فتاة حي الشعلان الدمشقي : هل هناك أسئلة لم تطرح ؟!

عندما خصصت واحدة من الصحف السورية قبل سنوات صفحة لأخبار الجرائم والقتل، اعترف مسؤولوها علانية بازدياد حجم المبيعات تلقائيا، فالسوريون، كما غيرهم في العالم، يثيرهم الفضول لمعرفة أسرار الجرائم الخفية ودوافعها، وخاصة أن ذلك يذهب بعيدا في عالم الغموض والخفايا التي كثيرا مابنيت عليها أحداث روايات وأفلام سينمائية وتلفزيونية ..

وقبل أيام انتشر خبر مثير فعلا عن اكتشاف جريمة في حي الشعلان الدمشقي الشهير، الذي يقع في قلب العاصمة دمشق، ويحكي الخبر عن روائح انتشرت في أحد شقق الحي دفعت الجهات المختصة لفتح الشقة واكتشاف أن مصدر الرائحة يعود إلى تفسخ جثة فتاة شابة نهشها كلباها اللذين كانت تخرج معهما كل صباح ، كما روى شهود عيان !

والغريب أن الصحف السورية لم تنشر الخبر، رغم انتشاره على صفحات التواصل، وبعض المواقع، مع أن التحقيقات الأولية التي أفادت بها مصادر الشرطة لم تتحدث عن أي دوافع جرمية وراء الحادثة لأن الوفاة ببساطة هي وفاة طبيعية، بل إن قسم الشرطة الذي تتبع له منطقة الشعلان أجاب أحد الصحفيين بنفي أي حادث جرمي، وقالت المستشفى التي نقلت إليها الجثة أن الوفاة كانت بسبب سكتة دماغية، وأن علائم نهش الكلبين لجسد الفتاة يعود إلى حالة الجوع التي أصابتهما بعد مرور أيام على بقائهما في البيت المغلق !

ظل انشغال السوريين بقصة فتاة الشعلان قائما ومتواترا رغم استهداف أحياء دمشق ب 14 صاروخ كاتيوشا .. أدى بعضها إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من الفتيات اللواتي يدرسن في مجمع أبي النور الذي أسسه الشيخ أحمد كفتارو قبل وفاته عند سفح جبل قاسيون!

ماهي قصة فتاة حي الشعلان الراحلة؟ ولماذا انشغل السوريون بموتها ؟ هل لأنها ماتت وحيدة دون أن يسأل أحد عنها خلال ثلاثة أيام؟ أم لأن الكلبين الذين ربتهما لم يكونا وفيين لها، فعندما جاعا أكلا من جسد من تحبهما، أم أن في المسألة أشياء وتفاصيل أخرى؟

بينت التقارير الصحفية التي نشرت عن الفتاة أنها كانت تعيش وحيدة، وأن أحدا لم يسأل عنها في المستشفى الذي نقلت إليه جثتها، بل إن بعض التقارير تحدثت عن معرفة سكان حي الشعلان لها ولحركتها اليومية خصوصا أنهم يعرفون الفتاة من كلبيها اللذين كانا برفقتها بشكل دائم، فقد كانت تحرص على إخراجهما للتنزه كل يوم ثم العودة بهما إلى البيت عند الظهر، كموعد يومي لظهورها كما قال سكان الحي..

ويضيف أحد التقارير الإخبارية أنه تم نقل جثة الفتاة إلى مستشفى المجتهد بدمشق ووضعها في الثلاجة، بتاريخ 29 -11-2015، وتم إجراء المعاينة الطبية على الجثة وإجراءات الطب الشرعي، ليذكر الأخير أن سبب الوفاة “طبيعية ناجمة عن توقف عضلة القلب والتنفس بسبب سوء حالتها العامة”، ليؤكد التقرير أن تاريخ الوفاة الفعلي هو 21-11-2015. كما نقل التقرير الطبي الشرعي مشاهداته عن النهش الذي تعرضت له الفتاة من كلبيها، وأنها من مواليد 1995.

وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان، حوادث كثيرة من بينها حادثة الحريق الذي التهم بيت الفنان السوري لاوند هاجو واكتشاف جثته داخل الحريق في ضاحية قدسيا عام 2008، وقد عرفه الناس بهدوئه ودماثته وبرقصه التعبيري على المسرح، ثم إقامة عروض راقصة في قلب شوارع دمشق .. إن تلك الحادثة كشفت سريعا عن وجود جريمة في قضية لاوند مالبث الجاني وهو صديقه أن اعترف أمام القضاء أنه قتله وأحرقه ..

وآخر ماتم تناقله عن وفاة فتاة حي الشعلان هو أنها من ضحايا الكآبة والعزلة التي سببتها الحرب الطويلة في سورية وأنها ابنة لزوجين مطلقين، دفعها الخلاف بينهما إلى الانفصال عنهما والعيش بعيدا في حالة قلق جعلتها تغير طبيعة حياتها وعملها وحتى اللجوء إلى خلع حجابها ..

خاص ــ دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى