فتنة الكحول

ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر، ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المؤكد أن لا خوف على إيران من الأحداث، لأنها تتمتع بعدة شرعيات من الصعب اختراقها أبرزها: الشرعية الدينية، والشرعية المدنية. في الأولى لا شك في تأييد الأغلبية للنظام لأسباب دينية. وفي الثانية لا شك في أن إيران قطعت أشواطاً في مسألة الحداثة والتنمية والتطوير.

الأحداث فضحت أمرين: صراحة ووقاحة التدخل الأمريكي والإسرائيلي في الأحداث. والثاني النوم في عسل الاستقراروالامان الاجتماعي من قبل السلطات في إيران.

التدخل الخارجي لم ينجح، ولن ينجح ، لأن الأشد، وهو الحرب ، قد أصبح عسيراً. أما في الداخل فسيحتاج إلى القدرة على استمرار تغذية الاحتجاج، وبلورة مشروع جامع للمعارضة، يصل بها إلى السلطة، وهو الأمر الذي يبدو مستحيلا . وسيكون مشروع من هذا النوع ، وفي هذه الظروف ، شروعا تنفيذيا لسفك الدم الايراني لكي تستمر إيران في النجاة من المؤامرات ما عليها سوى تعديل مفهوماتها للحرية، وللكفاية، وللعدل، ولروح العصر.دون ان يعني ذلك المساس بالهويات الدينية والقومية والعرقية .

ـ الرقابة منعت نشر قصيدة لأن فيها وصف لأوراق الخريف عندما تسقط بأنها “تتراقص” في الريح.
والرقص ممنوع في إيران.

ـ حكم على شاب وشابة نشرا مقطع فيديو وهما يرقصان بالسجن و91 جلدة، وعندما ثارت ضجة حولهما أوقفوا تنفيذ الحكم مقابل ظهورهما على التلفزيون يقدمان اعتذاراً للحكومة.

ـ ممنوع ذكر كلمة خمر، كتابة أو لفظاً، حتى في قصيدة للشيرازي أو عمر الخيام، و حتى لو كان النص يهجو الخمر.

وفي آذار/ مارس المقبل سيقام 150 مركزاً لعلاج التسمم الكحولي. ويعلق أحد الشاربين : كان الأسهل عدم تعرض هؤلاء للتسمم بكحول محلي فيه مادة الإيثانول والميثانول، بالسماح لهم بشرب كحول نظامية. وباعتراف السلطات هناك 200 ألف مدمن في طهران . والسلطة تعترف بالظاهرة، حيث تنتشر الإعلانات المحذرة من تعاطي الكحول المحلي الذي يسبب العمى والتسمم.

في مثل هذا التشدد يصبح اليهود والأرمن والزرداشتيين موضع حسد… لأنه مسموح لهم تصنيع وتعاطي الكحول من أجل أعيادهم.

وهنا تكون الصحبة مع أفراد هذه الأديان مسعى من الشبان الإيرانيين للحصول على كأس. رغم أن العقوبة هي 80 جلدة و 500 دولار، في المرتين الأوليتين، وفي الثالثة الإعدام.

في الإحصائيات 80 مليون ليتر كحول يهرب إلى إيران سنوياً من منطقة كردستان. وثمة مآس في التهريب، حيث يقتل عدد كبير من فتيان التهريب بأعمار بين 20 ـ 25 سنة يحملون على ظهورهم صناديق الزجاجات ، في مسيرة جبال ليوم كامل من كردستان إلى إيران.

بالطبع ليست مشكلة الشبان الإيرانيين الخمر والرقص والموسيقى. ولكن هذا مؤشر إلى عدد آخر من القضايا جوهرها اعادة النظر بالحريات الفردية، وجذرها إن “المنع يجرالقمع” ، ولا شك بأن المطالب المرفوعة في التظاهرات، والمعترف بها من الحكومة الإيرانية ، كانت في منطقة الاحتقان لسنوات طويلة، كما انها كانت في منطقة تجاهل الحكومة لها.

كان بوسعي، بطبيعة الحال تناول الحدث الإيراني من عدة زوايا. ولكن الحبر الذي سال بالبراميل حول الحدث ، من جميع جوانبه ، يكفي…فايران اليوم حدث عالمي اكبر مما نتصور.

من الطريف أن غورباتشوف (لاسواه) والذي فتح ثغرة في قلعة الشيوعية السوفيتيه… منع الكحول. فبدأ الروس يتسممون فرادى وجماعات من الكحول المحلي الصنع. وكانت النتيجة الطريفة أن وريث غورباتشوف (مانع الكحول) كان “يلتسين” الذي لا يصحو من السكر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى