هؤلاء صنعوا نكهة الموسم الدرامي…. في كل عام، يتألّق ممثلون ممّن يُصطلح على تسميتهم بنجوم الصف الثاني. هذا لا يعني حكماً أنّهم ليسوا «أبطال العمل»، بل إنّ لولا وجود بعضهم في المسلسل، لما كان للبطل القيمة والمكانة نفسهما. لذلك تميزت هذه القائمة بأنّها ضمّت جميع مَن يمكن اعتبارهم نجوماً من نوعٍ خاص، يشكّلون إضافةً لأي عمل يشاركون فيه. تجنّبنا في القائمة التوقّف عند نجوم الصف الأوّل المعتادين
فايز قزق
فايز قزق معروف لعشاق الدراما العربية. لذلك ليس اختياره في هذه القائمة جديداً أو غير متوقع، لكن النجم المتعدّد الوجوه والماهر تفوّق على نفسه هذا العام في شخصية «إدريس» في مسلسل «الزند». ضمه مع شخصية «البيك» نورس التي يؤديها أنس طيارة، جعلهما خصمين متساويين في قوة وحضور وشخصية ومكانة «الزند». ثبّتا مقولة إنه كلما أردت من بطلك أن يبدو عظيماً، أعطيته «خصوماً» أشداء. أدى قزق بشكلٍ متميز إلى درجة أنّ تفاصيل الشخصية بدت كما لو أنها منحوتة في الصخر: قاطع طريق، محصّل أموال، قاسٍ، لسانه ناعم وحادٌ كالشفرة. وفوق كل هذا أضافت الندبة والعين المفقوءة التي أعطاه إياها عاصي الزند طفلاً، طبقةً جديدة من الشر للشخصية، ناهيك بقنينة العرق التي يرتشف منها كل الوقت.
أنس طيّارة
يمكن اعتبار ما فعله أنس طيّارة بنفسه في مسلسل «الزند» هو «التحوّل النموذجي» للشخصية، ودرس لأي ممثل يرغب في تحويل نفسه من ممثل صف ثانٍ إلى نجم يُحسب له ألف حساب. غيّر طيّارة شكله بشكلٍ كامل: استبدل الوجه الضاحك البشوش بوجه بلا ملامح مع شاربٍ ممتد، وأضاف بضعة كيلوغرامات إلى وزنه وخلع نظاراته الطبية التي كانت تعطيه شكلاً محبباً واستبدلها بنظاراتٍ سوداء تشبه نظارات قاتل محترف. اخترع طيّارة شخصيته الأثيرة: «نورس بيك» الذي يمكنه أن يقتل طفلاً وهو يبتسم مقتنعاً بأن ما يفعله هو الصواب. لم يكن طيّارة أقل مهارةً من تيم حسن في مشاهدهما معاً، بدا واثقاً من شخصيته، محترفاً، وفوق كل هذا بدا شره حقيقياً، واقعياً، وصادقاً إلى حدٍ مدهش.
طارق لطفي
هذا العام، جمع طارق لطفي المجد مع شخصيتين مختلفتين: رؤوف الزوج الذي اكتشف أنه ليس سعيداً في زواجه في «مذكرات زوج»، والشيخ عبدالله «الدبّاح» السلفي التكفيري الذي يمثّل عقلية الإرهابي التكفيري الذي يقتل بوحشيةٍ ويقود مجموعاتٍ في مسلسل «ليلة السقوط». مهارة لطفي جعلته مقنعاً في الدورين، هو الذي لعب أدواراً مشابهة لشخصيته في «ليلة السقوط» كما في مسلسل «القاهرة كابول» (2021). لكن شخصيته في «مذكرات زوج» بدت مختلفة. هنا نجده مضموماً على نفسه، متردّداً، خائفاً، حركته بسيطة لتشير إلى رجلٍ يعيش ملايين الصراعات والمخاوف. في المقابل، يبدو عكس ذلك في شخصية عبدالله. أعطت شخصية لطفي في المسلسلين، إضافة كبيرةً إلى العملين، وربما يصعب على أي ممثل تكرار ما فعله هذا العام، وهو متجه لأن يكون أحد أفضل مؤدي جيله.
أحمد داش
أحمد داش أحد نجوم مصر الشباب. نضج الممثل الطفل/ الشاب الذي عرفه الجمهور مع فيلم «لا مؤاخذة» (إخراج عمرو سلامة ـ 2014). خلال الأعوام الفائتة عاد داش بقوة، وأصبح ممثلاً قادراً على الوقوف في مواجهة ممثلين مهرة. هذا العام، يؤدي في مواجهة مؤدٍ بارع هو محمد رمضان. يمتاز داش بأنه يمثل كما لو أن هذه هي حقيقته وحياته: عفوي، سهل الحركة، ملامحه هادئة، وفوق كل هذا يشبه أي شاب عربي تقابله في الشارع. يشع داش واقعية وحياة في آنٍ معاً، يضاف إلى هذا كله صوته الذي يعطي المشاهد إيحاء بأنه مسكين، ضعيف، ومكسور. يذكر أنّ أحد أكبر إنجازات داش هو مشاركته في مسلسل مارفل الشهير «فارس القمر» (2022) الذي أخرجه المصري محمد دياب.
طه الدسوقي
طه الدسوقي أحد أهم نجوم مصر الشباب، وإن كان أحمد داش يتفوّق عليه بكونه قد سبقه إلى عالم الفن، فإن دسوقي ينافس بكونه قادراً على تغيير جلده، فضلاً عن موهبة كبيرة في الأداء. الممثل المصري الذي عرفه الجمهور قبل عامين وخصوصاً في مسلسلَي «موضوع عائلي» و«في بيتنا روبوت»، أثبت أنه قادرٌ على ارتداء أي شخصية: فمن الروبوت المتجمد المشاعر والملامح، إلى الكوميديان الشاب «المهضوم» و«الموهوب» في آنٍ. هذه المرّة يستثمر المخرج أحمد أمين في طه الدسوقي في مسلسله «الصفّارة». يقدم الدسوقي شخصية وجيه شقيق البطل. نشهد تحولاته خلال رحلة البطل عبر العوالم المختلفة: يرتدي شخصاً جديداً، ووجهاً جديداً في كل رحلة، وهذا يظهر للمشاهدين من أي طينة يأتي هذا الممثل الشاب. إنه قادرٌ على إقناع المشاهدين بأنه كلّ هذه الشخصيات بسهولة وسلاسة فائقة.
حلا رجب
لطالما قلنا بأن حلا رجب هي الجوهرة المخفية للدراما السورية. كشفت مهارتها قبل سنوات وأعادت تأكيدها العام الفائت عبر شخصية «أوصاف» في مسلسل «مع وقف التنفيذ» في مواجهة كبار مثل عباس النوري وغسان مسعود. أثبتت الممثلة الشابة يومها أن نجاحها ليس وليد المصادفة. احتاج منها الدور آنذاك الكثير، وهو ما تفعله هذا العام في شخصية «نورية» في مسلسل «العربجي». إنها تستطيع التأدية بسهولة تجعل المشاهد مصدّقاً لما تقوله، وهي بذلك تسيطر على مشاهدها وببساطة بالغة. يذكر أن الممثلة السورية هي من القليلات اللواتي يمكنهن القول بأنهن يستطعن تأدية أدوارٍ متنوعة مختلفة بسهولة بالغة. النقطة الوحيدة المختلف عليها ولا إجابة عليها: لماذا لم تأخذ دور بطولة حتى اللحظة؟
حنان مطاوع
إنّها ابنة الراحل كرم مطاوع والنجمة سهير المرشدي، ودليل على أنّ «فرخ البط عوّام». دخلت عالم الفن قبل سنوات، مع هذا لم تجد نفسها إلا قبل أعوامٍ قليلة مع أعمال قوية مثل «ونوس»، «هذا المساء» و«طاقة نور». هذا العام عادت بقوة من خلال عملين أحدهما من بطولتها هو «وعود سخيّة»، وحضور قوي في مسلسل «سرّه الباتع». دورها في المسلسل الأخير هو «مدرسة» في التمثيل البسيط والعفوي: ترسم شخصية «صافية» الهادئة بسيطة، المعجبة بشخصٍ لن يتزوّجها أبداً ولا أمل من حبهما. في الوقت نفسه هي ابنة الشيخ سليم (خالد الصاوي) والنسخة الأنثوية منه. تؤدي مطاوع بطريقة تذكّر بنجمات العصر الذهبي للدراما المصرية، تغير ملامح صوتها، تستخدم ابتسامتها وحركة جسدها ووجهها لتثبت المشهد والشخصية أمام المشاهد.
«الأمّ» سهير المرشدي
النجمة المصرية الشهيرة وصاحبة شخصية «سماسم العالمة» من مسلسل «ليالي الحلمية» المعروف، تعود بقوة من خلال مسلسل «ضرب نار». تؤدي المرشدي دور «صدّيقة» والدة بطل العمل جابر. إنها الأم الحكيمة، الموزونة والقوية في آنٍ معاً من دون أن تكون متسلطة وديكتاتورية. ربما قدمت المرشدي هنا شخصية شبيهة بالشخصية التي أدتها الرائعة منى واصف في مسلسل «الهيبة» خلال الأعوام الفائتة. حتى ولو تكلّمت أقل أو لم تعتمد على حركة كبيرة خلال أدائها، فإنّ المرشدي تعوّضه عبر صوتها وملامح وجهها الذي تستخدمه بمهارة كبيرة ما يعطي مصداقية عالية لكل ما تقوله أو تفعله. واللافت أنها وابنتها حنان تشكلان ثنائياً متميزاً هذا العام.
يزن الخليل
يعود يزن الخليل بقوة في مسلسل «مقابلة مع السيد آدم2» الذي صوّر قبل أعوام، لكنه يعرض هذا العام. يستطيع الممثل السوري الشاب ارتداء وجوه متعدّدة، وأثبت هذا الأمر خلال العام الفائت في مسلسلَي «جوقة عزيزة» بدور شكري الطشت و«مع وقف التنفيذ» بدور بشير. وكلا الشخصيتين تختلفان بشكلٍ كلي عن بعضهما. هذا الاتساع في الأداء يثبت أن الممثل السوري قادر على الأداء باحترافية عالية. هذا العام، اتسعت شخصية يوسف في «مقابلة مع السيد آدم» وبات قادراً على إظهار جوانب ووجوه عدة لها. قد يكرهه المشاهد، أو قد يحبّه، في الحالتين، هو أدى حرفته كممثل. مع زوجته حلا رجب، يُعدّان من النجوم القادمين بقوة إلى الواجهة خلال الأعوام القادمة.