فيلم (الحكيم) أسوأ دور للفنان الراحل محمد قنوع : احذروا تجار الحرب والمخدرات !
خاص
حمل فيلم ا(الحكيم) الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما، وشاهدنا عرضه الخاص قبل أيام في دار الأوبرا رسائل هامة، لكن الرسالة الأهم هي تسليط الضوء على نتائج الحرب، وظهور أعداء جدد من الداخل، وهي (ثيمة) ، تشبه إلى حد كبير الواقع الذي نعيش فيه الآن .
كانت الحرب في آثارها المباشرة واضحة في مسار الفيلم وجاءت ضمن إشارات عاجلة، لم يكن المشاهد بحاجة إلى الذهاب بها بعيدا، لأننا جميعا عشنا الحرب، وتعرفنا على بشاعتها، وسمعنا حكاياتها إلى درجة أنها لم تعد تدهشنا رغم فداحتها ووحشيتها ومأساويتها.
وفيلم (الحكيم)، يستفيد من وقائع الحرب، ليصل إلى الثيمة التي يريدها ، فيحكي قصة طبيب إنساني بكل معنى الكلمة، ينتمي إلى الناس، نتذكر ظاهرة (طبيب الفقراء) في أكثر من بلد عربي، ونتذكر في سورية (الدكتور وهيب الغانم) الذي كان يضع في عيادته وعاء للكشفيات، فمن شاء من المقتدرين يدفع، ومن شاء من الفقراء يأخذ..
ورغم أن النموذج، يبدو مثاليا، وكان موجودا في بلادنا، إلا أنه في سيناريو الفيلم ( أداه دريد لحام بجدارة) فرض نفسه كجسر تمر عليه تفاصيل الحكاية الحقيقية التي أوصلتنا إلى نهايته، فجاءت الخاتمة لتفصح لنا بشكل واضح عن أن المعركة الآن هي مع (تجار الحرب والمخدرات).
فمع تراجع زخم الحرب ووقائعها، وجد هؤلاء التجار الآن فرص عمل جديد لهم يتابعون من خلالها ما شرعوا فيه خلال الحرب، فإذا الفيلم يضع يده على عدة ظواهر: من بينها ظاهرة تجارة المخدرات والكبتاغون وتوزيعها ونشرها، وظاهرة السرقات، التي نعيشها يوميا في كل أنحاء البلاد، ثم ظاهرة (القوادون) التي تتنامى كوباء، وتحول أجساد الشابات إلى سلعة والأهم هنا ، هو أن هذا الصنف من الناس، الذي تنامى خلال الحرب، لايفرق بين الجميل والرديء، بل أن هدفه (في السيناريو) كان استهداف الجميل في حياتنا، الذي تمظهر في (الحكيم)، فسرقوا موبايل حفيدته ودبوا الرعب في بيته الذي يطمئن إليه الناس، ثم قاموا باختطافها لزجها في سوق العاهرات !
تخطو الكاتبة ديانا جبور خطوة جديدة في سيناريو (الحكيم)، فبعد أن ذهبت في (خريف العشاق)، إلى موضوعات لم تطرح من قبل، أو أن الكتاب ينأون عنها، تقدم الآن مشروعها الجديد (سينمائيا)، لتنبه إلى (أخطار ظواهر مابعد الحرب) ، التي تنهش المجتمع ، فتضرب أخلاقه وقيمه وتشكل سيلا من الفساد يتنامى ويضرب بلا رحمة.
قدمت نصها، وكأنه مكتوب للفنان الكبير دريد لحام، فثمة مفارقات وعبارات تذكر بأدوار قدمها، ولا يؤخذ على السيناريو، إلى نهايته (الواقعية الاشتراكية)، التي لم تعد السينما تشتغل عليها، فقد انتهى بهزيمة الفساد ورحيله من دون محاسبة، والغريب أن الناس عادوا إلى حياتهم المنتجة، وعاد الجميل كما كان!
ولن أدخل هنا في مجال ماطرح، عن تشاركية السيدة ديانا مع زوجها المخرج باسل الخطيب، فما يهمنا هنا هو المنجز والمحتوى في شكله ومضمونه، فالانسجام واضح بينهما، وأيا كانت علاقة الكاتب بالمخرج بالممثلين ببقية طاقم العمل، فإننا أمام منجز جديد في السينما ناجح في مضمونه ، وقد ركز الحضور على الظهور السينمائي الأخير للفنان الراحل محمد قنوع، الذي قال عنه المخرج باسل الخطيب في كلمته، إنه كان يسأله باستمرار: متى نشاهد فيلم الحكيم؟
كان ظهور الفنان الراحل أقل سوية مما نتوقع، فظهوره المميز في مسلسل (العربجي)، كان قفزة نوعية في أدواره، أما في فيلم (الحكيم) ، والدور النمطي الذي أسند إليه، فقد كان عادياً إذا لم نقل سيئاً ، رغم رمزية الشخصية في سياق الأحداث.
والغريب في احتفالية العرض الخاص لفيلم (الحكيم) هو حجم الحضور، فإذا كان الافتتاح أقل من المتوقع، فهذا يعني أن السينما ليست بخير، وأن على المؤسسة العامة للسينما أن تعيد تقييم العلاقة مع الجمهور والمشاهد، ولا يتم ذلك بمجرد الاستمرار بالإنتاج، وإنما بالبحث عن سوق هذا الانتاج، وآليات التلقي عند الناس، ومن يذكر التظاهرة الكبيرة في السينما السورية ، التي أحدثها الفيلم الأول للفنان دريد لحام (عقد اللولو) ، حيث بيعت البطاقات في السوق السوداء وقتها، يستغرب الآن لماذا يتراجع هذا الحشد رغم أن الدعوة مجانية وأن مكان العرض هو الأوبرا التي تتسع لأضعاف من حضر.