فرنسا: تصاعد الجدل حول الموقف من الأسد

هل سيدفع القرار الفرنسي بالمشاركة في الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش» في سوريا إلى إعادة الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد؟ السؤال بدأ يطرح في فرنسا، وارتفعت أصوات عدة تطالب بإعادة النظر في الإستراتيجية الفرنسية إزاء سوريا.
وخلال نقاش جرى في الجمعية الوطنية، أمس، حول التدخل العسكري الفرنسي في سوريا، استبعد رئيس الحكومة مانويل فالس أي حوار مع الرئيس السوري.
وقال فالس «لا مجال لأي تسوية ولا لأي ترتيبات» مع النظام السوري، مضيفا «في سوريا لن نقوم بأي عمل يمكن أن يعزز النظام، لا بل من الضروري القيام بالعكس، أي السعي للتوصل إلى اتفاق يطوي نهائيا صفحة بشار الأسد. إنه جزء كبير من المشكلة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حلا».
وإذا كانت الطبقة السياسية الفرنسية، باستثناء اليسار، تدعم توسع الضربات الجوية الفرنسية لتشمل الأراضي السورية أيضا ضد «داعش»، فإنها بالمقابل تختلف بشأن الموقف من الرئيس السوري نفسه. فهناك قسم من «حزب الجمهوريين» برئاسة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي يدعو إلى إحياء الحوار مع الأسد باعتباره أهون الشرين مقارنة مع «داعش».
وقال رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون، أحد كبار زعماء المعارضة اليمينية أمس الأول، إن «الوقت حان لإعادة النظر في استراتيجيتنا الديبلوماسية والعسكرية»، موضحاً أن الخيار الأفضل في الوقت الحاضر «هو القيام بعملية واسعة بالتعاون مع روسيا وإيران للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية. وهذه العملية الكبيرة تفترض أن نضع جانبا في الوقت الحاضر مسألة مستقبل النظام السوري». وتابع «لا بد من مساعدة نظام بشار الأسد، لأنه رغم كل سيئاته على وشك السقوط».
وبعدما ترددت في السابق في توسيع مشاركتها في الضربات الجوية إلى الأراضي السورية، خوفا من ان يستفيد النظام منها، عادت باريس وقررت المشاركة في طلعات جوية في الأجواء السورية تمهيدا للمشاركة في الضربات الجوية ضد «داعش».
أما الدافع لذلك بحسب قول وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان فهو «تغير المعطيات»، مضيفاً «لم نعد نستطيع أن نسمح بإبقاء سوريا معقل داعش خارج سياستنا في المشرق».
واذا كان الرئيس فرنسوا هولاند قد خفف من دعواته لتنحي الرئيس السوري، فإنه بالمقابل لم يتخل عن الدعوة «الى تحييده». وقال جان بيار فيليون، مؤلف كتاب «العرب، مصيرهم هو مصيرنا»، إن «الحفاظ على خط واضح إزاء الأسد لمواجهة تنظيم داعش مواجهة أفضل ليس ممكناً فحسب بل هو ضروري»، معتبرا ان الرئيس السوري «هو المسبب الرئيسي لتوسع نفوذ الجهاديين ولأزمة اللاجئين». وأضاف ان ازدياد الدعم العسكري الروسي والإيراني لسوريا بوضوح يكشف أنهما «باتا قلقين جديا إزاء اضمحلال المناطق التي يسيطر عليها هذا النظام».
وتعتبر السلطات الفرنسية أن المعادلة في سوريا دقيقة للغاية. فهي تأخذ في الاعتبار مصالح الدول العربية التي تريد، على غرار باريس، إبعاد بشار الأسد عن السلطة، وتطالب في الوقت ذاته موسكو وطهران بالمشاركة في الحل لإنهاء الأزمة السورية.
وردا على سؤال بشأن هذا التعارض رفضت وزارة الخارجية الفرنسية التعليق. واكتفى المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال بالقول «ندعو الروس والإيرانيين إلى القيام بدور بناء عبر دعوة النظام إلى الدخول في مرحلة انتقالية جدية». وأضاف ان «فرنسا تدعم جهود الموفد الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا للتوصل الى تسوية سياسية للأزمة».
وكان عدد من النواب الفرنسيين قد زاروا دمشق مطلع السنة الحالية والتقوا الرئيس السوري، ما أثار حفيظة الحكومة. واعتبرت الحكومة يومها أن هذه الزيارة بمثابة هدية أعطيت «لديكتاتور لم يعد له مستقبل على رأس بلاده». وقطعت باريس أي علاقة لها بالنظام السوري في آذار العام 2012 عندما غادر السفير الفرنسي دمشق. وفي أيار من العام ذاته أنهت باريس مهمات السفيرة السورية في العاصمة الفرنسية.
صحيفة السفير اللبنانية