غسان مسعود يدخل القاهرة من باب بهاء طاهر
منذ أن جلست السيناريست المصرية مريم نعوم على مسرح «دار الأوبرا» السورية، وراحت تناقش الصحافيين بعد عرض فيلمها الأوّل «واحد صفر» (إخراج كاملة أبو ذكرى) في «مهرجان دمشق السينمائي» عام 2009، بدا واضحاً أنّ الكاتبة الشابة تخفي خجل المبدعة داخلها، وأنّ مستقبلاً باهراً ينتظرها بذريعة السوية الجيدة للفيلم. لم يمض زمن طويل حتى تحوّلت نعوم وأبو ذكرى ومعهما النجمة نيللي كريم إلى ثلاثي يكتسح السوق ويسجل نجاحاً تلو الآخر. هذا ما حصل في مسلسل «ذات» المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه لصنع الله ابراهيم، ثم تكرر النجاح المدوّي العام الماضي من خلال مسلسل «سجن النسا» عن رواية الراحلة فتحية العسّال.
في هذا العمل تحديداً، كشفت نعوم عن آلية جديدة في السرد المشهدي، وعن تكنيك مختلف يحمل كل ملامح التجديد في فن السيناريو، وواكبته صورة أخاذة لكاملة أبو ذكرى بدت كأنها تستعير سحر السينما وتوظفه في التلفزيون. الثنائي المميز يشتغل بهدوء مستفيداً من الاتكاء على الأدب، وتحويله ببراعة وعناية فائقتين إلى دراما تلفزيونية معاصرة. هذه المرّة، تعود الكاتبة المصرية إلى رواية «واحة الغروب» لبهاء طاهر الحائزة «جائزة بوكر» العربية (2008)، لتقدم مسلسل «الغولة» (اسم مبدئي ــ إنتاج «العدل غروب»).
لكن لن نشاهد الرواية كما هي في نسخة تلفزيونية، إنما ستستأنس نعوم بالمرحلة التاريخية وغناها بالأحداث وشخصيات الرواية لتبني قصّتها الخاصة. ولن يكون العمل لرمضان المقبل، إذ ارتأت الشركة أن تعطي للمشروع حقّه على المستوى الزمني لينضج النص على مهل ويكون العمل لرمضان بعد المقبل. وستعد له ميزانية ضخمة جداً، وسيصرف كل ما يلزم لإتمام هذا العمل الذي يقدم صراعاً بين الشرق والغرب في الصعيد ضمن حالة رمزية تمتد على ما يحدث في الوطن العربي من صراعات وانقسامات بين الشعوب الواحدة. كذلك، يحكي العمل قصة الضابط الذي يعاقب بإرساله إلى منطقة «سيوة» بسبب تعاطفه مع أعلام التنوير في ذلك الوقت، وحكاية زوجته الأوروبية التي تبدأ التعامل مع المنطقة التي تنتقل إليها بمنطق الاستشراق. لكن اللافت أنّ المسلسل سيكون من بطولة النجم السوري غسّان مسعود (الصورة) بعدما سافر الأخير إلى مصر، حيث أجرى اجتماعات مطوّلة مع شركة الإنتاج ليتفق معها بشكل مبدئي على دور البطولة في هذا المسلسل ويباشر في قراءة الحلقات العشر الأولى التي أنهتها الكاتبة. لم يسبق للنجم السوري الذي سجّل مشاركات عدة في هوليوود، أن عمل في الدراما التلفزيونية المصرية لكنّه مرّ على الفن السابع هناك من خلال فيلم «جوبا» (2007) لأحمد سمير فرج، و«الوعد» (2008) لمحمد ياسين.
وها هو يعود من خلال تجربة قوية وبالتعاون مع أهم ورشة فنية في مصر هذه الأيام، ومع كبرى شركات الإنتاج هناك، فيما اعتذر عن عدم المشاركة مع الشركة نفسها في مسلسل من بطولة يسرى بعنوان «خيط حرير». في حديثه مع «الأخبار»، يشرح مسعود بأنه «بالفعل وافقت على المسلسل المصري لأهمية التجربة مع المخرج كاملة أبو ذكرى صاحبة «ذات» و«سجن النسا» بخاصة بسبب اعتمادها على رواية بهاء طاهر «واحة الغروب» الحائزة «جائزة الدولة التقديرية» في مصر. والملفت أنّ هذا المسلسل استغرق التحضير له حوالى سنتين كاملتين، ما يعني أننا أمام إنتاج نوعي وضخم ومسؤول لجهة إنتاج الدراما التلفزيونية التي باتت في زمننا، وللأسف تنفذ بسرعة كبيرة وبطريقة تجارية بحتة». من جانب آخر يكشف الممثل السوري بأن «التصوير سيبدأ في أواخر شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، وقد تم الاتفاق بشكل مبدئي مع جهة الانتاج على هذا العمل في وقت تقبلت الشركة مشكورةً اعتذاري عن عدم مشاركتي في مسلسل «خيط حرير» لأنه كان يُفترض أن أشارك في العملين، لكنني وجدت أنه من المجدي أن نشتغل معاً على «واحة الغروب» فقط. وهذا يكفي نظراً إلى حساسية العمل كوني انتقل إلى مناخ عمل جديد ومجتمع مختلف في مصر».
صحيفة الأخبار اللبنانية