عندما يعلن رئيس الأركان الإسرائيلي محذراً من إنقسام الجيش باعتبار أن هذا الانقسام يهدد وجود إسرائيل، و هذا ما يجعل من امتناع ضباط الاحتياط وخاصة الطيارين عن الخدمة إذا أقرت( التعديلات القضائية) التي أشعلت الخلافات و أطلقت الاحتجاجات في إسرائيل تهدد وحدة الجيش الإسرائيلي بما ينعكس خطراً على وجود إسرائيل نفسها. و هذا ما جعل كثير من العرب يعتمدون (شماتة الكسالى) ليفرحوا بجنون عدوهم ورقصه على حافة الهاوية.. فماذا يجري في إسرائيل ؟؟ وكيف يتعاطى العرب مع هذه التطورات التي تهدد وجود إسرائيل ؟؟؟
حكومة نتنياهو تريد إلغاء صلاحية ( المحكمة العليا ) في مراجعة قرارات الحكومة. ويبرر نتنياهو فعلته بأن المحكمة يسارية الاتجاه تعرقل أعمال الحكومة في حماية إسرائيل.. ويرد عليه الرافضون بتمسكهم بالنظام الذي قامت عليه إسرائيل منذ اغتصابها فلسطين في العام 1948 . نتنياهو يعلن ان ما يقوم به هدفه ( تجديد قوة إسرائيل) والرافضون للتعديلات القضائية يتمسكون بـ (تشديد قوة إسرائيل) والساحة هي التعديلات القضائية، والوسيلة احتجاجات مستمرة منذ ثمانية شهور، و فشل الحوار السياسي الموازي للوصول إلى تسوية. إنه انقسام وجودي يضع إسرائيل على حافة الهاوية ..
الانقسام في إسرائيل وصل إلى الجيش بإعلان ضباط الاحتياط الامتناع عن الخدمة إن أقرت التعديلات القضائية. وكما هو معروف فإن الجيش في إسرائيل هو أساس وجودها، وهو مؤلف من تجمع العصابات اليهودية التي قامت باغتصاب فلسطين، وإسرائيل ما هي إلى جيش خرج منه أو ولد منه مجتمع . لذلك يشكل الجيش في إسرائيل (البقرة المقدسة )، والآن في ظل الانقسام و الصراع على نظام الكيان، يدفع السياسيون هذه البقرة المقدسة إلى حافة الهاوية. ويصيبونها بـ ( الفصام الخطير) على بقاء و وجود الكيان برمته..
ما يجري في إسرائيل هو خلاف عصابات غاصبة تختلف فيما بينها على شكل وتنظيم إدارة ما أغتصبت . وهذا الخلاف يقوم على قاعدة اتفاقهم جميعاً على اغتصاب فلسطين و(المحكمة العليا) التي يصورها الإعلام الغربي على أنها حامية الديمقراطية هي نفسها التي أقرت في العام 2018 ( قومية يهودية الدولة) الأمر الذي يتضمن إلغاء وإبعاد كل من هو غير يهودي في فلسطين، أي إلغاء وإبعاد المسلمين والمسيحيين العرب الفلسطينيين بإعتبارهم ( غرباء). و ما يؤكد موقف كل العصابات على هذا الموقف العنصري أننا لم نسمع أبدا في الاحتجاجات الجارية أي مطلب يتعلق بحل سياسي مع الفلسطينيين ، بل كل ما يجري هو صراع على (تقوية دولة الاغتصاب)، ورغم أنه صراع على حافة الهاوية إلا أن حقيقته تتلخص بسعي كل الأطراف الصهيونية وكل العصابات الغاصبة لإلغاء وإبعاد العرب الفلسطينيين عن حقوقهم القومية في أرضهم وحياتهم و مستقبلهم…
إسرائيل وراء نتنياهو تسعى لتجديد يجعلها (أكثر تطرفا)، وإسرائيل مع المختلفين معه تعمل لتكون (أشد قوة) وكلاهما يسعيان لتطوير العدوان الإسرائيلي ضد العرب وإلغاء أي تأثير لهم بإلغاء الفلسطينيين أولا …. ولابد لنا ونحن نراجع تاريخ ما يجري من الاعتراف بخبث ومهارة مؤسسي إسرائيل من زعماء العصابات الذين، وفور اغتصابهم السلطة، عملوا على تحويل العصابات الإرهابية اليهودية التي كان يقودونها إلى جيش عصري حديث ، واستخرجوا أو استولدوا منه مجتمعاً عملوا على تنظيمه ليبدو كأنه مجتمع طبيعي متقدم. واليوم تتصارع هذه العصابات بهدف تقوية إسرائيل ولو على الحافة وهذا ما يجعل إسرائيل أكثر خطراً وتهديداً ولا يجوز أبداً للعرب الاستمرار في نهج (شماتة الكسالى) بحيث يشمتون وهم يتفرجون على أي مشكلة تحصل في إسرائيل. ولا يستقيم إطلاقا أن يعتمد العرب أسلوبية (وهم المتعنترين) و ليس عقلانياً أبداً لجوء العرب لاعتبار أن أي خلاف في إسرائيل سيعني نهايتها والقضاء عليها بما يقدم حلاً لمشكلنهم وهم كسالى او متعنترين أو منتظرين …
علينا أن نعمل باعتبار إسرائيل خطر داهم ومستمر، وعلينا أن نفهم مجريات الأمور على حقيقتها. وعلينا أن نستوعب ان سعي إسرائيل لتصعيد قوتها يتضمن مساعيها لتكون أكثر تطرفاً أو أكثر عدوانية أو كلاهما معاً… فهل يفكر العرب بطريقة بعيدة عن شماتة الكسالى وأوهام المتعنترين بالإستعداد لمواجهة هذا الخطر الإسرائيلي الذي بلغ الثمانين و يسعى ليكون أخطر و أكثر تطرفا بينما نحن نتفرج عليه ونتراجع أمامه ونفشل في مواجهة مخاطره وتطرفه وعنصريته… والمصيبة انه بات يؤثر في معظم المجتمعات العربية.. واسألوا الربيع العربي، واسألوا سياسات دولكم تجاه هذا الكيان … وانظروا حولكم !!