فرنسا تستعد لإعلان انتهاء عملية برخان في أسوأ نكسة عسكرية
يلقي رئيس فرنسا امانويل ماكرون الأربعاء خطابا يعرض فيه الإستراتجية الرئيسية الجديدة في ظل أوضاع سياسية متقلبة ومتغيرات جيوسياسية بينما يستعد كذلك للإعلان عن انتهاء عملية برخان لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل ضمن خطة اعادة انتشار للقوات الفرنسية، بينما يشكل ذلك اعترافا ضمنيا بفشل عسكري فرنسي بعد ما يقرب من تسع سنوات من إطلاق تلك العملية.
وانطلقت عملية برخان لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي في مطلع أغسطس/اب 2014 وتضم أكثر من 5 آلاف جندي فرنسي ومقرها مقرها في نجامينا عاصمة تشاد. وقد تم تشكيل العملية بمشاركة خمسة بلدان هي من المستعمرات الفرنسية السابقة في منطقة الساحل وهي بوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر ومالي التي انسحبت منها القوات الفرنسية والأوروبية بعد خلافات وتوترات مع المجلس العسكري الذي يقود البلاد. ويطلق على هذه البلدان مجتمعة اسم ‘جي 5 الساحل’.
وقال قصر الإليزيه إن خطاب ماكرون خلال زيارة إلى مدينة طولون (جنوب شرق) سيشكل خصوصا “فرصة للاحتفال رسميا بانتهاء عملية برخان والإعلان عن عملية تكييف كبيرة لقواعدنا في إفريقيا”.
لكن يفترض ألا يؤثر هذا الإعلان على الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، حيث ما زالت فرنسا تنشر حوالي ثلاثة آلاف جندي في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو، بعدما كان عديدهم يبلغ 5500 رجل في ذروة انتشارهم.
وغادر الجيش الفرنسي مالي في أغسطس/اب بعد تسع سنوات من الوجود تحت ضغط المجلس العسكري الحاكم الذي يعمل الآن – وإن أنكر ذلك – مع مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية.
ومع ذلك ما زالت هذه القوات منتشرة في المنطقة وتواصل القتال ضد الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية والتي توسع أنشطتها تدريجيا باتجاه دول خليج غينيا.
وقال الإليزيه إن المبدأ هو “الحد من انكشاف قواتنا العسكرية وظهورها في إفريقيا والتركيز على التعاون والدعم بشكل أساسي في المعدات والتدريب والاستخبارات والشراكة العملانية عندما ترغب الدول في ذلك”.
ومن دون التخلي عن مكافحة الجهاديين، ينبغي على باريس التعامل مع رأي عام إفريقي يزداد عداء لها وتأثير قوى منافسة وعلى رأسها موسكو، الذي يتعزز عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرسمية.
وسيندرج هذا الإعلان في إطار عرض لماكرون للتحديات الإستراتيجية الكبرى التي تواجه فرنسا لا سيما في ظل النزاع في أوكرانيا مما يؤدي إلى تصاعد التنافس بين القوى العظمى وخطر نشوب صراع بين الدول.
وفي أوروبا وحسب ‘المراجعة الوطنية الإستراتيجية’ التي سيقدم الرئيس الفرنسي الخطوط العريضة لها، تطرح روسيا “إستراتيجية لتحدي النظام الأمني الأوروبي الأطلسي” من خلال “حرب من جيل جديد” تجمع بين “التهديد بتصعيد نووي” ونشر “استراتيجيات هجينة” دون عتبة الصراع المسلح.
وفي هذا الإطار، أكد مستشار رئاسي أن “فرنسا تجدد طموحها في أن تكون عام 2030 قوة توازن على الساحة الدولية تعزز تألقها ونفوذها في مجالات اهتمامها”، مضيفا “إنها تريد أن تكون أحد محركات الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي لا سيما من خلال دفاع أوروبي جدير بالثقة ومكمّل لحلف شمال الأطلسي”.
وتؤكد نسخة 2022 من ‘المراجعة الوطنية الإستراتيجية’ توجهات ثقيلة تم تحديدها في 2017 ولا سيما في ما يتعلق بالحاجة إلى نموذج جيش كامل، لكنها تصر أيضا على مفاهيم محددة مثل المرونة أو اقتصاد الحرب أو حتى التأثير في ضوء الدروس الأولى للنزاع في أوكرانيا.
وطلب إيمانويل ماكرون من صناعيي قطاع الدفاع منذ يونيو/حزيران أن يسعوا لزيادة الإنتاج وبتكاليف مضبوطة للتعامل مع الوضع الجيوسياسي العالمي الجديد.
وفي 2030 ، سيتعين على فرنسا أن تكون قادرة على أن تواجه مع حلفائها “عودة محتملة لنزاع كثافته عالية بين الدول” و”استراتيجيات هجينة”، تمر عبر الحرب الإلكترونية وحرب المعلومات، حسب ‘المراجعة الوطنية الإستراتيجية’.
وسيأتي هذا الخطاب بينما يعمل المسؤولون التنفيذيون والبرلمانيون والموظفون على ‘قانون البرمجة العسكرية’ المقبل (2024-2030) الذي يفترض أن يشكل استمرارا لجهود الميزانية التي بدأت في 2017.
مع ذلك، لن يصدر الرئيس أي إعلان بشأن هذا القانون، لكن ميزانية الدفاع ستبقى مرتفعة على ما يبدو. وقال وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو مؤخرا “لا نعد قانونا يخفض زيادة الميزانية في السنوات القليلة الماضية”.