فايز قزق: لنتحدّى الثقافة الاستهلاكية… ملتقى «مِشكال»، صار بالنسبة إلى نضال الأشقر بمثابة تقليد سنوي يجب الالتزام به من دون الالتفات إلى التهاوي الذي تعيشه البلاد والسواد الذي يجرّ سواداً. فالقاعدة بالنسبة إليها واضحة تفيد بأنه كلّما استفحل الانحطاط في السياسة والأخلاق، كلّما بات لزاماً على الفنانين بذل جهود إضافية.
هذا العام، يحلّ النجم السوري فايز قزق ضيفاً على «مشكال» (13/9 ــ س: 15:00)، ليقدّم ورشة عمل حول الارتجال. يقول لنا: «دعتني السيدة نضال الأشقر مراراً للمشاركة في الملتقى، وسأكون حاضراً للحديث عن مفهوم الارتجال في المسرح، وخصوصاً أنني قدمت مجموعة تجارب ارتجال على الخشبة سواء في دمشق أو أثناء دراستي في أوروبا، أو حتى مع الطلاب في الكويت. كانت تجارب مهمة على مستوى استخدام تقنية الارتجال وهو مفهوم علمي وليس حالة منفلتة أو عشوائية أو لا تحتكم لقواعد». يشرح مخرج «وعكة عابرة» مضيفاً: «يحاول «مسرح المدينة» إعادة التذكير بالمسرح بعدما أغلقت مسارح عدّة في بيروت بينها «بابل»، إضافة إلى غياب الظاهرة المسرحية في بيروت وعموم العواصم العربية نتيجة عوامل عدة محلية وإقليمية وعالمية بسبب ما أرسته الولايات المتحدة الأميركية من مفاهيم جديدة، مرتبطة بالعولمة والثقافة الاستهلاكية التي كرّست خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، رغبةً منها في تدجين الشعوب وفق رغبتها وإرادتها وثقافتها من خلال السينما الهوليودية وطرح شخصية «الهيرو» الأميركي المنتصر دائماً سواء في التعليم أو التجارة والتربية. كل هذا أدى إلى تعميم الثقافة الأميركية».
ويستطرد في أسباب تراجع المسرح قائلاً: «هناك هجوم على الثقافة لأسباب سياسية حتى في أوروبا. إذ تم الانقضاض الشرس على الثقافة الروسية وتهميش المسرح الروسي بسبب الحرب على أوكرانيا. علماً أن موسكو تعتبر منبعاً ثقافياً على مستوى الرواية والموسيقى والمسرح والقصة القصيرة، إضافة إلى الباليه والسينما… والمنطقة العربية تأثرت بكل تلك الظروف، إلى درجة أن صالات سينمائية اختفت من بعض البلدان العربية، إلا إذا كانت أميركية! مثلاً، «سينما دمشق» أصبح اسمها «سينما سيتي». كل هذه الأشياء تدفعني إلى التفاؤل بوجود الصين كدولة ذات جذور حضارية يمكن أن ترمّم ما تم تمزيقه على مستوى العالم من خلال تصديرها لبضاعتها عبر تطوير طريق الحرير التي لم تكن في الماضي ولن تكون في المستقبل مجرد ناقل للبضائع، إنما ستحمل أيضاً ثقافة الصين والهند ودول أخرى مثل تركيا وباكستان والهند وتركيا واليونان وسوريا. بهذا المعنى أملي أن تكون الصين بقيادتها للعالم من خلال الاقتصاد أن ترمم ما خلّفه حكم الشركات الخاصة التي أرسته أميركا خلال سنوات طويلة».
وعن مشاركته في «مشكال»، يعلّق: «سأحضر للحديث مدة ثلاث ساعات عن الارتجال إن كان موجوداً في واقعنا الإنساني والعربي، وأعتقد أن كل إنسان يقوم بارتجالات عفوية وبطريقة تدعو للدهشة. من هنا أبدأ بتعريف الارتجال لما كان يعرف في إيطاليا في بدايات عصر النهضة في القرن السابع عشر، عندما كانت هناك فرق إيطالية ترتجل وتعتمد على الممثل ذي البديهة الحاضرة والمثقف بطريقة واسعة الطيف، وقدرته بأن يرتجل ولو بالاتفاق مع زملائه ومع فرقته بشكل بسيط. علماً أن كل مدينة كانت تضم فرقاً، وكان التنافس على أشده لتقديم المشكلات القائمة في مناطق تلك الفرق، ثم انتقلت هذه الظاهرة إلى فرنسا وكان جزء منها بمثابة تراث. وهناك شخصيات مرجعية مثل موليير وغيره من الأسماء التي أتت من المسرح الإيطالي ومن «الكوميديا الإيطالية» أو «كوميديا ديلارتي»» ويضيف: «سأتحدث عن مواصفات الممثل الذي يرتجل وكيفية إقامة تمرين الارتجال وتعريف الارتجال بصيغة علمية دقيقة كمنهاج يُسخّر لخدمة الممثل سواءً كان مرتجلاً أو كلاسيكياً يحفظ الدور ويقدمّه».