فقط للمهتمّين من ذوي النفوس الضعيفة …

سمعت أنّ تنظيماً إرهابيّاً تكفيريّاً قد أطلق إعلاناً يريد فيه انتداب أطبّاء ومهندسين ومترجمين برواتب “مغرية ” ….! .

بدا لي أنّ هذا الإعلان الذي أطلقه القتلة من مواقع ” تواصلهم الاجتماعي ” عاديّاً ومتوقّعاً من جماعة تمتلك أقذر الأموال من أقذر الطرق والمصادر، بدءاً من “هبات ” أمراء الفتن والحروب، مروراً بالسيطرة على منابع النفط وانتهاء بطلب الفدية وتجارة الأعضاء البشرية .

هم يحتاجون بالتأكيد إلى ” أيادي ماهرة ” تجهز على ضحاياهم، وتعبّد لهم طرقات الجحيم وتترجم “أقوالهم المأثورة ” في ترهيب البلاد والعباد وإن كان سلوكهم الشيطاني ـ الذي تعجز كل اللغات في وصفه ـ لا يحتاج إلى ترجمان ولا من يحزنون.

لكنّ الأنكى والأمرّ من هذا كلّه أنهم يطلبون في إعلان مناقصتهم فوق ” الكفاءات العلميّة ” …كفاءات أدبيّة وفنية …! …أي كتّاباً وسينمائيين ومسرحيين وربما شعراء!…من يدري …ربما تحتاج جرائمهم إلى تخليد وتمجيد بالقوافي والأوزان والحداثة الشعرية كقصيدة النثر والومضة والملحميّة المسرحية والسينمائية .

ليس للوحشية حدود كما ليس للسفالة والسقوط قاع لدى من يبارك ويهلّل لهذا الخراب والخواء الروحي والأخلاقي عن خيانة أو انتفاع أو جهالة . مازال العالم يتفرّج على هذه “الحرفيّة الهائلة ” في أفلام الذبح والحرق واستعراض القوّة، وقد يكتفي بمجرّد السؤال ـ ودون أن يهمّه الجواب ـ عن الآلة التي تقف خلف هذا الإنتاج الهوليودي ثمّ يغيّر المحطّة أو ينتقل إلى صفحة أخرى من صفحات “التواصل الاجتماعي ” لينام ويستيقظ على أخبار كارثيّة أصبحت تشبه قهوة الصباح أو الذهاب إلى الوظيفة .

إنّ أخطر ما نقرأه خلف سطور هذا الإعلان الوقح والمسموم عن حاجتهم لهذه الوظائف ” الإنسانيّة الشاغرة ” هو أنّ هناك من يلبّي الطلب ويسعى للفوز بالانتداب ” اللقطة” داخل هذه ” المؤسسة التكفيريّة ” الطامعة للتوسّع عبر مندوبيها ومراسليها ووكلائها المنتشرين والناشطين في مختلف أرجاء العالم .

يقول المنطق والقاعدة الرياضية المعروفة أن ” لا طلب دون عرض ولا عرض دون طلب ” …وقد تهافت الكثير على قراءة هذا العرض ـ ولو ببراءة وعلى سبيل التفكّه ـ …هذا العرض الذي أظنه بالتأكيد محدود المدّة وصارم الانتقاء ودقيق المقاييس ….أي لا مجال فيه للوسائط والمحسوبيات …كما أنّ ” العمل” في هذه المؤسسة التكفيرية يتطلّب دراية شيطانيّة وجهداً إضافيّاً “مميّزاً ” من السفالة ..بدليل ” تلك المساطر ” التي نشاهدها في أفلامهم الدعائية …فلقد بلغوا ” القمّة ” في القتل والنذالة والترويع تحسدهم عليها أعتى شخصيات الرعب في تاريخ السينما .

أمّا الجرس الذي يجب أن يدقّ بقوّة خلف هذا الإعلان المصيدة هو أنّ النفس البشرية طمّاعة وأمّارة بالسوء، خصوصاً في عالمنا العربي الذي ينخره الفقر والجهل والتهميش …فلنبادر إلى تحصين شبابنا لأنّ لا علاج يومئذ لرأس طريّة في غابة من فؤوس التطرّف والإرهاب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى