطر على باله :- معك حق فيما تقول …إن العشق حرام على المسلمين إذا لم يقترن بالزواج … و هنا العيد لا يخصنا إذن نحن المسلمين … فأطرح سؤالك على أحد الشبان المسلمين و ليس علي أنا بالذات…

فقال: كيف تقول ذلك و أنت الشاعر الذي نظم في العشق قصائد كثيرة لا تنسى..

فقلت: شكرا يا عزيزي على ثقتك بي … و لكن لا تنسى أنني لن أعد صالحا للعشق و قد جاوزت الثمانين … راحت علينا ياصاحبي تلك العواطف و أيامها الحلوة …و لم يبق سوى صوت القذائف و سعال المسنين !..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى